كوبا غارقة في أزماتها بعد عامين من احتجاجات تاريخية
بعد عامين من الاحتجاجات غير المسبوقة المناهضة للحكومة التي هزت كوبا الشيوعية، تفاقمت المشكلات الاقتصادية والاجتماعية العميقة التي دفعت المواطنين إلى التظاهر وتحدي حكومة تُعرف بعدم تسامحها مع المعارضة.
تغرق الجزيرة الشيوعية في ما قد تكون أخطر أزمة لها منذ التسعينات، مع تضخم غير قابل للكبح وسياحة تكافح للتعافي وطوابير لا نهاية لها للحصول على الطعام والوقود والدواء.
وتسبب نقص العملة الأجنبية وانخفاض قيمة البيزو في ارتفاع الأسعار ويسعى المزيد من الكوبيين إلى الفرار من الجزيرة.
في 11 و12 تموز/يوليو 2021، أثارت شكاوى مماثلة احتجاجات عفوية في عشرات المدن والبلدات ردد المشاركون فيها هتافات “حرية!” و”نحن جائعون».
وبعد عام من ذلك، تعهّد الرئيس ميغيل دياز كانيل إخراج البلاد البالغ عدد سكانها 11 مليون نسمة في وقت قريب من وضع اقتصادي “معقد” فاقمته ستة عقود من العقوبات الأميركية وجائحة كوفيد التي ضربت قطاع السياحة الحيوي في كوبا.
لكن بعد مرور عام آخر، لم يتغيّر شيء يذكر.
وقال المحلل السياسي الكوبي أرتورو لوبيس-ليفي الذي يعمل في جامعة مدريد المستقلة لوكالة فرانس برس “على المدى القصير، ليس لدى الحكومة مساحة كبيرة للمناورة».
وأضاف أن دياز كانيل الذي يتولى منصبه منذ العام 2018، يتعامل مع “مستويات خطيرة من الأمن الغذائي والطاقة” ورثها عن سلفيه فيدل وراول كاسترو.
بعد حوالى ستة عقود من احتكار الدولة النشاط التجاري، وافقت الحكومة في آب/أغسطس 2021 على الترخيص بإنشاء مؤسسات صغيرة ومتوسطة.
وساهم ذلك إلى حد كبير في التخفيف من النقص في بعض المنتجات، لكنّ التفاوتات اتّسعت بسبب ارتفاع الأسعار بعيدا عن متناول العديد من الأشخاص الذين يعتمدون بشدة على المنح الحكومية.
وأصبح الكوبيون الذي سئموا من الوضع، أقل ترددا في التعبير عن استيائهم من السلطات.
العام الماضي، كانت هناك تظاهرات متقطعة احتجاجا على انقطاع التيار الكهربائي في العديد من المناطق في بلد لا يُسمح فيه بالمعارضة السياسية وحيث كانت الاحتجاجات قبل العام 2021 نادرة جدا.
وفي أيار/مايو هذا العام، تظاهر عشرات الأشخاص احتجاجا على نقص المواد الغذائية والدواء في كايمانيرا، وهي مدينة تقع على مسافة ألف كيلومتر من العاصمة.
وقال لوبيس-ليفي إن هذه الاحتجاجات لم تكن منظمة بل كانت ردود فعل “مرتجلة” على ظروف المعيشة الصعبة.
بالنسبة إلى عالم الاجتماع رافايل هيرنانديس، رئيس تحرير مجلة العلوم الاجتماعية تيماس، كانت التظاهرات تعكس “تآكل مصداقية الحكومة وسياساتها للخروج من الأزمة».
وفيما أصبح الكوبيون أكثر جرأة، ردت الحكومة بتوقيفات ومضايقات، وفقا لناشطين، وبتحركات لإسكات الخطاب المعارض بقطع الإنترنت.
وبحسب مجموعة “جاستيسيا 11ج” الحقوقية، فإن البلاد تتعامل مع “موجة جديدة من القمع».
وعقب احتجاجات العام 2021، أوقف 1500 شخص وما زال مئات وراء القضبان منذ ذلك الحين.
وبحسب البيانات الرسمية، حكم على 488 شخصا بالسجن لمدد تصل إلى 25 عاما على جرائم مثل الازدراء والفوضى العامة.
وقد غادر العديد من الناشطين البلاد.
وتلوم الحكومة الكوبية الولايات المتحدة وتتّهمها بالوقوف وراء الاضطرابات، وأكدت عبر صحيفة “غرانما” الرسمية الاثنين أن واشنطن تتحمل “المسؤولية المباشرة” عن الاحتجاجات.
من جهتها، قالت منظمة العفو الدولية في أيار/مايو إن “وضع حقوق الإنسان في كوبا مستمر في التدهور”، مشيرة إلى قانون عقوبات جديد تم تبنيه العام الماضي يقول منتقدون إنه يهدف إلى قمع استباقي لأي مظاهر من الاستياء العام، ويحاكم المخالفون بموجبه بالسجن لمدد تصل إلى عامين.
واستعدادا للذكرى السنوية الثانية للاحتجاجات التي تصادف الثلاثاء، نشر عدد كبير من عناصر الشرطة والقوات الأمنية في شوارع العاصمة الكوبية هافانا.