رئيس الدولة يبحث مع وزير الدفاع السعودي علاقات التعاون وتطورات الأوضاع في المنطقة
صحف عربية: عاصفة الانهيارات الخدماتية تهوي بلبنان
تشهد الأوضاع المعيشية في لبنان سوءاً يوماً بعد يوم، إذ باتت البلاد تقف على شفير عتمة شاملة مع تحذير أصحاب المولّدات من تقنين قاسٍ، فيما الدواء مفقود كما المستلزمات الطبية والمحروقات.
ووفقاً لصحف عربية صادرة أمس الاثنين، أشارت مصادر إلى أن لبنان سيشهد أسبوعاً حاسماً وفرصة أخيرى نحو تشكيل الحكومة، في حين اعتبرت أخرى أن استمرارية سقوط لبنان وتخبطه السياسي سيدخله رسمياً في دائرة الدول الفاشلة.
أحوال متدهورة
تساءلت صحيفة النهار اللبنانية قائلة “هل دخل لبنان واقعياً المرحلة الأشدّ قسوة وشراسة وصعوبة في معاناة اللبنانيين جراء الكارثة المتدحرجة في كل الخدمات والبنى الحيوية الأساسية، الآخذة في التراجع والتعطيل والتوقف والانحسار بما لم يشهد لبنان مثيلاً له في أعتى حقبات الحروب والاجتياحات العسكرية الاحتلالية؟».
وأضافت “أنه في اليومين السابقين فقط كان يكفي أي راصد خارجي أو داخلي لعاصفة الانهيارات الخدماتية، أن يدقق في عناوين الغليان الذي انفجر عبر تحركات احتجاجية أو إجراءات تقشفية أو تحذيرات وإنذارات تتصل بتوقف خدمات أساسية، لكي يدرك أن لبنان يهوي بسرعة مخيفة نحو واقع بلد قد تغدو فيه البنى الخدماتية كلها مهددة بالشلل غير المسبوق».
وأشارت إلى أنه سواء كان الأمر يتصل أساساً بـ”محنة” التمويل المتصلة بالاستيراد بالدولار الأمريكي، أو بالفوضى المخيفة المتصلة بالتسعير تبعاً لتموجات الأزمة المالية والمصرفية، أو بوجود مافيات لا يخفى على أحد أنها تحظى حالياً بزمنها الذهبي في زمن الانهيار واندثار الدولة، لأن السلطة لاهية بحرب تصفية الحسابات والإمعان في تعطيل الحكومة التي يمكن أن تشكل خشبة خلاص وإنقاذ من الغرق النهائي، إلا أن كل المعطيات تصب في طاحونة واحدة أخيرة هي أن لبنان يبدو كالآلة التي تتوقف قطعة وراء قطعة.
وأوضحت الصحيفة أن الأسبوع الجاري سيكون أسبوعاً حاسماً بين آخر حظوظ مبادرة بري للإقلاع ومعها الفرصة الأخيرة لتشكيل الحكومة وفق توزيعة الـ 24 وزيراً، وبين مروحة الخيارات الأخرى التي باتت تدور حولها التكهنات بكثافة بدءاً باحتمال اعتذار الرئيس المكلف سعد الحريري، مروراً برفع لواء حكومة الانتخابات وانتهاء باستقالات نواب كتل وازنة من شأنها أن تفتح الباب أمام الانتخابات النيابية المبكرة.
لا وجود لتسوية
وبدورها، قالت صحيفة الشرق اللبنانية “كل شيء في لبنان ينهار، إلا الجدار الفاصل بين المعنيين بعملية إنقاذ البلاد والعباد وانتشالهم من الحفرة التي أغرقوهم فيها جرّاء أدائهم السياسي والاقتصادي والمالي الكارثي على مرّ العقود الماضية، والذي بات مضرب مثل على الصعيد الدولي، عندما يُراد الحديث عن سلطات فاشلة وفاسدة».
وأضافت أن هذا الحائط الذي يُحبَس اللبنانيون وحكومتُهم خلفه، يبدو عصياً على الكسر حتى الساعة، بعد أن تعرّضت آخرُ محاولات خرقه لانتكاسة قوية الأسبوع الماضي مع سقوط مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري وانفجار الخلاف مجدداً بين الفريق الرئاسي، وفريق الرئيس المكلف سعد الحريري.
ولفتت مصادر سياسية مطلعة للصحيفة، إلى أن الاتصالات على الخط الحكومي استؤنفت في اليومين الماضيين، بعيداً عن الأضواء لإحياء مسعى بري.، حيث سُجّل لقاء بين رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل وموفد من حزب الله، خُصّص للبحث في مدى استعداد رئيس تكتل لبنان القوي لتسهيل الحل القائم على حكومة من 24 وزيراً مقسّمين الى ثلاث ثمانيات، غير أن باسيل يبدو رفض حتى قَبلَ الوصول إلى الوزيرين منطقَ حكومة الـ8-8-8، محذراً من أنها “مثالثة مقنّعة”، في كلام من شأنه وضع عقبة جديدة على درب التشكيل الشاق.
