بعد التشاور مع رئيس الدولة واعتماده.. محمد بن راشد يعلن تغييرات في حكومة الإمارات
المخاطر تتضاعف مع احتمال جر القوى الأجنبية إلى النزاع
كابوس ليبيا يخيّم على احتمالات التدخل العسكري في النيجر
تتبقى أيام على نهاية المهلة التي حددتها المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا “إكواس” للنيجر للعودة إلى الحكم الديمقراطي، وهو مطلب رفضه النظامان العسكريان في بوركينا فاسو ومالي، محذرين في بيان مشترك من أن أي تدخل سيرقى إلى إعلان حرب.
وكتب توم أوكونور في مجلة نيوزويك الأمريكية، أنه بينما يبدو الصراع غير مضمون، فإن الشروط المتوافرة لتصعيد كبير تختمر بسرعة في قارة سبق أن اندلعت على أراضيها أكثر الحروب دموية في القرن الماضي.
وسيترتب على مواجهة كهذه مضاعفات واسعة، ليس فقط بالنسبة إلى شعوب منطقة الساحل، وإنما أبعد من ذلك، مع احتمال توريط دول مثل الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا وآخرين. ومع تعهد رئيس مجموعة إكواس الرئيس النيجيري بولا تينوبو الأسبوع الماضي، الحؤول دون استيلاء الجنرال عبد الرحمن تشياني على السلطة في النيجر البلد المجاور، فإن خطر نشوب مواجهة يلوح في الأفق.
ويقول المستشار البارز في مشروع الساحل بمجموعة الأزمات الدولية إبراهيم مايغا :”لا يتعين أبداً التقليل من تصميم إكواس على إفشال الانقلاب في النيجر.. تينوبو أثبت حزماً حيال منع الإنقلاب من النجاح، كما أنه ميال لكل القرارات القوية التي اتخذها في بلاده.. لذلك يجب ألا نقلل من إرادته على المضي إلى الأمام، بما في ذلك استخدام التدخل العسكري».
رد على تحذير إكواس
ومايغا، الذي سبق له أن عمل مستشاراً خاصاً لرئيس الوزراء المالي بين الانقلابين اللذين وقعا في عامي 2020 و2021، كان متشككاً حيال قدرة بوركينا فاسو ومالي على مقاومة مثل هذا التوغل عبر الوسائل العسكرية، لكنه تحدث عن الظروف الملحة التي جعلت الدولتين تردان على تحذير إكواس.
وقال إنهما تعتقدان أنهما ستكون، في حال نجحت إكواس في إجهاض الانقلاب في النيجر، عرضة لتهديد نشر إكواس إفي بلديهما”. و في حال أخفقت إكواس في استعادة الحكم المدني في النيجر و “نجح الانقلاب”، “على الدول الأخرى أن تقلق من حصول أشياء مشابهة لديها».
ما وراء الساحل
وتمتد المخاطر العالية للوضع في النيجر إلى ما وراء الساحل، لكن أسبابها متجذرة في نهاية المطاف في مشاكل مزمنة في داخل دول المنطقة، وفي المحيط القريب.
ورغم الفقر الذي يعيش فيه معظم سكان النيجر البالغ عددهم 25 مليوناً، فإن هذا البلد غني بالثروات الطبيعية، بما فيه اليورانيوم، مادة التصدير الرئيسية إلى الدول الأوروبية على غرار فرنسا، الدولة المستعمِرة السابقة. ونالت النيجر استقلالها عام 1960، وشهدت مذاك فترات متقطعة من الحكم العسكري والمدني، الذي كان يتولاه مؤخراً الرئيس محمد بازوم الخاضع للإقامة الجبرية على ما يبدو منذ وقوع الانقلاب الأسبوع الماضي.
نفوذ قوي في النيجر
وكما هو الحال في الكثير من الدول في فترة ما بعد الاستقلال في غرب أفريقيا، حافظت فرنسا على نفوذ قوي في النيجر، بما في ذلك الوجود العسكري. وهناك 1500 جندي فرنسي منتشرون هناك في إطار عمليات جارية ضد مجموعات إرهابية تنشط في منطقة الساحل الأوسع، بما فيها تلك المرتبطة بتنظيمي القاعدة وداعش الإرهابيين.
