رئيس الدولة يتلقى اتصالاً هاتفياً من الرئيس الســوري تبـادلا خلالـه التهانـي بعيـد الأضحى
ثغرات أتاحت لموسكو مواصلة بيع النفط
كيف فشل الغرب في سحق اقتصاد روسيا؟
فرض الغرب مجموعةً غير مسبوقة من العقوبات على روسيا، منذ أن شنَّت غزوها الشامل على أوكرانيا في 24 فبراير -شباط 2022، وذلك بهدف استنزاف مواردها وخزائنها، فتجد مشقةً شديدة في تمويل حربها.
كانت هذه العقوبات الاقتصادية في المقام الأول، مُصمَّمَة لتقليص دخل المنتجات النفطية، وتجميد أصول القلة النخبوية الروسية، وتقويض الوصول إلى الأسلحة، ولا سيما الأسلحة الحديثة.
ورغم ذلك، وبعد عامين كاملين، يقول تقرير لمجلة «بوليتيكو» إن الاقتصاد الروسي تعافى، إذ ما برحت مصانعه تعمل بقوةٍ وما زالت مبيعات النفط والغاز قويةً نسبياً، والشعب الروسي كله يعمل ضمن منظومة أُعيدَ تأهيلها لتصبح كلها متعلقة بالحرب.
وأوضح التقرير أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتولى زمام الأمور بقبضة من حديد في الكرملين، على الرغم من الآمال التي انعقدت على أنْ تُضعِف العقوبات قبضته على السلطة.
الغرب بحاجة
إلى إدارة توقعاته
وكشفت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الأسبوع الجاري عن عقوبات جديدة ضد روسيا، بعضها يرتبط بوفاة زعيم المعارضة أليكسي نافالني. ومع ذلك، يقول الخبراء إن العقوبات والإجراءات الاقتصادية الأخرى وحدها لن يكون لها الغلبة في هذه الحرب، وأن الغرب بحاجة إلى إدارة توقعاته بشأن ما يمكن أن تُحققه هذه الأدوات على المدى القصير. وتثير حدود حملة العقوبات تساؤلات حول مشروع الغرب الأوسع لاحتواء روسيا بوسائل غير عسكرية.
16500 عقوبة على روسيا
فرض الغرب إجمالاً أكثر من 16500 عقوبة على روسيا منذ غزوها لأوكرانيا، وكان الهدف الرئيس تجميد أموال روسيا. وجرى تجميد احتياطيات النقد الأجنبي بقيمة 350 مليار دولار، أي ما يوازي نحو نصف إجمالي احتياطيات روسيا.
وحظرت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي صادرات التكنولوجيا التي قد تَستخدمها روسيا في صُنع الأسلحة، وحظرت وارِدات الذهب والألماس من روسيا والرحلات الجوية الآتية منها، وفرضت عقوبات على رجال الأعمال الروس أصحاب النفوذ وصادَرَت يخوتهم.
وأشار التقرير إلى أن صناعة النفط الروسية كانت هدفاً أساسياً آخر، إذ حظرت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة النفط والغاز الطبيعي الروسي، وحظر الاتحاد الأوروبي واردات النفط الخام المنقولة بحراً. وفرضت مجموعة الدول السبع حدًا أقصى لسعر البرميل بلغ 60 دولاراً للبرميل في محاولةٍ لخفض أرباح روسيا. ومع ذلك، تمكنت روسيا من التهرب من العقوبات باستخدام «أسطول يعمل في الظل» من السفن لبيع النفط في الخارج بسعر أعلى من سقف سعر مجموعة الدول السبع. وتمكنت روسيا أيضاً من استيراد العديد من البضائع الغربية الخاضعة للعقوبات بشرائها من دول مثل جورجيا وروسيا البيضاء وكازاخستان. وقد كانت الصين مُورِّداً أساسياً للمنتجات التكنولوجية المتطورة البديلة لتلك التي ينتجها الغرب، مما مَكَّنَ روسيا من مواصلة إنتاجها العسكري.
ويرى الخبراء أنَّ العقوبات الغربية لم تجعل شن هذه الحرب مكلفاً بما فيه الكفاية بالنسبة لروسيا، وهذا يعني أنها تستطيع الاستمرار فيها لفترة من الوقت مُستقبلاً. فقد خفضت الحكومة الروسية الإنفاق على الصحة لتمويل الحرب، وزادت استثماراتها في الدفاع بنسبة تقترب من 70% في عام 2024 مقارنةً بعام 2023. وتحولت روسيا أيضاً إلى دولة عسكرية، إذ أعادت توجيه الاقتصاد لخدمة الجيش، حتى في ظل معاناة المدنيين الروس من ارتفاع الأسعار.
ويرى الكاتب أن الوضع الحالي خالف توقعات البيت الأبيض وحلفاء أمريكا الأوروبيين، ولم تؤد القيود المالية والتجارية إلى انهيار اقتصادي روسي، ناهيك عن إقناع الكرملين بالتخلي عن خططه الخاصة بالغزو.
على المدى البعيد، ستجعل العقوبات روسيا أفقر وأكثر تخلفاً من الناحية التكنولوجية وأكثر اعتماداً على الدولة في تحريك الاقتصاد. ومع ذلك، يقول التقرير إن حملة الغرب التي تُركز على العقوبات أخفقت في وقف آلة الحرب الروسية، ويقول الخبراء إن العقوبات والإجراءات الاقتصادية الأخرى وحدها لن تنتصر في هذه الحرب.
ولفت التقرير النظر إلى حقيقة أنَّ هذه العقوبات لم تُطبَّق بشكلٍ موحَّد من جانب الدول كلها مما قوض أثرها. على سبيل المثال، واصلت الصين والهند تعاملاتهما مع روسيا، إذ اشترتا النفط الروسي، مما ساعدَ روسيا على التخفيف من أثر العقوبات عليها.
فضلاً عن كذلك، كانت هناك بعض الثغرات التي أتاحت لروسيا مواصلة بيع النفط، ومن بينها إمكانية المزج بين نفطها ونفط غيرها من الدول. علاوة على ذلك، كانت لهذه العقوبات تبعات غير متوقعة، ومنها على سبيل المثال أنها أفضت إلى زيادة أسعار منتجات الطاقة العالمية وألحقت أضراراً بالاقتصادات الغربية.
وخلص التقرير إلى أن العقوبات الغربية كان لها تأثير ليس هيناً على الاقتصاد الروسي. لكنها رغم ذلك لم تفلح في وقف الحرب الدائرة رحاها في أوكرانيا.