رئيس الدولة ونائباه يهنئون رئيس المجلس الرئاسي الليبي بذكرى استقلال بلاده
زخم سياسي هندي حيال تايوان
اعتبر روب نارايان داس، مسؤول سابق في أمانة مجلس الشعب الهندي وباحث تايواني في جامعة تشونغ هسينغ القومية، زيارة المُشرِّع الهندي سوجيت كومار الحالية الممتدة لعشرة أيام إلى تايوان تطوراً بارزاً في سياق العلاقة بين نيودلهي وتايبه.
فقد امتنعت الهند عن إرسال وفد برلماني رسمي إلى تايوان بسبب سياسة “صين واحدة” التي تتبناها الأخيرة، والتي يلقي العالم كله بظلال الشك عليها، بما في ذلك الطيف السياسي في الهند.
وقال نارايان داس في مقال بصحيفة “تايبه تايمز” في موقعها على الإنترنت: “رغم أن كومار يزور تايوان بصفةٍ شخصية، فزيارته تحمل في طياتها زخماً سياسياً كبيراً، فهو لا ينتمي إلى حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم، وإنما إلى الحزب السياسي الإقليمي بيجو جانتا دال. ورغم أن هذا حزب معارض، فلطالما قدَّمَ دعماً بنّاءً للحكومة الهندية».
ويُعدُّ كومار عضواً بارزاً وخطيباً مفوهاً في مجلس شيوخ البرلمان الهندي وعضواً في اللجنة البرلمانية الدائمة للشؤون الخارجية. ودرسَ في جامعة هارفارد، وعملَ في القطاعات المؤسسة في الخارج. وهو أيضاً مؤسس نادي فورموسا وعضو فيه، ومشارك في التحالف البرلماني الدولي بشأن بالصين.
ولا شك بأن صوت كومار ليس الوحيد في الطيف السياسي الهندي. فعلى مرّ السنين، وخاصّة منذ أن تقلّدَ رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي منصبه عام 2014، كان هناك احتكاك سياسي بين الجانبين، ولو أنه كان رمزيّاً.
وعندما تأسست جمهورية الصين الشعبية، كانت الهند الدولة الثانية الوحيدة خارج الكتلة الاشتراكية التي تعترف بالنظام الشيوعي في بكين. ولم يَرُق قرار جواهر لال نهرو، رئيس الوزراء الهندي آنذاك، بأن تعترف دولة ديموقراطية كالهند بنظام شيوعي وتأييد عضويته في الأمم المتحدة، لبعض المُشرعين الهنود أبناء الرعيل الأول لحزب بهاراتيا جاناتا. فقد انتقد وزير الخارجية الأسبق فيجاي جوخالي في كتابه “لعبة النفس الطويل: كيف تتفاوض الصين مع الهند” حكومة نهرو لإهمالها المصالح الاستراتيجية المشروعة، بما في ذلك في التبت وتايوان.
وتعتقد بعض قطاعات الدوائر الأكاديمية الهندية والمثقفين الهنود أن نهرو أراد أن تظل صفحته ناصعة في التاريخ الهندي، وأن ينال الشهرة الدولية دون أن يُؤمِّن مصالح الهند.
يقول نارايان داس: “لاحظت هذا النقد بين المُشرعين الهنود في دراستي للنقاشات الدائرة في البرلمان الهندي بعد الحرب الصينية-الهندية عام 1962».
وخلال نقاش دار حول العلاقات الهندية-الصينية بتاريخ 3 أغسطس (آب) 1950، ردَّدَ نهرو دعوته إلى إلحاق الصين بمنظمة الأمم المتحدة قائلاً: “نتيجة لعدم انضمام الصين إلى الأمم المتحدة، ووجود ممثل حزب الكومينتانغ القديم “الحزب القومي الصيني” هناك، يعلم البرلمان أن الاتحاد السوفيتي وبعض الدول الصديقة انسحبت من العديد من أجهزة منظمة الأمم المتحدة، وأهمها على الإطلاق مجلس الأمن».
وقد شكَّكَ بعض الأعضاء اليمينيين في الأحزاب السياسية في قرار الهند إذ مارست ضغوطاً من أجل قبول الصين في منظمة الأمم المتحدة في مرحلة مبكرة. وحتى أعضاء المؤتمر الوطني الهندي المُخضرمين انتقدوا غارات الصين على التبت وفيتنام، ومحاولتها غزو تايوان.
مواقف أكثر تصلباً
وخلال السنوات القليلة الماضية، أمست مواقف المُشرعين الهنود تجاه الصين أكثر صلابة وتشدداً من قبل، وتجاوزت الأحزاب الهندية.
وفي ديسمبر (كانون الأول) 2018، جاء في تقرير للجنة الشؤون الخارجية التي يترأسها المُشرِّع الهندي شاشي ثارور ما يلي: “من دواعي قلق اللجنة أنه حتى عندما تتحلى الهند بالحذر صراحةً تجاه حساسية الصين حيال تايوان والتبت، لا تُظهر الصين الاحترام ذاته في تعاملها مع المخاوف المتعلقة بالسيادة الهندية... وترى اللجنة أن على الحكومة التفكير في اللجوء إلى جميع الخيارات المطروحة، بما في ذلك إقامة علاقات مع تايوان كجزء من هذا النهج».
وبالنظر إلى أن تقارير لجنة البرلمان الهندي بالغة الدقة عادةً، فالملاحظة الواردة في التقرير جريئة وثورية.
وفي مناسبة أخرى من التواصل السياسي مع تايوان، شارك عضوان كبيران في البرلمان ينتميان إلى حزب بهاراتيا جاناتا في احتفالية التنصيب الافتراضي للرئيس تساي إنغ ون في مايو (أيار) 2020.
ومما يبشر بالخير، برأي نارايان داس، أنه عندما شكَّ العالم أجمع على نحو مُتزايد في مبدأ “صين واحدة” المزعوم الذي تروج له بكين، الأمر الذي يتجلى في التواصل البرلماني المُتزايد بتايوان، من الممكن أن تُمهد زيارة كومار لحقبة سياسية جديدة في العلاقة الثنائية بين البلدين الديموقراطيين الكبيرين.
وأكد الكاتب أنه يتعين على بكين أن تفهم أن التواصل البرلماني مُستقل عن العلاقات التنفيذية أو العلاقات الدولية بين البلدين. تمدُّ زيارة كومار جسوراً سياسية بين الهند وتايوان تقتضي الضرورة نقلها إلى الحوار بين الوفود البرلمانية بين المجلسين التشريعين للبلدين.
واختتم الكتاب مقاله بالقول: “في بلد يضج بالديمقراطية كالهند التي يضمن دستورها حرية التعبير داخل البرلمان وخارجه، لا ينبغي أن تتوقع الصين من الحكومة الهندية أن تحدُّ من الحقوق الدستورية لأعضاء البرلمان».