وسط منافسة وتوقعات كبيرة من الجمهور والنقاد على حد سواء

دراما رمضان 2026.. موسم اختبار النجومية وصعود الوجوه المألوفة

دراما رمضان 2026.. موسم اختبار النجومية وصعود الوجوه المألوفة

يشهد موسم دراما رمضان 2026 تحولًا لافتًا في خارطة النجوم، مع بروز عدد من الفنانين ليشهد أولى تجاربهم بالبطولة المطلقة، بعد سنوات من النجاح في أدوار مساندة أو خارج السباق الرمضاني، حيث تتجه الأنظار إلى وجوه مألوفة تعتلي للمرة الأولى قمة التترات، وسط منافسة وتوقعات كبيرة من الجمهور والنقاد على حد سواء.

تعود الفنانة هنا الزاهد إلى الشاشة الرمضانية بعد غياب دام أربعة مواسم، لتخوض أولى بطولاتها المطلقة، وذلك عقب نجاحها في أعمال درامية خارج الموسم الرمضاني، أبرزها "إقامة جبرية" و"سيب وأنا سيب"، ما جعل عودتها محط أنظار المتابعين.
فيما يطل النجم ماجد المصري لأول مرة كبطل درامي في رمضان من خلال مسلسل "أولاد الراعي"، مستكملًا صعوده اللافت بعد أدائه المميز في مسلسل "إش إش" الذي عُرض في موسم 2025، وأعاد تسليط الضوء على قدراته التمثيلية.
أما الفنان ماجد الكدواني، فيخوض غمار المنافسة الرمضانية في أول بطولة درامية له خلال هذا الموسم بمسلسل "سنة أولى طلاق"، وهو عمل يجمع بين الكوميديا والدراما الاجتماعية، ويأتي بعد نجاحه الكبير في مسلسل "موضوع عائلي"، الذي رسّخ مكانته كأحد أبرز نجوم الشاشة.
لكن المفاجأة الكبرى هذا العام، تأتي من الفنان الصاعد كزبرة، الذي يقفز من خانة "ضيف الشرف" في رمضان الماضي، إلى موقع البطولة المطلقة في مسلسل جديد من تأليف ولاء الشريف وإخراج عبدالرحمن أبو غزالة، عن قصة من توقيع تامر محسن. 
موسم رمضان 2026 لا يقتصر على كونه سباقًا دراميًا كالمعتاد، بل يمثل نقطة تحول في المسيرة المهنية لعدد من الفنانين الذين قرروا أن يخطوا خطوة جديدة نحو النجومية المطلقة. فهل تنجح هذه التجارب في كسب ثقة الجمهور وتقدير النقاد؟ 

رامي عبد الرزاق
يرى الناقد المصري رامي عبد الرزاق أن اتجاه بعض الفنانين نحو خوض تجربة البطولة المطلقة، خصوصًا في موسم دراما رمضان، يمثل تحديًا حقيقيًا، مشيرًا إلى أن هناك ارتباطًا شرطيًا بين الجمهور وأسماء النجوم، وهو ما لا يخدم صناعة الدراما على المدى البعيد.
ويقول رامي عبد الرزاق لموقع "القاهرة الإخبارية": "للأسف الشديد، أصبح هناك ارتباط كبير بين الجمهور ونجومية الأسماء، في حين أن العلاقة الأصلية يجب أن تكون بين المشاهد والقصة، أو بينه وبين الكاتب والمخرج. هذا كان حال الدراما في السابق، حين كانت أسماء مثل أسامة أنور عكاشة أو يحيى العلمي كفيلة بجذب الجمهور دون النظر إلى الأبطال".
ويضيف: "التغيرات التي طرأت على الصناعة خلال العشرين أو الثلاثين عامًا الماضية أدت إلى تراجع هذه المعايير، وأصبح الجمهور مرتبطًا بالنجوم أكثر من ارتباطه بالمحتوى، وهو ما أضاف سلبيات كثيرة على المشهد الدرامي".
ويعتبر عبد الرزاق أن تجربة الممثلين في أولى بطولاتهم المطلقة ليست فقط مغامرة فنية، بل رهان تسويقي أيضًا، موضحًا أن توقيت عرض المسلسل وطريقة تسويقه، إلى جانب مدى جاذبية الموضوع، كلها عوامل ستحدد مصيره.
ويتابع: "في بداية رمضان، الجمهور عادة ما يتجه لمسلسلات النجوم، ولكن الذائقة الحقيقية تبدأ بالظهور لاحقًا، حيث تنجذب المشاهدة تلقائيًا نحو الموضوعات الأقوى. على سبيل المثال، مسلسل ‘العتاولة 2’ لم يحقق نفس النجاح الذي حققه الجزء الأول، رغم مشاركة نجوم كبار، لأن الموضوع لم يكن بالجاذبية نفسها".
ويطرح عبد الرزاق تساؤلات حول قدرة بعض الفنانين على تقديم أنفسهم بشكل جديد، متسائلًا: "على سبيل المثال هل سيكرر ماجد المصري الأدوار التي اعتاد تقديمها، أم سيغير جلده بالكامل؟ وهل يستطيع فنانون آخرون إثبات أنفسهم خارج عباءة الأدوار الثانية؟".
ويختم بالقول إن الموسم الرمضاني الحالي سيكون اختبارًا حقيقيًا لعدد من الوجوه التي تخوض تجربة البطولة للمرة الأولى، مضيفًا أن "اختيار الموضوع المناسب هو الفيصل في نجاح أو إخفاق هذه التجارب". 

