رئيس الدولة ورئيس الوزراء البريطاني يبحثان هاتفياً التطورات الإقليمية
شخصية معقدة وغريبة
فرنسا: برنار تابي، شهاب في سماء الميتراندية...!
-- لم يتوقف عن محاربة الجبهة الوطنية مع الحفاظ على علاقات ملتبسة مع زعيمها
-- ميتران يحب هذا النوع من الشخصية وكان في نيّته رفع هذا النجم إلى السماء
-- كان من الممكن أن يكون برنار تابي رجلاً من اليمين لو لم يقابل، عام 1987، فرانسوا ميتران
-- «لبرنار تابي ألف حياة خارجة عن المألوف... تتجاوز المسلسلات... فقد كان كاتب السيناريو والممثل»
شخصية معقدة وغريبة، رجل أعمال رهيب ومهاب، دخل السياسة في خدمة أول رئيس اشتراكي، ضاعف، مثل معلمه، الجوانب الغامضة.
« لبرنار تابي ألف حياة خارجة عن المألوف... خارج مدى كل المسلسلات... لقد كان كاتب السيناريو والممثل”.
هذه الكلمات كتبها الرئيس السابق لنادي باريس سان جيرمان، ميشيل دينيسو، على تويتر، تكريماً لرئيس سابق لنادي كرة قدم آخر، أولمبيك مرسيليا، الذي توفي صباح 3 أكتوبر عن عمر يناهز 78 عامًا.
من بين الألف حياة (مغني، ممثل، رجل أعمال، ورائد أعمال، إنه مفرد بصيغة الجمع بكل ما في الكلمة من معنى، مقدم برامج في التلفاز، ودروس في صالة ألعاب رياضية، ومستشار عام، ونائب، ونائب اوروبي، ووزير، ومنظم مباريات البوكر و ... سجين)، سنركز هنا على التي صنعت جانبه السياسي.
كان من الممكن أن يكون برنار تابي رجلاً من اليمين لو لم يقابل، عام 1987، فرانسوا ميتران الذي أقام، هو نفسه، صداقات على اليمين، حتى أكثر من ذلك، في شبابه.
ولكن الآن، تم انتخاب السكرتير الأول السابق للحزب الاشتراكي رئيسًا للجمهورية عام 1981، وكان أول رئيس يساري للدولة في الجمهورية الخامسة.
سنوات مؤلمة لليسار
الناشر جاك سيغيلا، كان وراء التقاء الرجلين. اشترى تابي أولمبيك مرسيليا بسعر زهيد قبل عام، وسبق ان صنع لنفسه اسمًا في الرياضة، مع سباق الدراجات، برنارد هينو وتور دو فرانس، وكذلك في الأعمال التجارية. من جانبه، يفكر ميتران في الانتخابات الرئاسية لعام 1988 ... وإعادة انتخابه.
بدأت شعبيته في الارتفاع مع التعايش -كان جاك شيراك رئيسًا للوزراء منذ فوز اليمين في الانتخابات التشريعية عام 1986 –الا ان الرئيس عرف خفوت نجمه منذ النصف الثاني من عام 1982، بعد تخفيضين لقيمة الفرنك في أكتوبر 1981 ويونيو 1982، والثالث سيتم في مارس 1983.
اذن، ستكون السنوات القادمة مؤلمة لليسار وللبلد. تتزايد البطالة، تتراكم التوترات الاجتماعية، واليسار يترنّح.
ترك الوزراء الشيوعيون الأربعة الحكومة في يوليو 1984، بعد شهر من الانتخابات الأوروبية التي عرفت فشل الحزب الاشتراكي (20 فاصل 8 بالمائة من الأصوات مقابل 43 بالمائة لليمين). الجبهة الوطنية على قدم المساواة مع الحزب الشيوعي: اليمين المتطرف يترسّخ، والشيوعيون يواصلون تراجعهم الانتخابي الذي بدأ عام 1981.
أول ترشّح نيابي عام 1988
انتقل اليسار من البرنامج المشترك إلى برنامج التقشف. ويسعى ميتران، الذي أعيد انتخابه في مايو 1988 ضد شيراك، إلى توسيع أغلبيته التي يرى أن قاعدتها آخذة في الانحسار.
