رئيس الدولة وأمير الكويت: «حل الدولتين» السبيل لتحقيق الاستقرار في المنطقة
صواريخ «توماهوك» لأوكرانيا.. ورقة تفاوض أم تصعيد عسكري ضد روسيا؟
رجح خبراء في العلاقات الدولية أن ما خرج من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بشأن دراسة واشنطن إمداد كييف بصواريخ “توماهوك كروز”، يأتي ضمن الضغط على موسكو للجلوس على طاولة المباحثات والقبول بتنازلات في أوكرانيا، أي أنها ورقة تفاوض أكثر من كونها محاولة للتصعيد العسكري.
وتوقع خبراء، في تصريحات لـ”إرم نيوز”، تراجع ترامب عن مواقفه وتصريحاته بخصوص تزويد أوكرانيا بتلك الصواريخ في ظل احتمالات عودة المحادثات مع موسكو، في وقت تقود فيه الدول الأوروبية جبهة رفض أي تفاوض مع روسيا، ومنع كييف من التباحث مع الكرملين، وضغطها على واشنطن لوقف تحسين العلاقات مع بوتين، وطلبها الدائم من الولايات المتحدة تسليم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، نوعيات جديدة وحديثة من الصواريخ والأسلحة.
وكان قد حذّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، من أن تزويد الولايات المتحدة أوكرانيا بصواريخ “توماهوك” بعيدة المدى سيؤدي إلى تقويض العلاقات بين موسكو وواشنطن، معتبراً أن هذه الخطوة قد تدمر ما وصفه بـ”الاتجاهات الإيجابية” التي بدأت تظهر في العلاقات الثنائية مؤخراً.
وصرح نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس، مؤخراً، بأن ترامب يدرس إمكانية تزويد كييف بصواريخ “توماهوك كروز”، مع التأكيد أن القرار النهائي لا يزال بيد الرئيس الجمهوري.
تغير معادلة المواجهة
ويقول الخبير في الشؤون الروسية، الدكتور سمير أيوب، إن موسكو حتى الآن لا تقتنع تماماً أن الولايات المتحدة يمكن أن تزود نظام كييف بأسلحة دمار شامل أو تلك القادرة على تغيير موازين القوى على جبهة القتال، لكن الحديث عن صواريخ “توماهوك” بعيد المدى وذات قدرة تدمير هائلة.
وأضاف أن ذلك دفع بوتين لتحذير واشنطن والدول الأوروبية من مغبة تزويد أوكرانيا بأسلحة من هذا النوع، لأنها تجعل روسيا في حالة حرب مباشرة مع هذه الدول، وتوجه ردوداً ليست فقط على الجبهة الأوكرانية، بل على القواعد العسكرية التي تخزن فيها تلك الصواريخ.
وبين أيوب أن روسيا تأخذ كافة الاحتمالات في الحسبان، بمعنى وصول صواريخ “توماهوك” إلى كييف، لكن ما يطمئنها أن هذه الصواريخ أو أي أسلحة أخرى حتى لو ذهبت إلى أوكرانيا لا يمكن أن تغير معادلة المواجهة على جبهات القتال.
وأوضح أيوب أن عواقب هذه السياسة على علاقة ترامب ببوتين، وعلاقات واشنطن الدولية بشكل عام، قد تصل إلى ردود فعل من الصين، لذلك يرى الكرملين أن الرئيس الجمهوري لا يمكنه الإقدام على هذه العملية إلا بأعداد قليلة أو نسخ قديمة من الصواريخ.
خيارات ترامب
ويرجع أيوب المشهد الحالي إلى رفض الدول الأوروبية أي شكل للتفاوض مع روسيا، ومنع كييف من التباحث مع الكرملين، وضغطها على واشنطن لوقف تحسين العلاقات مع بوتين، وطلبها تسليم أوكرانيا نوعيات جديدة وحديثة من الصواريخ والأسلحة.
ويعتقد أيوب أن ترامب، اليوم، أمام خيارين: إما إعادة سياسة الرئيس السابق جو بايدن، بالاستمرار في تزويد كييف بالأسلحة، ما قد يؤدي إلى توسعة الصراع إلى بلدان أخرى منها دول البلطيق، في وقت تأخذ فيه روسيا كافة الاحتمالات على محمل الجد، وقد يصل ذلك إلى مواجهة واسعة مع حلف الناتو بقيادة واشنطن.
وتابع أو عكس ذلك، أي اتباع سياسة تحسين العلاقات مع روسيا، ما يتطلب وقف دعم نظام كييف، مما قد يحسن العلاقات الروسية الأمريكية تدريجياً إذا لم تُسلم صواريخ “توماهوك” لأوكرانيا، لاسيما أن الجيش الأوكراني والأوروبيين لا يمتلكون الخبرات التقنية اللازمة لتشغيل هذه الصواريخ، والتي يمكن توجيهها فقط بواسطة ضباط أمريكيين أو بريطانيين، وهو ما يمثل تحولاً خطيراً في المواجهة مع موسكو ويؤدي إلى صراع مباشر.
وأكد أيوب أن تصريحات ترامب الأخيرة تشير إلى أنه لا يريد التصعيد مع روسيا، وأن كل ما يتعلق بتسليم كييف هذه الصواريخ يأتي ضمن الضغط على موسكو للجلوس على طاولة المفاوضات والقبول بتنازلات، أي أنها ورقة تفاوض أكثر من كونها محاولة للتصعيد العسكري.
علاقة ترامب وبوتين
بدوره، يرى الكاتب والمحلل السياسي البروفسير، كامل الحواش، أن هذه التصرفات من ترامب تمثل جزءًا من مشكلة تتعلق بكيفية التعامل مع بوتين، فهو متقلب المزاج، إذ يصدر موقفًا ثم يغيره، ليعود مجددًا إلى نقطة البداية، مما يجعل المتابع في حيرة من أمره، ولا يستطيع أخذ أي خطوة بجدية إلا إذا نفذ الرئيس الجمهوري القرار فعلياً.
وأوضح الحواش، في تصريحات لـ”إرم نيوز”، أن حديث ترامب عن صواريخ “توماهوك” التي يريد إرسالها إلى أوكرانيا يأتي في هذا السياق، فهو يدرك أن مدى هذه الصواريخ يصل إلى داخل الأراضي الروسية،
وهو ما يسعى إليه الرئيس الأوكراني زيلينسكي.
وأضاف أن هناك بعدًا آخر للعلاقة بين ترامب وبوتين، إذ استضافه في ولاية ألاسكا رغم علمه بأن الرئيس الروسي جاد في مواقفه، خاصة فيما يتعلق بقطع العلاقات أو اتخاذ قرارات صارمة.
وختم الحواش بالقول إن ترامب يطلق تصريحات دون تفكير كافٍ، ثم يبدأ فريقه بمحاولة رأب الصدع الذي تسببه تلك التصريحات، ولذلك من الممكن أن يتراجع عن موقفه الأخير أو يؤجله، مع احتمال استئناف المباحثات مع موسكو، ما يفتح إمكانية التراجع عن التصريح أو تعديل القرار.