«الاستنكار» كان واضحاً في خطابات زعماء العالم

روسيا لا تسلم من «غضب الحلفاء» بسبب حرب أوكرانيا

روسيا لا تسلم من «غضب الحلفاء» بسبب حرب أوكرانيا


ذكرت صحيفة “بوليتيكو” أن روسيا لم تَسلم حتى من “غضب الحلفاء” بسبب حربها على أوكرانيا، مشيرة إلى أن “الاستنكار” كان واضحاً في خطابات زعماء العالم والبرنامج الهزيل لموسكو في اجتماعات الأمم المتحدة التي بدأت أعمالها الأربعاء.
وأشارت الصحيفة إلى أنه عندما اعتلى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف المنصة في الجمعية العامة للأمم المتحدة السبت، كان هو وبلاده قد فقدا بالفعل الكثير من الجمهور المؤيد. فخلال الاجتماع السنوي للمنظمة الدولية، أعرب زعماء عالميون، واحداً تلو الآخر، عن انزعاج عميق، إن لم يكن إدانة صريحة للحرب الروسية في أوكرانيا. حتى أن بعض الدول التي ظلت صديقة للكرملين، دعت إلى وقف إطلاق النار أو طرق أخرى لإنهاء الأزمة. وكان من الصعب على هذا الحدث العالمي السنوي أن يفوت الاستياء المتزايد من روسيا. وقال دبلوماسي أمريكي رفيع المستوى للصحيفة إن بعض المسؤولين الأجانب رفضوا الدعوات الروسية للاجتماع على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع الماضي بسبب “المشاهد الصادمة” في أوكرانيا.

تحوّل في اللهجة
ورأت الصحيفة أن هذه المواقف “تعدّ تحولاً كبيراً في اللهجة أكثر من أي شيء ملموس يمكن أن يضيف ضغطاً على الكرملين، اقتصادياً أو عسكرياً. وبدا أن لافروف، على سبيل المثال، يدرك ذلك، ومع ذلك لم يتراجع الدبلوماسي المخضرم عن خطابه».
وأصرّ لافروف على أن حرب بلاده في أوكرانيا كانت عادلة، وأن موسكو كانت تدافع عن نفسها وعن المتحدثين الروس المقيمين في أوكرانيا ضد “نظام النازيين الجدد” في كييف. وانتقد لافروف دور الولايات المتحدة “كقوة مهيمنة” تقوّض القواعد العالمية التي تدعي التمسك بها، قائلاً: “أذكر دولة تدخلت فيها واشنطن بالقوة، وتحسنت الحياة نتيجة لذلك».
 تحدٍ لا يغيّر الواقع
واعتبرت “بوليتيكو” أنه رغم هذه التصريحات، فإن تحدي لافروف لا يغير الواقع المزعج لروسيا الذي يتزايد وضوحاً، والمتمثّل في أن بعض حلفائها المخلصين يشككون في الحكمة من حربها في أوكرانيا، والتي تسببت بسلسلة من الخسائر الإقليمية الكبيرة لروسيا في الأيام الأخيرة.
وكان التحوّل في اللهجة واضحًا حتى في الأيام التي سبقت اجتماع زعماء العالم في الأمم المتحدة.
فخلال قمة منظمة شنغهاي للتعاون في أوزبكستان في وقت سابق من هذا الشهر، التقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالزعيم الصيني شي جين بينغ ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي.
 واعترف بوتين بأن شي جين بينغ، الذي يمكن القول إن أمته أهم صديق لروسيا، أثار “أسئلة ومخاوف” بشأن حرب أوكرانيا. في غضون ذلك، ورد أن رئيس الوزراء الهندي أبلغ بوتين أن “العصر اليوم ليس عصر حرب” ، وهو ما اعتبره البعض توبيخاً دقيقاً.

منبر للتعبير عن الإحباط
وتزامنت هذه التصريحات بالصدفة البحتة، مع أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة التي وفرت للمزيد من البلدان “الغاضبة” منبراً للتعبير عن إحباطها.
وقالت الصحيفة: “لم ترغب بعض البلدان في تجنّب موضوع أوكرانيا، لا سيما تلك التي تعاني نقص الغذاء والطاقة، وارتفاع الأسعار الناتج عن الحرب، فضلاً عن تغير المناخ ووباء كورونا».
ولم يكن غياب بوتين عن الجمعية العامة “مفاجأة”، لكنه أثار قلق المجتمعين بإعلانه الأربعاء، أنه يحشد مئات الآلاف من القوات الإضافية، ويدعم الاستفتاءات لضم بعض الأراضي الأوكرانية، وربما يستخدم الأسلحة النووية في جهوده لهزيمة كييف. وقد أثار التهديد الأخير باستخدام النووي على وجه الخصوص، غضب العديد من القادة الأجانب، واستدعى ردًا قويًا بشكل خاص من الدول المتحالفة مع الولايات المتحدة التي دعمت أوكرانيا منذ البداية.

تحوّل نحو خطوات أكثر جدية
واعتبر مسؤولون ومحللون أنه في عالم الدبلوماسية، غالباً ما تكون التحوّلات في اللهجة والكلام خطوات حاسمة نحو خطوات أكثر جدية، بما في ذلك تقليص العلاقات الاقتصادية.
وقال جوناثان كاتز، الزميل البارز في صندوق مارشال الألماني للولايات المتحدة: “من الصعب للغاية إقناع الدول بتغيير مسارها دبلوماسياً، خاصةً عندما يكون لديها مصلحة مباشرة أو علاقات حالية أو طويلة الأمد. لكن يبدو أننا شهدنا تحولاً كبيراً في هذا المجال». بدوره، أشار تشارلز كوبشان، المسؤول السابق في مجلس الأمن القومي الأمريكي، إلى أن بوتين لا يواجه المزيد من السخط العالمي فحسب، بل يواجه ايضاً غضباً متزايداً في الداخل بسبب ما لا يزال يسميه “عملية عسكرية خاصة». وأضاف “يخرج المزيد من الروس إلى الشوارع للاحتجاج على الحرب، كما يغادر كثيرون البلاد تجنباً للخدمة العسكرية».

جدول هزيل
ورغم أن لافروف عقد اجتماعات جانبية أيضاً، إلا أن جدوله كان هزيلاً نسبياً. وكان مندوبو الدول الذين التقوا لافروف من البلدان التي تربطها علاقات سيئة مع واشنطن على غرار كوبا.
كما بدا لافروف عازماً على تجنّب المواجهات المباشرة مع نظرائه الأمريكيين والأوكرانيين.
 فخلال اجتماع كبير لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن أوكرانيا يوم الخميس، حضر لافروف فقط ليدلي بتصريحاته، قبل أن يغادر بسرعة. وقال مسؤولون أمريكيون إن هذا مجرد دليل إضافي على عزلة روسيا المتزايدة.