إنه يبحث عن شخصيات للانفتاح خارج الحزب الاشتراكي، وبالأحرى غير سياسية... هناك طلب على رجال وسيدات الأعمال في الإليزيه.
تابي يفي بهذه المعايير، لكنها لا تتوافق مع المعايير المعتمدة داخل الحزب الاشتراكي.
لقد استُقبل مثل كلب في لعبة البولينج، من قبل عدد كبير من الجهاز الإداري.
ومع ذلك، كان لا بد من التعايش مع الأوامر القادمة من أعلى. ولما كان صاحب أولمبيك مرسيليا، فسيكون مرشحًا في بوش دو رون، تحت تسمية الأغلبية الرئاسية. وتم منحه دائرة انتخابية راسخة بقوة في اليمين وتعتبر “منيعة”. بالضبط ما يروق لـ “تابي” وأساليبه.
فعل هناك كما فعل في بعض حَيَواته الألف الأخرى. ذهب للخداع، والثرثرة، والقناعات، والإقناع القوي الى حد ما، بتردد وتلاعب صغير. لكنه فشل بفارق ضئيل جدا... انهزم امام غي تيسييه، مرشح اليمين: 49 فاصل 9 بالمائة، مقابل 50 فاصل 1 بالمائة، أي 84 صوتًا من أكثر من 44000 صوت تم الإدلاء بها، في يونيو 1988. ولحسن حظه، أبطل المجلس الدستوري انتخاب تيسييه.
«أنت متبجح ومخادع»
دعيت الدائرة السادسة في بوش دو رون للتصويت ثانية في انتخابات جزئية في يناير 1989.
وهذه المرة، انتخب تابي بفارق لا يذكر (50 فاصل 9 بالمائة من الأصوات) ضد كل التوقعات، وضد نفس الخصم. ومن ثمّ، عزّز صورته كمقاتل لا يعترف إطلاقا بالهزيمة.
لكن هالته السياسية ستزدهر بعد أحد عشر شهرًا، في ديسمبر، في مواجهة حيوان مسرح مثله، جان ماري لوبان، على شاشة التلفزيون.
بينما كانت قناة تي اف 1 تستعدّ لتنظيم نقاش سياسي بين الأحزاب الرئيسية، يعلم ممثلو اليسار (الحزب الاشتراكي والحزب الشيوعي الفرنسي) وممثلي اليمين (التجمع من اجل الجمهورية والاتحاد من أجل الديمقراطية الفرنسية) أن لوبان الاب سيكون حاضرًا فتخلوا جميعا عن المشاركة.
بقيت إدارة القناة في حرج شديد... تابي، الذي تم إبلاغه بالوضع، سينقذ الموقف: واقترح مواجهة رئيس الحزب اليميني المتطرف الذي ظل وحيدًا في السباق.
تي اف 1، التي شعرت بتحقيق ضربة قوية في نسبة المشاهدة، صفقت بحماس.
وفعلا، تحقق رقم قياسي في نسبة المشاهدة، وفي رأي المراقبين في ذلك الوقت، فاز تابي بالنقاط فيما بدا أشبه بقتال شوارع أكثر من كونه لعبة متحضرة. “أنت متبجّح، مدّع، مخادع، ونحن ننتظر أن نرى، بعيدا عن الجعجعة التي تطلقها على الشاشات، ما يمكنك فعله في السياسة”، أطلق لوبان... ورد تابي قائلاً:
“بذاءة لسانك، وصراخك بصوت عالٍ، لا يعني صحّة ما تقوله”... كل شيء على ما يرام.
وزير سريع الزوال للمدينة
اعتُبر المنتصر في المواجهة المباشرة، فاز نائب مرسيليا بوجاهة سياسية، وأصبح بطل المعركة ضد اليمين المتطرف. ولن يتوقف عن محاربة الجبهة الوطنية مع الحفاظ على علاقات ملتبسة مع زعيمها، حيث يستخدم الرجلان بعضهما البعض كنقطة انطلاق.
