رئيس الدولة يؤكد دعم الإمارات لتسوية النزاعات والتحديات في العالم عبر الحوار والحلول الدبلوماسية
زيلينسكي يواجه «العدو الداخلي الأول» لأوكرانيا
سلط الكاتب والمحلل السياسي ماكس أبوت في مقال جديد الضوء على ما وصفه أندريه بوروفيك المدير التنفيذي لمنظمة الشفافية الدولية في أوكرانيا “العدو الداخلي الأول: الفساد”، الذي يواجهه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بيد من حديد.
ويقول أبوت بحسب صحيفة “واشنطن بوست” ، إنه قد يكون العدو داخلياً، لكن القضية لها تداعيات خطيرة على العلاقات الدولية لأوكرانيا.
ففي الولايات المتحدة مثلاً، غالباً ما يستشهد النقاد الجمهوريون لأوكرانيا بالفساد كسبب لعدم منح كييف “شيكاً على بياض”، لكن القادة الأوكرانيون يدركون أنهم يعتمدون بشكل شبه كامل على المساعدات الخارجية ويدركون تماماً الضرر الذي يمكن أن تسببه أي فضيحة لمستقبل بلادهم.
في الأسابيع الأخيرة، يشير الكاتب إلى ما اتخذته حكومة زيلينسكي من إجراءات ضد عدد من كبار المسؤولين الذين اتهموا بارتكاب مخالفات، حيث تم طرد نائب وزير الدفاع فياتشيسلاف شابوفالوف واعتقاله بعد أن أفاد موقع إخباري أوكراني بأن القوات المسلحة تدفع ضعف وثلاثة أضعاف أسعار السوق للأطعمة مثل البيض والبطاطس. وكانت وظيفة وزير الدفاع أوليكسي ريزنيكوف أيضاً في خطر من الفضيحة، حيث اتهم بالتراخي في الإدارة بدلاً من الفساد، لكنه نجا في الوقت الحالي.
فساد كبير
كما تم طرد نائب وزير البنية التحتية فاسيل لوزينسكي، ووضعه قيد الإقامة الجبرية بعد أن ادعى المدعون أنه تلقى رشوة بقيمة 400000 دولار فيما يتعلق بشراء مولدات كهربائية تحتاجها أوكرانيا بشدّة للتعافي من الهجمات الروسية على بنيتها التحتية الكهربائية.
والأكثر أهمية، بحسب أبوت، كانت الاستقالة القسرية لنائب رئيس أركان زيلينسكي، كيريلو تيموشينكو، إذ ورد أنه استولى على سيارة دفع رباعي تبرعت بها “جنرال موتورز” لأغراض إنسانية لاستخدامه الشخصي، وقد شوهد يقود سيارة بورش جديدة، تكلف حوالي 100000 دولار، والتي تخص رجل أعمال بارز. كما تم إقالة العديد من الحكام الإقليميين المقربين من تيموشينكو، الذين أشرفوا على السياسة الإقليمية.
ويضيف الكاتب، أنه ربما كانت أهم خطوة على الإطلاق هي الغارة التي شنتها قوات الأمن الأوكرانية في الأول من فبراير (شباط) الجاري في منزل الملياردير الأوليغارشية إيغور كولومويسكي، أحد أكثر مؤيدي زيلينسكي نفوذاً وصاحب شبكة التلفزيون التي جعلت زيلينسكي نجماً من خلال بث مسلسله الكوميدي “ خادم الشعب».
كان كولومويسكي الحاكم الإقليمي السابق، قد وُضع تحت العقوبات الأمريكية في عام 2021 بسبب تورطه المزعوم في “فساد كبير”، لكنه كان يعتبر غير قابل للمس في أوكرانيا، حتى الآن. ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح ما إذا كان سيتم اتهامه بأي جرائم.
مشكلة خطيرة
ولا يزال الفساد يمثل مشكلة خطيرة في أوكرانيا، لكن منظمة الشفافية الدولية تشير إلى إحراز تقدم حقيقي في السنوات الأخيرة. لا يزال يتم تقييم أوكرانيا على أنها أكثر فساداً من جارتيها بولندا ورومانيا، لكنها أقل فساداً بكثير من روسيا التي يدفع جيشها سيئ القيادة والمجهز جيداً ثمن الكثير من التكهنات رفيعة المستوى.
وتظهر الدراسات الاستقصائية أن عدد الأوكرانيين الذين أبلغوا عن دفع رشوة في العام السابق انخفض من 27% في عام 2013 إلى 19% في عام 2021.
ويقول المدير التنفيذي لمنظمة الشفافية الدولية، إن التقدم مستمر منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية في 24 فبراير الماضي، وتعد أوكرانيا واحدة من الدول القليلة في العالم التي حسنت درجة الفساد فيها خلال العام الماضي، وتعجب من أنه حتى في الأشهر القليلة الأولى من الحرب، عندما كانت كييف في خطر الانهيار، استمرت محاكم مكافحة الفساد في العمل في العاصمة.
ومن المفارقات كما يقول الكاتب، إن المحاولات الأوكرانية لاجتثاث الفساد لا تؤدي إلا إلى رفع القضية في الغرب، وتوفير مزيد من العلف للمنتقدين الجمهوريين للمساعدات الأمريكية لأوكرانيا.
ففي الواقع، يقول المسؤولون الأمريكيون والأوروبيون، إنهم لم يجدوا أي دليل على سحب أي مساعدات أجنبية في أوكرانيا، لكن الولايات المتحدة لديها تجربة مؤلمة في الماضي القريب مع كيفية إساءة استخدام المساعدات الأمريكية لحليف محاصر.
قوانين ضد الفساد
ففي أفغانستان، كما أوضحت سارة شايس في كتابها “لصوص الدولة: لماذا يهدد الفساد الأمن العالمي”، ساعد الفساد المتفشي الذي يغذيه الإنفاق الأمريكي على تقويض الدعم الشعبي لنظام كابول. ولا يمكن السماح للتاريخ بتكرار نفسه في أوكرانيا، وهو ليس كذلك حتى الآن.
بدأت المعركة ضد الكسب غير المشروع في أوكرانيا بشكل جدي في عام 2014 بعد أن أطاحت ثورة الكرامة بالرئيس الموالي لروسيا فيكتور يانوكوفيتش.
وأنشأ البرلمان الأوكراني مؤسسات جديدة لمكافحة الفساد مثل المكتب الوطني لمكافحة الفساد، ومكتب المدعي العام المتخصص لمكافحة الفساد، والمحكمة العليا لمكافحة الفساد بمساعدة الحكومات الغربية، وبحسب إحصاء واحد، أصدرت أوكرانيا 127 قانوناً ضد الفساد منذ عام 2015.
والآن، يبدو أن زيلينسكي يجعل المعركة ضد الكسب غير المشروع أولوية مرة أخرى، بحسب أبوت الذي أشار إلى أن القائد الأوكراني لا يتسامح مع المسؤولين الذين يبطون جيوبهم في الوقت الذي تقاتل فيه أوكرانيا من أجل بقائها، وقد ضحى عشرات الآلاف من الأوكرانيين بحياتهم من أجل البلاد.
واختتم الكاتب مقاله بالقول: “إغراء الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي مكّن دول عدة في أوروبا الشرقية التي كانت في يوم من الأيام تحت سيطرة موسكو من تنظيف فسادها، ولن يكون الأمر مختلفاً في أوكرانيا، وفي غضون ذلك، يظهر زيلينسكي أنه جاد في منع الفساد من تقويض المجهود الحربي الأوكراني».