وكانت الأعلام الروسية والشعارات المناهضة لفرنسا حاضرة بقوة لدى مؤيدي الإنقلاب و”المجلس الوطني لحماية الوطن” الحاكم الآن.
ألف جندي أمريكي في النيجر
كما تنشر الولايات المتحدة نحو ألف جندي في النيجر، بما في ذلك قاعدة جوية في مدينة أغاديز، تُستخدم مقراً لعمليات المسيّرات التابعة لقيادة القوات الأمريكية في أفريقيا “أفريكوم”. وجذبت العمليات الأمريكية في النيجر الانتباه الدولي عام 2017، عندما قُتل 4 جنود من القوات الخاصة الأمريكية و4 جنود من جيش النيجر في كمين تبناه فرع “داعش” الإرهابي في الساحل.
وفي الوقت الذي اجتمع رؤساء الأركان في دول إيكواس لمناقشة الرد على الوضع في النيجر، بما في ذلك الاستخدام المحتمل للقوة، فإن رئيس الأركان السابق في النيجر والنائب الحالي للمجلس العسكري الحاكم الميجر جنرال ساليفو مودي، الذي كان بازوم أعفاه من منصبه في مارس (آذار) سافر إلى مالي وبوركينا فاسو من أجل التأسيس لعلاقات مع الدولتين.
وبينما يشكك الزميل في المجلس الأطلسي ج. بيتر فام، الذي سبق له أن عمل مبعوثاً خاصاً للولايات المتحدة إلى البحيرات الأفريقية العظمى بين عامي 2018 و2020، في قدرة بوركينا فاسو ومالي على تشكيل تحدٍ جديٍ لتدخل عسكري محتمل من إكواس نظراً إلى القتال الذي يخوضه البلدان ضد المتمردين، قال إنهما “يحاولان إرسال إشارة حول التزامهما السياسي، وافتقارهما إلى القدرة الفعلية».
ورأى الكاتب أن المخاطر تتضاعف مع احتمال جر القوى الأجنبية إلى النزاع، على غرار التدخل الذي قاده حلف شمال الأطلسي ضد معمر القذافي في ليبيا عام 2011. وكانت النتيجة زعزعة ليبيا وتمهيد الأرضية لنشاطات المتشددين في أنحاء منطقة الساحل، فيما وصفه المحلل السياسي أوفيغيي إيجوجو بـ”الحدث المزعزع جداً”، والذي لا تزال “البلدان الأفريقية تتعامل مع نتائجه».كما أن عامل المنافسة بين الغرب والصين وروسيا، يفاقم التوتر الذي يحيط بالوضع في النيجر. وقال إيجوجو إن “الرهانات عالية جداً، وليس الرهانات فحسب، لكن الخسائر الجانبية لهذا المأزق كبيرة جداً.. إنها ليست حتى مشكلة عسكرية، وإنما مشكلة سياسية».وحذر مدير الأبحاث في مركز صوفان كولن ب. كلارك في شهادة أمام الكونغرس من “السيناريو الأكثر سوءاً”، في حال انفجرت التوترات في النيجر، وتطورت إلى “اشتعال إقليمي».وأضاف “هذا قد يجر إلى حرب إقليمية بالوكالة، مع دعم يقدمه الغرب لإيكواس بينما تدعم روسيا النيجر -وبوركينا فاسو ومالي، في حال انضمتا إلى القتال- فضلاً عن دعم من مجموعة فاغنر”، ورأى أن “ما يجري في الساحل ليس عرضاً جانبياً للتنافس بين القوى الكبرى، بل إنه تنافس القوى الكبرى بحد ذاته.. إن الأحداث التي تتكشف لا تحدث من فراغ. فالولايات المتحدة وفرنسا والصين وروسيا لديها مصالحها المكتسبة في دول الساحل».