رئيس الدولة يستقبل حاكم أم القيوين ويستعرضان عدداً من الموضوعات التي تتعلق بشؤون الوطن والمواطن
استراتيجية خفية
كيف يستغل ترامب ثغرات القانون لترحيل اللاجئين عبر «دول ضعيفة»؟
رأى خبراء أن هناك التفافًا من جانب إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول إجراءات ترحيل اللاجئين في الولايات المتحدة، في إطار حربه على الهجرة، بهدف التنصل من تبعات قانونية سواء في الداخل الأمريكي أو في الخارج، من خلال عمليات ترحيل من أمريكا إلى الدولة الأم عبر دول ثالثة. وأوضحوا في تصريحات لـ»إرم نيوز»، أن هناك استراتيجية محكمة يتبعها ترامب في استخدام دول صغيرة أو ضعيفة لتنفيذ سياساته الخاصة بمكافحة الهجرة، معتمدًا على العديد من الثغرات القانونية التي تتيح له إمكانية الترحيل دون اللجوء إلى الإجراءات القضائية التي قد تعطل مساعيه في هذا الصدد.
وأشاروا إلى أن هذه الدول الصغيرة تستقبل مهاجرين غير شرعيين من الولايات المتحدة كمحطة، لتحقيق رغبة ترامب، في ظل ما تحصل عليه تلك الدول الثالثة من منافع ومكاسب من القيام بهذا الدور، خاصة في ظل الأداة التي جعلها الرئيس الجمهوري سلاحًا ذا حدين في يده في التعامل مع بعض الدول، وهي الرسوم الجمركية.
وقد أعلنت جوبا، عاصمة جنوب السودان، مؤخرًا، أنها أعادت بنجاح إلى المكسيك مواطنًا مكسيكيًا هو واحد من ثمانية رجال رحّلتهم الولايات المتحدة إلى جنوب السودان، في إطار حملة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد الهجرة غير النظامية. وفي هذا الإطار، قالت وزارة خارجية جنوب السودان إن المكسيك وافقت على تسلم خيسوس مونيوز-غوتيريز، وهو أحد الثمانية الذين رحّلتهم الولايات المتحدة إلى جنوب السودان في 5 يوليو الماضي، بعد معركة قضائية طويلة.
وجعل ترامب ترحيل المهاجرين غير النظاميين أولوية، بما في ذلك من خلال ترتيبات لنقلهم إلى دول ثالثة غالبًا ما تكون غير مستقرة وفقيرة.
وقال المختص في الشؤون الأمريكية، الدكتور خالد شيات، إن دولة جنوب السودان ليست الأولى في هذا المسار، ويبدو أن هناك استراتيجية محكمة للرئيس ترامب في استخدام دول صغيرة أو ضعيفة لتنفيذ سياساته الخاصة بالهجرة، لا سيما في ظل وجود قيود كثيرة تواجه سياسته في هذا الملف، خصوصًا فيما يتعلق بالجانب القانوني، ولذلك يعتمد على الثغرات القانونية التي تتيح له إمكانية الترحيل دون اللجوء إلى الإجراءات القضائية، كما ينص القانون الأمريكي في الحالات التي يكون فيها الأمر ضروريًا، مثل التعامل مع المهاجرين العنيفين أو الخطرين. وأضاف شيات في تصريحات لـ»إرم نيوز»، أننا غالبًا ما نتحدث عن الإدارة الأمريكية في هذا السياق، وعلى الرغم من محاولات بعض الأشخاص مقاضاة الإدارة الأمريكية، فإنه من ناحية أخرى، لا توجد حماية كافية تضمن حقوقهم في الإجراءات، لكن يبقى الأمر مرتبطًا أحيانًا باستعمال أساليب عنيفة ضدهم، وهو ما يتيح لهم فقط رفع دعاوى أمام المحاكم