الحدث التالي، كان في يناير 1992، خلال حملة الانتخابات الإقليمية. قال برنار تابي في اجتماع عام: “إذا اعتبرنا أن لوبان غير شرعي، فإن أولئك الذين يصوتون له هم أيضًا أوغاد”... لم تمر الجملة مرور الكرام.
في أبريل، عيّن ميتران رئيس الوزراء الثالث لولايته الثانية، بعد ميشيل روكار 1988-1991 وإديث كريسون، أول رئيسة للحكومة 1991-1992، كان الدور على بيير بيريغوفوا.
فرض رئيس الجمهورية تابي في الفريق الحكومي الذي لم يصنع العداء فقط.
لكن، الاكيد، ان ميتران يحب هذا النوع من الشخصية، وينوي رفع هذا النجم إلى السماء. ترك رجل الأعمال اشغاله، وأصبح وزيراً للمدينة. ومع ذلك، فإن النجم سيكون شهابا في الحكومة!
تم تعيينه في 2 أبريل، واستقال من منصبه في 23 مايو. بين هذين التاريخين، تعرض للهجوم بسبب “إساءة استخدام أصول الشركة”، من قبل نائب عن التجمع من أجل الجمهورية عمل معه سابقًا.
متهم، صار مجبرا على ترك الحكومة، وفقًا لمدونة سلوك وضعها رئيس الوزراء.
مستفيدا من عدم سماع الدعوة، عاد إلى الحكومة في ديسمبر لتولي حقيبته وزارة المدينة. أدى هذا مجددا إلى تقلبات مزاجية في الحزب الاشتراكي. وقال فرانسوا هولاند هذه الكلمات: “في المرة الأولى، كانت هفوة، وفي الثانية، إنها خطأ».
كيف تقطع
أجنحة ميشيل روكار
ومع ذلك، فإن الفترة التي قضاها في وزارة المدينة كانت سريعة، لأن اليسار سُحق في الانتخابات التشريعية مارس 1993. ومن بين 275 نائباً منتهية ولايته من الحزب الاشتراكي، سقط 218 نائباً على البساط، ولم تعد المجموعة الاشتراكية في الجمعية الوطنية تضم الا 57 عضواً فقط.
أعيد انتخاب تابي كنائب في المنطقة العاشرة من بوش دو رون بفضل ثلاثية، مرة أخرى، تفاوض مع لوبان. وسينكر دائمًا هذه النسخة من الوقائع التي أكدها العديد من أبطال الترتيبات. تمت إعادة الانتخاب هذه رغم قضية فالنسيان -أولمبيك مرسيليا: إنها شبهة فساد في تنظيم مباراة كرة قدم مزورة بين ناديي فالنسيان ومرسيليا، قضية ستعرف خاتمتها عام 1995.
لن تمنعه هذه القصة السياسية -الرياضية المظلمة، من خوض مناورة جديدة من الاليزيه.
بعد هزيمة الانتخابات التشريعية، عرف ميتران تعايشًا ثانيًا: كان إدوارد بالادور في ماتينيون.
رئيس الدولة، الذي يعلم أنه مصاب بالسرطان، يفكر في نهاية ولايته ... وخلافته.
روكار، الذي أصبح السكرتير الأول للحزب الاشتراكي، يستعد ويريد استخدام الانتخابات الأوروبية في يونيو 1994 كنقطة انطلاق. ومن الواضح، أن هذا الاحتمال لا يناسب ذوق الرئيس الذي يغذي عداوة عنيدة ضد عازف “اليسار الثاني».
تمثل هذه الانتخابات الأوروبية فرصة ذهبية لقطع أجنحته. وعلى عكس المحطات الانتخابية السابقة عام 1979 (مع ميتران كزعيم)، 1984 (مع ليونيل جوسبان) و1989 (مع لوران فابيوس)، لم تعد الحركة الراديكالية اليسارية ترغب في تكوين قائمة مشتركة مع الحزب الاشتراكي، وانما خوض السباق بمفردها. وفعلا، تابي عضو، وليس أي عضو في الحركة الراديكالية اليسارية، التي يحافظ رئيسها في ذلك الوقت على علاقات ممتازة مع الإليزيه.
