رئيس الدولة والرئيس القبرصي يؤكدان أهمية العمل على ترسيخ أسباب السلام والاستقرار الإقليميين
تجمعات أنصاره أشبه بحفلات الروك
كيف تحوّل دونالد ترامب إلى ظاهرة ثقافية؟
وصف جوليان زيليزر، محلل سياسي بشبكة «سي إن إن»، الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بأنه ظاهرة ثقافية، وأثبت هيمنته في المؤتمرات الحزبية في ولاية أيوا، متفوقاً على منافسين رفيعي المستوى هذا الأسبوع.
وقال زيليزر، وهو أستاذ التاريخ والشؤون العامة بجامعة برينستون، في تحليل نشرته الشبكة الإخبارية الأمريكية: لم يتمكن المنافسون الجمهوريون، بقيادة السفيرة السابقة لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي وحاكم فلوريدا رون ديسانتيس، من زعزعة ولاء الناخبين لترامب. والواقع أن الجناح «المناهض لترامب» بأكمله داخل الحزب، لم يُثبت قدرته على إحداث أي تأثير.
أسباب الشغف بترامب
وأوضح الكاتب أن هناك أسباباً كثيرة وراء الولاء الذي يستحوذ عليه ترامب داخل هذه القاعدة؛ فكثير من الأفكار التي أيدها، بما في ذلك معاداته للمهاجرين وتشكّكه في تحالفات الولايات المتحدة في الخارج، يلقى صدى واسعاً لدى الناخبين ضمن تحالف الإنجيليين والطبقة العاملة والريفيين، الذي شكل قاعدته. وكثير من سياساته كرئيس، كالتخفيضات الضريبية على الشركات والتعريفات الجمركية على الصين، وإلغاء القيود التنظيمية، يتناغم جيداً حتى مع الجمهوريين الذين لا يميلون بقوة إلى أسلوبه السياسي.
وهناك أيضاً الحسابات العملية البحتة. ففي حزب صار شديد التحزّب في العقود الأخيرة، هناك تصور بأن ترامب هو صاحب الفرصة الأفضل لاستعادة البيت الأبيض في انتخابات نوفمبر -تشرين الثاني، على الرغم من أدائه سنة 2020 وتأثيره الضار سنة 2022. «ناهيك عن استطلاعات الرأي التي تُظهر أنه لو أجريت الانتخابات الآن، فستفوز هايلي على بايدن فيما سيحقق ترامب والرئيس نتائج متعادلة في الأساس».
ونظراً لنجاح ترامب في تسويق حالة الإنكار الانتخابي لمؤيديه، تبدو مقولة إن لوائح الاتهام الأربع الموجهة ضد الرئيس السابق شكل من أشكال الاضطهاد منطقية بالنسبة لهم. ففي ولاية أيوا، أظهر استطلاع للرأي أن عدداً كبيراً من الناخبين الجمهوريين لا يصدقون أن بايدن فاز بانتخابات 2020، وأن الكثيرين سينظرون في دعم ترامب حتى لو أدين بارتكاب جريمة.
لكن من المهم أيضاً أن ندرك أن ترامب تحول إلى ظاهرة ثقافية داخل قطاعات كبيرة من الحزب الجمهوري، حيث استطاع الترويج لدوره في السياسة على نحو أشبه بفريق رياضي أو مطرب مشهور أو مؤثر على وسائل التواصل الاجتماعي.
ويلفت الكاتب إلى أن قاعدة ترامب تدعمه دون أي تحفظ ودون أي شعور بالريبة. وهم يكنّون له مستوى غير عادي من الحماس، إلى الحد الذي يجعلهم يتماهون معه على المستوى الشخصي البحت. فأي اعتداء عليه اعتداء عليهم.
ترامب يسوق
لنفسه كمنتج ثقافي
وعلى النقيض من معظم الرؤساء الآخرين، لم يواجه ترامب أي مشكلة في ممارسة فن تسويق نفسه بشغف. فبلا أدنى اهتمام باللياقة والتقاليد، توصل إلى طرق واستعملها بقوة لتسويق نفسه كمنتَج ثقافي، لا سياسي عادي، مدركاً أن هذا سيبني علاقات أعمق كثيراً.
وهناك آخرون أيضاً يسوّقون لأنصاره. ففي بونز ميل بولاية فيرجينيا، كما ذكرت شبكة «سي إن إن»، يمكن لأنصار ترامب الذهاب للتسوق في متجر «ترامب تاون يو إس أيه» لشراء كرات ترامب الفضية (بسعر 125 دولاراً للمجموعة الأكبر حجماً) أو ملصقات للسيارات.
وهناك العشرات من المتاجر المستقلة الأخرى التي تلبي احتياجات أنصار ترامب في جميع أنحاء البلاد. فالشخص الذي يرتدي قبعة MAGA تجده أشبه بمشجع فريق نيو إنغلاند باتريوتس الذي يتباهى بحاجياته الرياضية.
ومن المؤكد أن ترامب ليس أول رئيس يتمتع برواج ثقافي قوي بين الناخبين يتجاوز حدود الارتباطات السياسية التقليدية. فدمية الدب التي عُرفت باسم الرئيس تيودور روزفلت تحولت إلى ظاهرة في أوائل القرن العشرين.
ويلفت الكاتب إلى أن لا رئيس كرّس هذا النوع من الاهتمام لتسويق نفسه كظاهرة ثقافية مثلما فعل ترامب. فمن المعروف أن تجمعات أنصار ترامب أشبه بحفلات الروك، حيث يرتدي الحاضرون شعارات MAGA، متباهين بأكبر عدد ممكن من قطع الملابس التي يمكنهم شراؤها حاملةً هذا الشعار ويترقّبون سماع عباراتهم المفضلة. آتى ثماره نجاح نجم تلفزيون الواقع السابق في ترويج نفسه كمنتج ثقافي.
ليست المنتجات هي وحدها التي تعزز صورة ترامب، بل الشخصية العريضة، الهيمنة التي يتمتع بها في قطاعات شاسعة من مناطق نفوذ الحزب الجمهوري.
ترامب.. نجم
فريقه السياسي
وعلى الرغم من أن بعض النقاد تساءلوا عما إذا كان شغف الجماهير بترامب سيتلاشى، إلا أنه حتى الآن يبدو أن هذا الشغفف ما زال موجوداً.
ويخلص الكاتب إلى أن الشيء المثير للقلق بشأن ترامب، حسب الكاتب، هو أنه ليس مجرد نجم آخر من المشاهير. فالاحتمالات كبيرة أن يكون في طريقه مرة أخرى إلى البيت الأبيض، الذي يحمل كل من يجلس في مكتبه البيضوي مفاتيح الأسلحة النووية، ويتخذ قرارات عظيمة الشأن تتعلق بالسياسات في أمريكا والحياة في كل أنحاء العالم.