الأمريكية. ومع ذلك، تبقى مسألة الهجرة خاضعة للجوانب القانونية والقضائية التي يمكن أن تساعدهم إلى حد ما. وبحسب شيات، فإن للرئيس الأمريكي موقفًا من دول أمريكا الجنوبية، مثل السلفادور، التي زار رئيسها الولايات المتحدة سابقًا من أجل تحديد بلاده كموطن للتهجير الخاص بالقادمين إلى الولايات المتحدة، وهناك أيضًا دول مثل بنما وغيرها من الدول الصغيرة في هذا المجال، حتى المكسيك، لكن يبدو أن الأمر تمدد إلى إفريقيا، فكما شهدنا سابقًا مهاجرين ذهبوا إلى سواتيني في جنوب إفريقيا، نجد اليوم دولة جنوب السودان تدخل على الخط. وأوضح شيات أن هذه الدول الصغيرة تسعى إلى الاستفادة، فيما تستخدمها إدارة ترامب كأدوات ضغط، مثل فرض رسوم جمركية على صادراتها، كما حدث مع مجموعة من القادة الأفارقة الذين استقبلهم ترامب مؤخرًا في البيت الأبيض، ويبدو أن من بين ما تمت دراسته هو استغلال هذه الدول للأغراض المرتبطة بملف الهجرة. وأشار إلى أن الدول الأربع أو الخمس التي استقبلها الرئيس الأمريكي سابقًا تدخل في إطار تأكيد السياسات المرتبطة برؤية ترامب للهجرة، وهي سياسات يتوقع أن تتصاعد حدّتها، سواء من حيث العدد أو الكيفية، أو حتى على مستوى الدول التي يمكن أن تتحول إلى مقرات لاستقبال المهاجرين أو ممرات استراتيجية لترحيلهم إلى بلدانهم.
بدوره، يرى الباحث في العلاقات الدولية، محمد عطيف، أن مثل هذه الخطوة تثير نقاشًا قانونيًا حول ممارسة الترحيل عبر دول ثالثة، لافتًا إلى أن القانون الدولي ينص على مبدأ «عدم الإعادة القسرية»، والذي يُلزم الدول بمنع إرسال أي شخص إلى بلد قد يتعرض فيه للخطر أو لانتهاك حقوقه. غير أن استخدام دولة ثالثة يخلق تعقيدات قانونية، إذ يمكن النظر إليها كوسيلة لتخفيف المسؤولية القانونية أو توزيعها بين أكثر من دولة.
وبيّن عطيف لـ»إرم نيوز»، أن من الناحية السياسية، قد تعكس هذه الممارسات محاولات من واشنطن لإدارة ملف الهجرة بطريقة تقلّل من الضغوط الداخلية المرتبطة بالرأي العام، مع الحفاظ على صورة قانونية رسمية. إضافة إلى أن الترحيل عبر دولة ثالثة قد يوفر للحكومة مخرجًا إجرائيًا ويجعل الترحيل أقل عرضة للطعن القانوني داخل الولايات المتحدة. وذكر عطيف أن من الناحية الدبلوماسية، فإن إشراك دولة ثالثة في هذه العملية قد يفتح الباب أمام عمليات تعاون ثنائي أو اتفاقيات مؤقتة حول استقبال مرحّلين، ولكنه في الوقت نفسه يثير حساسيات بين الدول، إذا تم ذلك دون تنسيق كافٍ أو بشروط غير متوازنة، مما يؤثر على صورة الدولة التي تقوم بالترحيل، أو يخلق توترات مع الدول المستقبِلة.
وتابع عطيف أن مثل هذه الحوادث تُسهم في إثراء النقاش حول كيفية تطوير نظام عالمي أكثر وضوحًا وعدالة لعملية الترحيل، بما يوازن بين سيادة الدول وحقوق الأفراد. كما أن تعزيز الشفافية والتعاون يمكن أن يحدّ من الالتباسات القانونية، ويقلّل من الإشكاليات المرتبطة بعمليات الترحيل غير المباشر.