لا وجود للبطل الأوحد
تقول الناقدة سامية حبيب لموقع "القاهرة الإخبارية" إن مفهوم البطولة في الأعمال الدرامية يحمل أكثر من معنى، موضحةً أن البطولة لا تقتصر فقط على مَن يؤدي الدور الرئيسي أو يتصدر التترات، بل تمتد لتشمل كل من يترك أثرًا في السياق الدرامي، حتى وإن لم يكن في صلب الحدث.
وتضيف: "قد يكون هناك بطل أو بطلة يتصدر المشهد، لكن في كثير من الأحيان نجد ممثلين في أدوار مساندة يساهمون بفاعلية في دفع الأحداث وتشكيل مسار القصة، ويؤدون أدوارهم بتميّز لا يقل أهمية عن البطولة المطلقة. فلا وجود لما يسمى بـ"البطل الأوحد" في الدراما، فكل شخصية تتفاعل مع الحدث وتؤثر فيه، سواء بالسلب أو الإيجاب، ما يجعل العمل في جوهره مجهودًا جماعيًا".
وترى "حبيب" أن الاعتماد المفرط على "اسم النجم" لتحمّل مسؤولية العمل هو أحد سمات الوقت الراهن، لكنه لا يعكس الحقيقة الكاملة، قائلةً: "الدراما صناعة جماعية، لا تكتمل عناصرها إلا بتكامل جميع الأدوار، من الممثلين في الصفوف الأولى وحتى العاملين خلف الكاميرا.
 فكل تفصيلة، وكل أداء، وكل عنصر فني يساهم في نجاح العمل. وبالتالي، فإن تصدّر نجم معين للبطولة لا يعني بالضرورة أنه الوحيد القادر على ضمان النجاح، بل هو جزء من منظومة متكاملة".
وتختم الناقدة حديثها بالتأكيد على أن النجاح الفني لا يتحقق فقط بحجم الدور أو شهرة الممثل، بل بتكامل الرؤية الفنية، وقوة النص، وإخلاص الفريق كله للعمل.
دور الكتابة
فيما تقول الناقدة صفاء الليثي لموقع "القاهرة الإخبارية": "كثير من الجمهور يرتبط بمشاهدة الأعمال الدرامية بناءً على اسم النجم فقط، إذ يقال غالبًا "سنري مسلسل فلان أو فلانة"، دون الالتفات في البداية إلى من كتب العمل أو من أخرجه".
وتؤكد أن الأمر، حين يتعلق بالدراما التلفزيونية تحديدًا، يختلف، إذ ترى أن الكاتب هو البطل الحقيقي للعمل، مشيرة إلى أننا لا زلنا نطلق على أعمال بعينها اسم كاتبها، مثل "مسلسلات أسامة أنور عكاشة".
وتضيف: "حتى في وقتنا الحالي، هناك كتّاب أصبحوا يحملون ثقلًا فنيًا لدى الجمهور، مثل عمرو محمود ياسين ومحمد سليمان عبد الملك، وبات الجمهور المثقف على الأقل ينسب الأعمال إلى كتابها. وهذا يدل على وعي متزايد بأهمية عنصر الكتابة كركيزة أساسية في نجاح أي عمل درامي".
وتشدد أيضًا على أهمية المخرج في صناعة الدراما، قائلة: "عندما نسمع أن العمل من إخراج تامر محسن أو محمد ياسين، فإننا تلقائيًا نكون توقعًا إيجابيًا، حتى وإن لم يكن أبطاله من نجوم الصف الأول. لأن هذه الأسماء تملك القدرة على توظيف الممثلين في أدوار مناسبة، وصناعة حالة درامية متكاملة".
وتضرب مثالًا بالفنان دياب، الذي برز في دور ثانوي بمسلسل "قلبي ومفتاحه"، حيث قدّم أداءً لافتًا، كان نتيجة رؤية إخراجية مميزة وسيناريو مكتوب بعناية من قِبل تامر محسن، مضيفة: "لو أسندت لدياب بطولة مطلقة بشخصية مكتوبة بإتقان، ومع مخرج يعرف كيف يوجهه، من المؤكد أنه سينجح. لأن النجاح في النهاية لا يتوقف على حجم الدور، بل على مدى ملاءمته للفنان، وعلى جودة النص والرؤية الإخراجية".
وتختتم صفاء الليثي حديثها بالتأكيد على أن أي ممثل، حتى وإن كان معتادًا على الأدوار المساندة، يستطيع تحقيق نجاح كبير في دور البطولة، شرط أن يُمنح سيناريو جيد، ويعمل تحت إدارة مخرج قادر على إبراز طاقاته بعيدًا عن التكرار والنمطية.