نهاية الحياة
السياسية عام 1996
لا يقول التاريخ ما إذا كان ميتران أشرف على المناورة بالكامل، لكنه، في كل الاحوال، لم يفعل شيئًا لمنعها. بالنسبة لأنصار ميشيل روكار، ليس هناك شك، في أن الصاروخ انطلق من القصر: قائمة الحركة الراديكالية اليسارية، الطاقة الراديكالية، يقودها برنارد تابي، الوزير العابر لفرانسوا ميتران، والمستشار العام الجديد منذ مارس 1994.
وحتى تكتسح أوسع مساحة ممكنة، ضمت القائمة أحد رموز الخضر نويل مامير، والنقابي السابق في سي جي تي أندريه ساينجون، والنسوية الراديكالية أنطوانيت فوك.
نتائج السباقات، حصلت هذه القائمة البالستية على 12 بالمائة من الأصوات و13 مقعدًا في البرلمان الأوروبي، فيما حصلت قائمة روكار الاشتراكية على 14 فاصل 5 بالمائة و15 مقعدًا.
لقد قُطع الزخم الرئاسي لروكار تماما... لكن مسيرة تابي السياسية ستنتهي أيضًا.
في العام التالي، عام 1995، وصلت محاكمة قضية فالنسيان -- أولمبيك مرسيليا. وفي الاستئناف، حُكم على النجم الشهاب الميتراندية* بعامين سجنا، ثمانية منها حازمة، وثلاث سنوات من عدم الأهلية. سيبقى وراء القضبان ستة أشهر، جزء منها في البوميت في مرسيليا، مسقط رأسه.
بالنسبة لهذا الجانب السياسي الذي يؤثث حياة من ألف حيواته، تأتي صافرة النهاية عام 1996، بعد تسع سنوات في الحلبة، عندما تم تجريده من ولايته كنائب. غادر البرلمان الأوروبي في بداية العام التالي، ثم باشر واحدة من حيواته العديدة الأخرى ...
*نسبة إلى تيار الرئيس الفرنسي الأسبق الراحل فرنسوا ميتران –المترجم-
-- ميتران يحب هذا النوع من الشخصية وكان في نيّته رفع هذا النجم إلى السماء
-- كان من الممكن أن يكون برنار تابي رجلاً من اليمين لو لم يقابل، عام 1987، فرانسوا ميتران
-- «لبرنار تابي ألف حياة خارجة عن المألوف... تتجاوز المسلسلات... فقد كان كاتب السيناريو والممثل»
شخصية معقدة وغريبة، رجل أعمال رهيب ومهاب، دخل السياسة في خدمة أول رئيس اشتراكي، ضاعف، مثل معلمه، الجوانب الغامضة.
« لبرنار تابي ألف حياة خارجة عن المألوف... خارج مدى كل المسلسلات... لقد كان كاتب السيناريو والممثل”.
هذه الكلمات كتبها الرئيس السابق لنادي باريس سان جيرمان، ميشيل دينيسو، على تويتر، تكريماً لرئيس سابق لنادي كرة قدم آخر، أولمبيك مرسيليا، الذي توفي صباح 3 أكتوبر عن عمر يناهز 78 عامًا.
من بين الألف حياة (مغني، ممثل، رجل أعمال، ورائد أعمال، إنه مفرد بصيغة الجمع بكل ما في الكلمة من معنى، مقدم برامج في التلفاز، ودروس في صالة ألعاب رياضية، ومستشار عام، ونائب، ونائب اوروبي، ووزير، ومنظم مباريات البوكر و ... سجين)، سنركز هنا على التي صنعت جانبه السياسي.
كان من الممكن أن يكون برنار تابي رجلاً من اليمين لو لم يقابل، عام 1987، فرانسوا ميتران الذي أقام، هو نفسه، صداقات على اليمين، حتى أكثر من ذلك، في شبابه.
