طائرة في الخدمة بلا مشترين.. معضلة «سو-57» الروسية بسوق الجيل الخامس

طائرة في الخدمة بلا مشترين.. معضلة «سو-57» الروسية بسوق الجيل الخامس


في وقت يشهد فيه العالم طفرة في الطلب على مقاتلات الجيل الخامس الشبحية، تبدو  روسيا «غريبة الأطوار» في السوق الدولية، إذ لم تتمكن طائرتها المتطورة «سو-57» من جذب المشترين سوى بشكل محدود، رغم مزاياها القتالية المتقدمة.
فالطائرة الروسية، التي صُممت لتنافس الطائرات الأمريكية والصينية والتركية الحديثة، تواجه تحديات معقدة تشمل ضعف قدرات التخفي، ومحدودية الإنتاج نتيجة العقوبات الغربية، وتغير الأولويات الجيوسياسية؛ ما يجعلها في مأزق حقيقي في تصدير ما يفترض أن يكون سلاحها الأكثر قوة في السوق العالمية.
في الوقت نفسه، تلقت شركة «لوكهيد مارتن» الأمريكية أكثر من ألف طلب مؤكد لطائرتها إف-35 «لايتنينغ 2» من 19 دولة. 
ومع ذلك، كان من الممكن أن يكون سجل الطلبات أكبر كثيرا لو رفعت الولايات المتحدة قيود التصدير الصارمة المفروضة على هذه الطائرة المتطورة.
وعلى سبيل المثال، أعربت عدة دول عربية عن رغبتها في طلب طائرات إف-35؛ لكن المعاهدة الأمريكية مع إسرائيل للحفاظ على تفوق الأخيرة العسكري حالت دون تصدير هذه الطائرات لأي دولة أخرى في الشرق الأوسط.
ظهرت الطائرة الصينية J-35A لأول مرة في معرض تشوهاي الجوي في نوفمبر 2024؛ وبعدها، أعربت باكستان عن رغبتها في طلب العشرات من هذه الطائرات، رغم أنها لم تخضع لاختبارات قتالية؛ ما يعكس ارتفاع الطلب على الطائرات الشبحية دوليا.
وفي المقابل، فازت تركيا بطلب شراء مقاتلتها من الجيل الخامس KAAN حتى قبل انضمامها رسميا إلى القوات الجوية التركية.
صممت شركة TAI التركية الطائرة ولم تدخل الإنتاج التسلسلي بعد. رغم ذلك، تلقت أنقرة طلب شراء 48 طائرة KAAN من إندونيسيا بقيمة 10 مليارات دولار، ولفتت اهتمام دول مثل باكستان وأذربيجان والإمارات والمملكة العربية السعودية.

مقاتلة الجيل الخامس
 الروسية وصعوبات التصدير
باستثناء الولايات المتحدة والصين، تمتلك روسيا الدولة الوحيدة الأخرى طائرة عاملة من الجيل الخامس، وهي سو-57 فيلون؛ ومع ذلك، تواجه الطائرة صعوبات في السوق الدولية رغم مزاياها مقارنة بـ J-35A وKAAN.
دخلت سو-57 الخدمة في القوات الجوية الروسية في ديسمبر 2020، بينما لم تدخل J-35A الخدمة إلا في 2025، ولم تدخل KAAN الخدمة بعد؛ ما منح موسكو وقتا لمعالجة العيوب وجمع الملاحظات، إضافةً إلى تطوير إلكترونيات الطيران ودمج البيانات.
وباستثناء إف-35 وإف-22، تُعد Su-57 الطائرة الوحيدة المتاحة في السوق الدولية التي خضعت لاختبارات قتالية، حيث شاركت في سوريا وحرب أوكرانيا.
لدى روسيا خبرة طويلة في سوق الطائرات المقاتلة الدولية، ولدى العديد من دول الجنوب العالمي مرافق صيانة للطائرات الروسية، مثل الهند التي تمتلك مصانع HAL لطائرات MiG وSu-30 MKI؛ ما يسهل دعم Su-57.
وعلى عكس تركيا التي تعتمد على محركات أمريكية وأنظمة أجنبية في KAAN، فإن روسيا لا تعتمد على مكونات خارجية حيوية للطائرة.
المقاتلة سو-57، هي طائرة متعددة المهام، تشمل التفوق الجوي والهجوم الأرضي والاستطلاع والحرب الإلكترونية، وتستطيع إطلاق صواريخ بعيدة المدى مثل R-37M وحتى الصواريخ الفرط صوتية.
كما تمتلك الطائرة خصائص شبحية مع أسطح موجهة، مخازن أسلحة داخلية، ومواد ماصة للرادار. ومع ذلك، قدراتها في التخفي أقل من إف-35، خاصة أمام الرادارات الأرضية.

مقارنة «سو-57» و»إف-35»
يبلغ مقطع الرادار لطائرة إف-35 نحو 0.0015 متر مربع، في حين تتراوح Su-57 بين 0.1 و0.5 متر مربع، أي بما يعادل أداءً أفضل قليلًا من مقاتلات الجيل الرابع والنصف.  ويشير خبراء الدفاع إلى أن Su-57 قد تتمكن من الاقتراب من إف-35 دون اكتشافها في الاشتباكات المباشرة، لكنها تصبح مرئية على مسافات أقصر؛ ما يمنح أنظمة الدفاع وقتا كافيا للتعامل معها.
رغم مزايا «سو-57»، لم تتلق روسيا سوى طلب دولي واحد حتى الآن، على الأرجح الجزائر، الذي يشمل 6 طائرات مع خيار شراء 8 أخرى لاحقا.
وبالرغم من قدرة الطائرة على التخفي من الأمام، إلا أنها ضعيفة من الجوانب والخلف مقارنة بإف-35؛ ما يؤثر على فعاليتها في المعارك الحديثة.
أدى الغزو الروسي لأوكرانيا والعقوبات الغربية إلى صعوبة الحصول على المكونات الأساسية؛ ما أدى إلى تأخير الإنتاج؛ وحتى أغسطس 2025، هناك نحو 25-32 طائرة سو-57 عاملة فقط، أقل كثيرا من الأعداد المخطط لها.
وفق مؤسسة الأبحاث الأوكرانية Frontelligence، سلمت روسيا طائرات «سو-57» دون حُجُرات استهداف أساسية، مثل نظام 101KS-N؛ ما قلل من قدراتها، وبلغت تكلفة الطائرة حوالي 42.1 مليون دولار أمريكي.
ورغم كل هذه المشاكل، تواصل روسيا عرض «سو-57» على عدة دول، بما في ذلك الهند، مع تقديم شروط جذابة مثل نقل التكنولوجيا بالكامل، والإنتاج المحلي، والتعاون مع مشروع الهند للطائرة الجيل الخامس AMCA.