رئيس الدولة ومحمد بن راشد يبحثان جهود تعزيز التنمية الوطنية والازدهار الذي يحققه الاقتصاد الوطني
أقوى من مجموعة العشرين أو الأمم المتحدة أو كوب 26:
ماذا لو أن منظمة شنغهاي للتعاون مركز السلطة العالمي؟
مع صعود منظمة شنغهاي للتعاون، ينتقل مركز ثقل الجغرافيا السياسية العالمية تدريجياً من العالم الأوروبي الأطلسي إلى آسيا. طريقة لبكين لدفع بيادقها من أجل تشكيل العالم على صورتها.
لوران أميلوت، الباحث المشارك في معهد توماس مور، والأستاذ في معهد دراسة العلاقات الدولية وعضو في مركز آسيا 21 للأبحاث، يفكك الإشكالية في الحوار التالي مع موقع أتلانتيكو:
* لم يحضر الرئيس الصيني قمة مجموعة العشرين ولا في الدورة السادسة والعشرين لمؤتمر المناخ، حيث يقوم بمراجعة أولوياته خارج حدوده، ولم يغادر البلاد منذ يناير 2020. ومع ذلك، خارج الأحداث الكبرى حيث شي جين بينغ نادر الظهور، تحرّك البلاد بيادقها دوليًا عن طريق منظمة أخرى: منظمة شنغهاي للتعاون. كيف تحاول بكين من خلال هذه المنظمة تحريك مركز ثقل الجغرافيا السياسية العالمية نحوها؟ وما مدى نجاحها حتى الآن؟
- مركز ثقل المشهد الدولي يتحول بالفعل من العالم الأوروبي الأطلسي إلى آسيا. وتقع الصين في عهد شي جين بينغ في قلب المناورات التي تشكل نظامًا عالميًا جديدًا.
بمجرّد توليه السلطة عام 2013، أظهر رجل بكين القوي الجديد بوضوح، طموحاته للصين والعالم: من خلال “الحلم الصيني”، جعل الصين الشيوعية القوة المركزية على الساحة الدولية في أفق 2049، الذكرى المئوية لتأسيسها، وبالتالي وضع حدّ نهائيًا لقرن الخضوع والإذلال والمعاهدات غير المتكافئة. لذلك، على بكين تعبئة كل الأدوات المتاحة لها لتشكيل العالم على صورتها.
ولما كانت الصين “جزيرة جيوسياسية”، كان لا بد من تثبيت استقرار جانبها الغربي، في امتداد لنهاية الحرب الباردة، ولتوجه نظرها بشكل قاطع نحو الشرق والبحر، لضمان أمن مداخلها البحرية، ثم التوجه نحو “البحار البعيدة “. ومشروع “حزام واحد، طريق واحد”، 2013 يطلق عليه الآن “مبادرة الحزام والطريق”، (2016)، يجسد هذا الطموح من خلال مناورة برية مزدوجة -”الحزام الاقتصادي لطريق الحرير” -والبحري -”طريق الحرير البحري الجديد للقرن الحادي والعشرين».
سهّلت منظمة شنغهاي للتعاون إلى حد كبير تجسيد عنصر الأرض في هذه المبادرة الشاسعة التي تهدف إلى إعادة تشكيل الكتلة الأرضية الأوروبية الآسيوية وفقًا للخصائص الصينية. وريثة مجموعة شنغهاي، التي تأسست عام 1996، والتي جمعت منذ إنشائها عام 2001، بالإضافة إلى روسيا والصين الشيوعية، ثلاث جمهوريات من آسيا الوسطى -كازاخستان وقيرغيزستان وأوزبكستان -سمحت لبكين بحل نزاعاتها الحدودية مع جيرانها (1996-2001) ، وبتعزيز رؤيتها للتكامل الإقليمي من خلال التجارة والبنية التحتية ، وبهيكلة الحرب ضد ثلاثية الانفصالية والأصولية والإرهاب.
وهكذا، عام 2021، تضم منظمة شنغهاي للتعاون تسعة أعضاء، مع عضوية متزامنة عام 2017 للهند وباكستان، وإيران عام 2021، وتستقبل ثلاثة مراقبين: أفغانستان وبيلاروسيا ومنغوليا، وتمتد من الحدود الشرقية للاتحاد الأوروبي إلى المحيط الهادي، ومن القطب الشمالي إلى المحيط الهندي. وهي تضم عضوين دائمين في مجلس الأمن (الصين وروسيا)، وهما أيضًا قوتان نوويتان رسميتان، وقوتان نوويتان على العتبة (الهند وباكستان)، وثلاثة أعضاء مؤسسين لبريكس (الصين وروسيا والهند)، والزعيمة الاقتصادية للعالم (الصين) ، وثلاث من القوى الغازية و / أو النفطية الرئيسية في العالم (روسيا وإيران وكازاخستان) وأكبر قوتين ديموغرافيتين (الصين والهند).