ولكن الآن، تم انتخاب السكرتير الأول السابق للحزب الاشتراكي رئيسًا للجمهورية عام 1981، وكان أول رئيس يساري للدولة في الجمهورية الخامسة.
سنوات مؤلمة لليسار
الناشر جاك سيغيلا، كان وراء التقاء الرجلين. اشترى تابي أولمبيك مرسيليا بسعر زهيد قبل عام، وسبق ان صنع لنفسه اسمًا في الرياضة، مع سباق الدراجات، برنارد هينو وتور دو فرانس، وكذلك في الأعمال التجارية. من جانبه، يفكر ميتران في الانتخابات الرئاسية لعام 1988 ... وإعادة انتخابه.
بدأت شعبيته في الارتفاع مع التعايش -كان جاك شيراك رئيسًا للوزراء منذ فوز اليمين في الانتخابات التشريعية عام 1986 –الا ان الرئيس عرف خفوت نجمه منذ النصف الثاني من عام 1982، بعد تخفيضين لقيمة الفرنك في أكتوبر 1981 ويونيو 1982، والثالث سيتم في مارس 1983.
اذن، ستكون السنوات القادمة مؤلمة لليسار وللبلد. تتزايد البطالة، تتراكم التوترات الاجتماعية، واليسار يترنّح.
ترك الوزراء الشيوعيون الأربعة الحكومة في يوليو 1984، بعد شهر من الانتخابات الأوروبية التي عرفت فشل الحزب الاشتراكي (20 فاصل 8 بالمائة من الأصوات مقابل 43 بالمائة لليمين). الجبهة الوطنية على قدم المساواة مع الحزب الشيوعي: اليمين المتطرف يترسّخ، والشيوعيون يواصلون تراجعهم الانتخابي الذي بدأ عام 1981.
أول ترشّح نيابي عام 1988
انتقل اليسار من البرنامج المشترك إلى برنامج التقشف. ويسعى ميتران، الذي أعيد انتخابه في مايو 1988 ضد شيراك، إلى توسيع أغلبيته التي يرى أن قاعدتها آخذة في الانحسار.
إنه يبحث عن شخصيات للانفتاح خارج الحزب الاشتراكي، وبالأحرى غير سياسية... هناك طلب على رجال وسيدات الأعمال في الإليزيه.
تابي يفي بهذه المعايير، لكنها لا تتوافق مع المعايير المعتمدة داخل الحزب الاشتراكي.
لقد استُقبل مثل كلب في لعبة البولينج، من قبل عدد كبير من الجهاز الإداري.
ومع ذلك، كان لا بد من التعايش مع الأوامر القادمة من أعلى. ولما كان صاحب أولمبيك مرسيليا، فسيكون مرشحًا في بوش دو رون، تحت تسمية الأغلبية الرئاسية. وتم منحه دائرة انتخابية راسخة بقوة في اليمين وتعتبر “منيعة”. بالضبط ما يروق لـ “تابي” وأساليبه.
فعل هناك كما فعل في بعض حَيَواته الألف الأخرى. ذهب للخداع، والثرثرة، والقناعات، والإقناع القوي الى حد ما، بتردد وتلاعب صغير. لكنه فشل بفارق ضئيل جدا... انهزم امام غي تيسييه، مرشح اليمين: 49 فاصل 9 بالمائة، مقابل 50 فاصل 1 بالمائة، أي 84 صوتًا من أكثر من 44000 صوت تم الإدلاء بها، في يونيو 1988. ولحسن حظه، أبطل المجلس الدستوري انتخاب تيسييه.
«أنت متبجح ومخادع»
دعيت الدائرة السادسة في بوش دو رون للتصويت ثانية في انتخابات جزئية في يناير 1989.
وهذه المرة، انتخب تابي بفارق لا يذكر (50 فاصل 9 بالمائة من الأصوات) ضد كل التوقعات، وضد نفس الخصم. ومن ثمّ، عزّز صورته كمقاتل لا يعترف إطلاقا بالهزيمة.
لكن هالته السياسية ستزدهر بعد أحد عشر شهرًا، في ديسمبر، في مواجهة حيوان مسرح مثله، جان ماري لوبان، على شاشة التلفزيون.