انهيار شامل
ومن جهته، قال عبدالوهاب بدرخان في صحيفة الاتحاد إن “تقرير خطير للبنك الدولي في شأن لبنان، لكنه لم يحرّك ساكناً لدى الوسط السياسي، كما لو أنه لم يصدر، أو لم يقرأه سوى خبراء لا صلاحية لهم ولا دور، أما أصحاب القـــــرار فبدَوا متّفقين على تجاهلـــــــه؛ فهو لا يخبرهــــم شـيئاً لا يعرفونه، لكنهم مع ذلك لم يروا فيه ما يحفّزهم على الاستجابة لدرجة الخطورة القصوى التي بلغتها الأزمة».
وأضاف “تطغى مراقبة التفاصيل على الاهتمام بالمعالجات، وكلّها يفسّر ما ذهب إليه التقرير: تضخّم فوضوي هائل يجعل الأسعار فلكيةً، فيما تواصل العملة الوطنية خسائرَها المتسارعة، الغذاء مغامرة يومية للحصول على المواد الأساسية، ندرة الدواء تتزايد أكثر فأكثر، شحّ الوقود يضرب كل القطاعات إلى حدّ أنه ينذر بظلام شامل وشيك، وبتعويقٍ للحياة العامة وإبطاءٍ كبير أو تعطيل لشبكة الإنترنت».
ونوه الكاتب إلى أن يوم تصدّر التقرير عناوين وسائل الإعلام، كان الوسط السياسي يعطي دليلاً جديداً على استعصاء تشكيل حكومة يُفترض أن تنكبّ على الإصلاحات المزمنة المطلوبة، لتمكين لبنان من التعاطي مع صندوق النقد الدولي وسائر المؤسسات الدولية كي تساعده في معالجة أزمته، ولكن، مرةً أخرى تغلّب التقاعس على إرادة الإنقاذ، وباتت المعاندة في تحاصص الوزارات، طائفياً وسياسياً، أقوى من واجب العمل لوقف الانهيار الشامل».
وأشار إلى أن تحالف “حزب الله” وحزب رئيس الجمهورية “التيار الوطني الحر”، يديران الانهيار على كل المستويات، ويراهنان على متغيّرات إقليمية ودولية تمكّنهما من إقامة “نظام لبناني جديد” يكونان محوره على حساب الطوائف والفئات الأخرى.
وأردف قائلاً “إلى عهد قريب، كان لبنان يتطلّع إلى مبادرات خارجية، عربية أو دولية أو مشتركة، لمساعدته على تخطّي أي أزمة كبرى، غير أن الحزبين المستأثرين بالسلطة فرضا نوعاً من العزلة على البلد وهو في أكبر أزمة في تاريخه، أزمة لم يعد مبالغاً القول بأنها وجودية، تعدّدت المخارج المطروحة أخيراً، من حكومة عسكرية إلى انتخابات مبكرة، بل حتى انتخاب مبكر لرئيس آخر، لكنها أفكار اليائسين في قلب المتاهة».
مؤشرات مقلقة
وأما سام منسى، فقد قال في صحيفة الشرق الأوسط “ماذا في اليوم التالي؟ لعل هذا السؤال بات ملحاً وواجباً، والمقصود به ماذا بعد انهيار لبنان النظام والحكم وشرعية الطائف، وماذا ستكون عليه حال الوطن في ظل الجمود المرجح أن يشل الاستحقاقات الدستورية؟».
وأضاف أن “المؤشرات كثيرة ومقلقة، من التعثّر في تشكيل الحكومة منذ أكثر من 9 أشهر على التكليف وتوقع انسحابه على الانتخابات التشريعية في السنة المقبلة، وعلى استحقاق انتخاب رئيس للجمهورية في أكتوبر-تشرين الأول- 2022، لتسقط عندها المؤسسات الدستورية كافة وتدخل البلاد رسمياً في دائرة الدول الفاشلة».
وتابع “تعود إلى الواجهة المقولة التي تعتبر أن ما يجري في لبنان يدخل ضمن مسار مدروس، لدفع أطراف الداخل والخارج معاً للتفكير في حلول من خارج الصندوق لتجنب الفوضى عدمية كانت أو خلاقة، وإعادة تركيب النظام السياسي وترتيب الحياة السياسية على أسس جديدة ومختلفة، تكون انعكاساً ونتيجة لميزان القوى الداخلي وتواكب المتغيّرات المستجدة في المنطقة، فلبنان القديم مات بعد أن طال الانهيار قطاعاته الرئيسة كافة وفقد تميّزه في المنطقة كما دوره الإقليمي وأهميته الوظيفية في الخارج كما في الداخل، وإكرام الميت في دفنه».
وحول ما تشهده البلاد راهناً، قال “يصعب تصديق ما يسوّق عن سبب الاستعصاء الحاصل في مفاصل الأزمة المتعددة الأوجه، لا سيما تشكيل الحكومة، وحصره بقضية وزير من هنا أو وزارة من هناك أو تضخيم دور جهة واحدة أو شخص واحد هو رئيس التيار الوطني الحر وصهر رئيس الجمهورية جبران باسيل».
وأكد الكاتب أن في الأمر تبسيط للمعضلة وتسخيف لها، ومع هول المأزق وخطورته التي تصل إلى حد تهديد الكيان، يستحيل حصر علة الشلل بموقف جهة واحدة أو شخص واحد مهما بلغت قدرته وأهميته، من دون أن يكون متسلحاً بتحالف سياسي له أهدافه ومشروعه وهو بصدد تنفيذه.