دونباس.. «محور حاسم» في مفاوضات إنهاء الحرب الأوكرانية

دونباس.. «محور حاسم» في مفاوضات إنهاء الحرب الأوكرانية


أفادت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية أن إقليم الدونباس، الذي يضم منطقتي دونيتسك ولوهانسك، أصبح محور أي محادثات سلمية محتملة لإنهاء الحرب بين أوكرانيا وروسيا.
وقالت الصحيفة في تحليل إن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يعتبر هذا الإقليم قضية شخصية، وذكرت أن جده شارك في تحرير مدن دونباس من النازيين خلال الحرب العالمية الثانية، مشيرة إلى أن التنازل عن هذه الأراضي يشكل بالنسبة له «لحظة مؤلمة بشكل خاص في تاريخ أوكرانيا».
وقالت الصحيفة أيضاً إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يطالب بالسيطرة الكاملة على دونباس، بما في ذلك المناطق التي لا تزال تحت سيطرة كييف، حيث يعيش أكثر من 200 ألف أوكراني في مدن مثل كراماتورسك وسلوفيانسك. 
وكما ترى الصحيفة، فإن بوتين استخدم هذا الإقليم تاريخياً كأداة سياسية للضغط على الحكومة الأوكرانية، مستغلاً التمرد الانفصالي المدعوم روسياً قبل الحرب عام 2022، في محاولة لمنع أوكرانيا من الاقتراب أكثر من الغرب، والانضمام إلى الناتو.
وأفاد التحليل أيضًا بأن أي تنازل أوكراني عن الأراضي سيكون محاطًا بصعوبات داخلية، إذ تظهر استطلاعات الرأي أن غالبية الأوكرانيين ترفض التنازل عن أراضيها، ويمنع الدستور الأوكراني رسمياً أي تنازل. 
وقال إن هذا يجعل زيلينسكي في مواجهة بين الرغبة في تحقيق سلام محتمل والضغط الشعبي والسياسي في الداخل، مضيفة أن أي اتفاقية تتضمن تنازلات ستحتاج إلى ضمانات أمنية قوية من الغرب، بما في ذلك احتمالية نشر قوات أوروبية ودعم جوي أمريكي، لضمان عدم تعرض أوكرانيا لهجوم روسي مستقبلي.
وذكرت الصحيفة أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عرض فكرة تبادل الأراضي، موضحاً أن روسيا قد تضطر للتنازل عن بعض الأراضي التي تحتلها في شمال شرق أوكرانيا، لكنها لا تشمل إقليم دونباس بأكمله. 
وقالت إن هذه المقترحات كانت محل جدل في كييف، حيث يعتقد محللون أن روسيا تسعى إلى استغلال أي اتفاق لتقويض موقف زيلينسكي سياسياً، وإضعاف دعم الشعب له.
وكما ترى فإن تاريخ الصراع في الدونباس مليء بالمأساة والخسائر البشرية، فقد بدأت التوترات بعد استقالة الرئيس الموالي لموسكو، فيكتور يانوكوفيتش، في عام 2014، عندما استولت روسيا على شبه جزيرة القرم ودعمت حركات انفصالية في الدونباس، ما أدى إلى نزاع منخفض الحدة استمر لسنوات قبل أن تتحول الأمور إلى حرب واسعة النطاق في 2022. 
ويرى التحليل أن دونباس لم يعد يُنظر إليه كمنطقة موالية لروسيا بالكامل، إذ إن الصراع الطويل والدمار المستمر قد غيّر المشهد السياسي والاجتماعي هناك.
وحاول زيلينسكي، الذي تولى الرئاسة في 2019، في البداية التفاوض على «وضع خاص» للدونباس لإنهاء الحرب، لكنه سرعان ما أدرك أن التوصل إلى اتفاق مع موسكو شبه مستحيل، ما دفعه لتبني موقف أكثر صلابة والسعي لاستعادة الأراضي بالقوة العسكرية، بحسب التحليل.
 لكن المعارك الأخيرة في مدينة باخموت تظهر كيف أن أوكرانيا كانت «تتبادل الأرض بحياة الجنود الروس»، في محاولة لإبطاء التقدم الروسي وتأمين مواقع استراتيجية مهمة.
وأشارت الصحيفة إلى أن أي تقدم في المفاوضات يعتمد بشكل رئيسي على قدرة المجتمع الدولي على تقديم ضمانات أمنية قوية لأوكرانيا، مضيفة أن روسيا ما زالت مصرة على منع أوكرانيا من الحصول على حماية غربية فعلية، وهو ما يجعل احتمالات التوصل إلى سلام وشيك محدودة. 
وكما ترى الصحيفة، فإن كل المؤشرات الحالية تشير إلى أن القتال قد يستمر، وأن مستقبل الدونباس سيظل العامل الأكثر حساسية وحسماً في أي اتفاق محتمل للسلام.