بينما كانت قناة تي اف 1 تستعدّ لتنظيم نقاش سياسي بين الأحزاب الرئيسية، يعلم ممثلو اليسار (الحزب الاشتراكي والحزب الشيوعي الفرنسي) وممثلي اليمين (التجمع من اجل الجمهورية والاتحاد من أجل الديمقراطية الفرنسية) أن لوبان الاب سيكون حاضرًا فتخلوا جميعا عن المشاركة.
بقيت إدارة القناة في حرج شديد... تابي، الذي تم إبلاغه بالوضع، سينقذ الموقف: واقترح مواجهة رئيس الحزب اليميني المتطرف الذي ظل وحيدًا في السباق.
تي اف 1، التي شعرت بتحقيق ضربة قوية في نسبة المشاهدة، صفقت بحماس.
وفعلا، تحقق رقم قياسي في نسبة المشاهدة، وفي رأي المراقبين في ذلك الوقت، فاز تابي بالنقاط فيما بدا أشبه بقتال شوارع أكثر من كونه لعبة متحضرة. “أنت متبجّح، مدّع، مخادع، ونحن ننتظر أن نرى، بعيدا عن الجعجعة التي تطلقها على الشاشات، ما يمكنك فعله في السياسة”، أطلق لوبان... ورد تابي قائلاً:
“بذاءة لسانك، وصراخك بصوت عالٍ، لا يعني صحّة ما تقوله”... كل شيء على ما يرام.
وزير سريع الزوال للمدينة
اعتُبر المنتصر في المواجهة المباشرة، فاز نائب مرسيليا بوجاهة سياسية، وأصبح بطل المعركة ضد اليمين المتطرف. ولن يتوقف عن محاربة الجبهة الوطنية مع الحفاظ على علاقات ملتبسة مع زعيمها، حيث يستخدم الرجلان بعضهما البعض كنقطة انطلاق.
الحدث التالي، كان في يناير 1992، خلال حملة الانتخابات الإقليمية. قال برنار تابي في اجتماع عام: “إذا اعتبرنا أن لوبان غير شرعي، فإن أولئك الذين يصوتون له هم أيضًا أوغاد”... لم تمر الجملة مرور الكرام.
في أبريل، عيّن ميتران رئيس الوزراء الثالث لولايته الثانية، بعد ميشيل روكار 1988-1991 وإديث كريسون، أول رئيسة للحكومة 1991-1992، كان الدور على بيير بيريغوفوا.
فرض رئيس الجمهورية تابي في الفريق الحكومي الذي لم يصنع العداء فقط.
لكن، الاكيد، ان ميتران يحب هذا النوع من الشخصية، وينوي رفع هذا النجم إلى السماء. ترك رجل الأعمال اشغاله، وأصبح وزيراً للمدينة. ومع ذلك، فإن النجم سيكون شهابا في الحكومة!
تم تعيينه في 2 أبريل، واستقال من منصبه في 23 مايو. بين هذين التاريخين، تعرض للهجوم بسبب “إساءة استخدام أصول الشركة”، من قبل نائب عن التجمع من أجل الجمهورية عمل معه سابقًا.
متهم، صار مجبرا على ترك الحكومة، وفقًا لمدونة سلوك وضعها رئيس الوزراء.
مستفيدا من عدم سماع الدعوة، عاد إلى الحكومة في ديسمبر لتولي حقيبته وزارة المدينة. أدى هذا مجددا إلى تقلبات مزاجية في الحزب الاشتراكي. وقال فرانسوا هولاند هذه الكلمات: “في المرة الأولى، كانت هفوة، وفي الثانية، إنها خطأ».
كيف تقطع
أجنحة ميشيل روكار
ومع ذلك، فإن الفترة التي قضاها في وزارة المدينة كانت سريعة، لأن اليسار سُحق في الانتخابات التشريعية مارس 1993. ومن بين 275 نائباً منتهية ولايته من الحزب الاشتراكي، سقط 218 نائباً على البساط، ولم تعد المجموعة الاشتراكية في الجمعية الوطنية تضم الا 57 عضواً فقط.
