«إنها مرشحة الوسط»:

فرنسا: هكذا انتزعت فاليري بيكريس تاج الجمهوريين

فرنسا: هكذا انتزعت فاليري بيكريس تاج الجمهوريين

-- إن المرشحة الشيراكية، تمثل القاسم المشترك الأدنى لليمين وهذا كان كافيا لفوزها
-- انتزعت العفو من عائلتها السياسية، وانتصارها هو ثمرة حملة منهجية وفعالة
-- عدم تكرار أخطاء 2016، عندما لم يوسّع فرانسوا فيون فريقه بعد فوزه
-- في حملتها، ستعتمد فاليري بيكريس على برنامجها اليميني ... وصورتها كامرأة
-- استفادت فاليري من نقاط ضعف خصومها وأظهرت أن السياسة ليست اختبارا بل مناظرة
-- على المرشحة إخراج الجمهوريين من كماشة ماكرون-لوبان، وأن تعيد إلى اليمين سبب وجوده


    كانت هذه الجملة الأولى من خطابها. عندما ألقت خطابها في مقر حزب الجمهوريين بعد إعلان فوزها، ابتكرت فاليري بيكريس سردية لملحمتها: “لأول مرة في تاريخها، تمتلك عائلتنا السياسية مرشحّة للانتخابات الرئاسية (...). أفكر في جميع نساء فرنسا”، قالت للمنتسبين المجتمعين في جو شديد الحرارة.    إن رئيسة منطقة إيل دو فرانس ليست مخطئة. لقد كتب اليمين  يوم أول أول أمس السبت فصلا جديدا في تاريخه. بـ 60 فاصل 95 بالمائة من الأصوات، فازت فاليري بيكريس بوضوح على إيريك سيوتي في الجولة الثانية من مؤتمر مسؤول عن تعيين مرشح الجمهوريين الى سباق قصر الإليزيه. وحذرت المرشحة في كلمتها أن “اليمين الجمهوري عاد».
   فاليري بيكريس عادت هي الأخرى. لقد قطعت المرشحة شوطا طويلا. الفتاة التي غادرت في صخب حزب الجمهوريين عام 2019 استطاعت أن تنتزع عفو عائلتها السياسية، وانتصارها هو ثمرة حملة منهجية وفعالة، وخط منسجم مع المنتمين لحزب الجمهوريين: حزم قيادي، ووعد بإصلاحات ليبرالية.

لم تخطئ فاليري بيكريس ابدأ في نوع الانتخابات، ولهذا السبب فازت بها.
   تلميذة جاك شيراك، اشتهرت في كثير من الأحيان، بالتجديف عكس التيار. خلال الانتخابات التمهيدية لعام 2016، دعمت آلان جوبيه قبل ثلاثة أسابيع من هزيمته. وبعد ثلاث سنوات، انتظرت استقالة لوران ووكيز من رئاسة الجمهوريين لتترك الحزب. لقد تعلّمت من أخطائها. وهذه المرة، كان لدى الوزيرة السابقة إحساس بالتوقيت.

العمل الجماعي
   يستمد انتصارها جذوره من قلب الصيف. في 22 يوليو، فاجأت فاليري بيكريس الجميع بإعلانها ترشحها لسباق الإليزيه. ولم يكن من حق كريستيان جاكوب، سوى رسالة قصيرة بسيطة بعد 48 ساعة.
    سخر خصومها من هذا التوقيت، في حين كانت عقول الفرنسيين في إجازتهم. خطأ في التحليل... لقد اقامت المنافسة بإعداد المباراة مع كزافييه برتران وحرمته من مكانة المرشح الطبيعي الذي كان يحلم بها. “لو انتظرت بداية العام الدراسي، لما كانت ستلحق به أبدًا”، هكذا حلل نائب منطقة إيسون روبن ردا في أكتوبر.
   ضاعفت فاليري بيكريس الجولات والمقابلات مع الصحافة الإقليمية، ويتفق الجميع على أنها قضت صيفًا جيدًا... وها هي في السباق.
   عندما عادت إلى بريف، رسخت سرديتها عن الطالبة الجيدة، واكدت، مؤيدة الانتخابات التمهيدية المفتوحة، إنها ستمتثل لعملية التعيين التي سيختارها الجمهوريون... العمل الجماعي، لا شيء سوى العمل الجماعي.
   في ذلك الوقت، توقع أنصارها تقاطع نوايا التصويت مع كزافييه برتران. لكن لم يحدث شيء، ظلت نتائجهما في استطلاعات الرأي مستقرة. في سبتمبر، كان الاستماع للمرشحة أقل، وكانت تعزو هذا الركود، في جلساتها الخاصة، إلى زحف إريك زمور. وشكل دفن الانتخابات التمهيدية المفتوحة في نهاية سبتمبر لصالح المؤتمر المغلق ضربة أخرى.
  لقد بات على المنشقة والهاربة اغراء عائلتها القديمة. في ذلك الوقت، لم يكن لدى اليمين سوى كزافييه برتران وميشيل بارنييه. يتصدر الأول استطلاعات الرأي، بينما ظل الأخير مواليًا لـ حزب الجمهوريين. “انها في كماشة... ليس لديها اي مساحة سياسية”، قال حينها قيادي في حزب الجمهوريين. وكان هذا تحليل سائد وواسع الانتشار على اليمين.