أعيد انتخاب تابي كنائب في المنطقة العاشرة من بوش دو رون بفضل ثلاثية، مرة أخرى، تفاوض مع لوبان. وسينكر دائمًا هذه النسخة من الوقائع التي أكدها العديد من أبطال الترتيبات. تمت إعادة الانتخاب هذه رغم قضية فالنسيان -أولمبيك مرسيليا: إنها شبهة فساد في تنظيم مباراة كرة قدم مزورة بين ناديي فالنسيان ومرسيليا، قضية ستعرف خاتمتها عام 1995.
لن تمنعه هذه القصة السياسية -الرياضية المظلمة، من خوض مناورة جديدة من الاليزيه.
بعد هزيمة الانتخابات التشريعية، عرف ميتران تعايشًا ثانيًا: كان إدوارد بالادور في ماتينيون.
رئيس الدولة، الذي يعلم أنه مصاب بالسرطان، يفكر في نهاية ولايته ... وخلافته.
روكار، الذي أصبح السكرتير الأول للحزب الاشتراكي، يستعد ويريد استخدام الانتخابات الأوروبية في يونيو 1994 كنقطة انطلاق. ومن الواضح، أن هذا الاحتمال لا يناسب ذوق الرئيس الذي يغذي عداوة عنيدة ضد عازف “اليسار الثاني».
تمثل هذه الانتخابات الأوروبية فرصة ذهبية لقطع أجنحته. وعلى عكس المحطات الانتخابية السابقة عام 1979 (مع ميتران كزعيم)، 1984 (مع ليونيل جوسبان) و1989 (مع لوران فابيوس)، لم تعد الحركة الراديكالية اليسارية ترغب في تكوين قائمة مشتركة مع الحزب الاشتراكي، وانما خوض السباق بمفردها. وفعلا، تابي عضو، وليس أي عضو في الحركة الراديكالية اليسارية، التي يحافظ رئيسها في ذلك الوقت على علاقات ممتازة مع الإليزيه.
نهاية الحياة
السياسية عام 1996
لا يقول التاريخ ما إذا كان ميتران أشرف على المناورة بالكامل، لكنه، في كل الاحوال، لم يفعل شيئًا لمنعها. بالنسبة لأنصار ميشيل روكار، ليس هناك شك، في أن الصاروخ انطلق من القصر: قائمة الحركة الراديكالية اليسارية، الطاقة الراديكالية، يقودها برنارد تابي، الوزير العابر لفرانسوا ميتران، والمستشار العام الجديد منذ مارس 1994.
وحتى تكتسح أوسع مساحة ممكنة، ضمت القائمة أحد رموز الخضر نويل مامير، والنقابي السابق في سي جي تي أندريه ساينجون، والنسوية الراديكالية أنطوانيت فوك.
نتائج السباقات، حصلت هذه القائمة البالستية على 12 بالمائة من الأصوات و13 مقعدًا في البرلمان الأوروبي، فيما حصلت قائمة روكار الاشتراكية على 14 فاصل 5 بالمائة و15 مقعدًا.
لقد قُطع الزخم الرئاسي لروكار تماما... لكن مسيرة تابي السياسية ستنتهي أيضًا.
في العام التالي، عام 1995، وصلت محاكمة قضية فالنسيان -- أولمبيك مرسيليا. وفي الاستئناف، حُكم على النجم الشهاب الميتراندية* بعامين سجنا، ثمانية منها حازمة، وثلاث سنوات من عدم الأهلية. سيبقى وراء القضبان ستة أشهر، جزء منها في البوميت في مرسيليا، مسقط رأسه.
بالنسبة لهذا الجانب السياسي الذي يؤثث حياة من ألف حيواته، تأتي صافرة النهاية عام 1996، بعد تسع سنوات في الحلبة، عندما تم تجريده من ولايته كنائب. غادر البرلمان الأوروبي في بداية العام التالي، ثم باشر واحدة من حيواته العديدة الأخرى ...
*نسبة إلى تيار الرئيس الفرنسي الأسبق الراحل فرنسوا ميتران –المترجم-