حرباء
   لكن المرشحة عنيدة. في الواقع تكيّفت بسرعة مع هذا التشكّل. وتحت قيادة مدير حملتها باتريك ستيفانيني، نجحت فرقها في تامين انخراط عدد كبير من الانصار في حزب الجمهوريين قبل التصويت. “لقد قام بعمل صائغ، يحيّيه نائب الألب ماريتيم إيريك باوجيه، إنه جرّاح انتخابي”. يعرف الرجل الخريطة الانتخابية عن ظهر قلب، ويعرف كيف يميز تحركات بطلته. تم انتخاب فاليري بيكريس في إيل دو فرانس، وهي تتمتع أحيانًا بصورة امرأة من يمين الوسط. خطأ... لقد عرضت في الحملة خطابًا ليبراليًا وحازمًا للغاية حول القضايا السيادية. أسلوب مثالي لإغواء النواة الصلبة للنشطاء، إنها تدغدغهم وتقنعهم، مثلما فعلت عندما استعادت بطاقة عضويتها.
   وعلى وجه الخصوص، تفوقت المرشحة في المناظرات المتلفزة. “لقد جعلت من الممكن عكس الاتجاه”، يرى روبن ردا. انها تظهر فيها شخصية هجومية، ولا تتردد في مضايقة خصومها تمامًا مثل إريك سيوتي. ان السياسة ليست امتحانا واختبارا بل مناظرة.

   لقد استفادت فاليري بيكريس من نقاط ضعف خصومها. “إنها مرشحة الوسط، يلاحظ كادر من الجمهوريين.
 كانت أعلى في استطلاعات الرأي من بارنييه، لكنها كانت أقل من برتران. وتم الحكم عليها بأنها أقل خيانة من برتران، ولكن أكثر من بارنييه، إنها القاسم المشترك الأدنى لليمين”. وهذا يكفي للفوز.
   كل شيء يبدأ الآن للمرشحة اليمينية. “كان المؤتمر فاتح للشهية”، يبتسم عثمان نصرو، نائب رئيس منطقة إيل دو فرانس. على المدى القصير، يجب عليها حشد حزبها ووضع الجمهوريين في جبهة العمل... عدم تكرار أخطاء 2016، عندما لم يوسّع فرانسوا فيون فريقه بعد فوزه.

حتمية التجميع
   كان جميع مرشحي المؤتمر حاضرين حول فاليري بيكريس يوم السبت في خطاب تتويجها. “لم تكن الصورة زورا وزيفا”، يؤكد نائب جمهوري. ففي فريق المرشحة، نلاحظ “أناقة” كزافييه برتران، الذي وضع نفسه في خدمتها منذ هزيمته. “لقد أظهر احترافا سياسيا كبيرا”، يشيد جيفروي ديدييه عضو البرلمان الأوروبي. ولا بد أن يجسم المخطط التنظيمي للحملة روح الوحدة هذه. “بعض داعمي الساعات الأولى قد يتم التضحية بهم قليلاً”، يتوقع أحد الاوفياء لبيكريس.
    على المدى الطويل، التحدي الذي تواجهه فاليري بيكريس أكثر حساسية من هذا بكثير. تُمنح 10 بالمائة من نوايا التصويت، يجب على المرشحة اخراج الجمهوريين من كماشة ماكرون-لوبان، وان تعيد الى اليمين سبب وجوده... مهمة شبه وجودية.
   يعتقد العديد من المسؤولين المنتخبين في حزب الجمهوريين، أن اليمين لن ينجو من الإقصاء الثاني في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية. “سيتحملون العبء، يقول مقرب من مرشح مهزوم، إذا خسرت في الجولة الأولى، سيكونون المسؤولين”. ويقدر داعم لفاليري بيكريس أنها قد تصل إلى 14/15 بالمائة من نوايا التصويت في يناير، أما “إذا بقيت عند 10 بالمائة، فستكون هذه مشكلة».

«يجب التمايز عن ماكرون»
   للإقلاع، سيتعين على فاليري بيكريس إظهار اختلافها عن إيمانويل ماكرون. وهذا التحدي ليس خاصا بها، إنه تحدي اليمين منذ عام 2017.
 لكن، غالبًا ما تكون الوزيرة السابقة في ورطة، بسبب صورتها “الليبرالية من إيل دو فرانس”، المرتبطة في المخيال الجمعي مع مجموعة الجمهورية الى الامام. “بيكريس، هي ماكرون 2.0”، سخر نائب من الجمهوريين في أغسطس. و”سيكون من الضروري أن تميز نفسها عن ماكرون، يعهد قيادي من الجمهوريين، إنها تنطلق من مسافة أبعد من برتران في هذه النقطة، لكن هذا ليس مستحيلاً.»
   في حملتها، ستعتمد فاليري بيكريس على برنامجها اليميني ... وصورتها كامرأة. وليس من قبيل الصدفة أنها طرحت هذا الموضوع في بداية خطابها. ستتسارع هذه الحملة بداية من اليوم الاثنين حيث ستزور فاليري بيكريس سانت مارتن فيسوبي بلدة إيريك سيوتي، ونيس. عام 2016، منح فرانسوا فيون نفسه رحلة تزلج بعد انتصاره على آلان جوبيه... اليمين يريد بالتأكيد التعلم من أخطائه.