ومع انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان، أصبحت رئة الكتلة الأرضية الأوروبية الآسيوية الآن تحت السيطرة الحصرية للمجمع الصيني الروسي، الذي تتصدّره بكين. إنه بعيد تمامًا عن متناول الغرب. ومع ذلك، تواجه منظمة شنغهاي للتعاون العديد من التحديات.
*قبل شهر، تم قبول إيران كعضو في منظمة شنغهاي للتعاون، منهية بذلك عزلة نظام الملالي التي فرضتها الولايات المتحدة. وبهذا المدخل، هل ان الرئيس الصيني بصدد تكوين منظمة دولية جديدة بـ “إيكو سيستم” أكثر ملاءمة له؟
- فعلا، في سبتمبر 2021، بمناسبة انعقاد القمة الحادية والعشرين لمنظمة شنغهاي للتعاون، والذكرى العشرين لتأسيس المنظمة، تم قبول إيران. وهذه إشارة قوية موجهة إلى المجتمع الدولي، وخاصة للغرب. ابعادها أكبر بكثير من دمج الهند وباكستان، نتيجة التسوية بين موسكو وبكين. وإذا كان هذا القبول المزدوج جزءً من الحلم الروسي القديم، الذي وضعه بريماكوف، على وجه الخصوص، بشأن بناء “مثلث استراتيجي” في أوراسيا بين الهند وروسيا والصين، فإن دمج إيران هو جزء من الإرادة الصينية، بدعم من روسيا، لبناء نظام دولي على أساس نموذج غير ليبرالي، تتمحور خطوطه حول الصين.
من هنا، إذا كانت منظمة شنغهاي للتعاون تمثل نقطة التقاء مؤسسية بين بكين وموسكو، في تنافس كل منهما مع واشنطن وحلفائها الغربيين والآسيويين، على الأقل من الناحية الجيوسياسية ، فإنها توضح خصوصا، من ناحية ، الاطار الظرفي جدا للثنائي الصيني- الروسي الذي يميل طابعه غير المتكافئ لصالح الصين الشعبية ، ومن ناحية أخرى، الصعوبات التي يواجهها هذان الشريكان في صياغة مشروع سياسي حقيقي لمنظمة شنغهاي للتعاون: فهل يجب أن تظل هذه الأخيرة عبارة عن قوقعة فارغة، ومكان للتبادل مع نتائج دبلوماسية مفيدة قبل كل شيء لبلدان آسيا الوسطى ولكن دون أي تأثير حقيقي على تعريف ميزان القوى على نطاق عالمي، أو هل لديها الإرادة اللازمة لتصبح لاعبا رئيسيا على الساحة الدولية من أجل تغيير قواعد اللعبة؟ تبدو الإجابة سلبية، حيث إن منظمة شنغهاي للتعاون مبنية على أرصدة هشة، بدون أدنى قاسم مشترك للمصلحة الجماعية.
وتوضح المنافسات بين الهند وباكستان، وبين الهند والصين، وانعدام الثقة بين روسيا والصين، أو بين جمهوريات آسيا الوسطى الثلاث، الصعوبات التي تواجه منظمة شنغهاي للتعاون في اقتراح رؤية جيوسياسية بديلة للنظام الليبرالي الغربي. والنتيجة: بينما يعتمد الروس والصينيون على المنظمات الإقليمية الأخرى لتعزيز مصالحهم وتأسيس طموحاتهم، فإن بكين تنزّل أفعالها في مقاربة أكثر شمولية.
في الواقع، على مستوى أوراسيا، فإن روسيا، بسيطرتها على كومنولث الدول المستقلة، ومنظمة معاهدة الأمن الجماعي والاتحاد الاقتصادي الأوراسي، تضمن هيمنة ما، أمنية واقتصادية، على جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق. ومع ذلك، فإن الصين الشعبية، من خلال تنظيمها في مايو 2021، أول اجتماع سي+ 5 1، يجمع جمهوريات آسيا الوسطى الخمس، دون دعوة روسيا، تذكّر بأن طموحاتها، من حيث التكامل الإقليمي في أوراسيا، لا تعتمد حصريًا على شراكتها الاستراتيجية مع موسكو…
لذا، بينما تبني الصين الشيوعية “إيكو سيستم” ملائمًا حول نفسها، فإن منظمة شنغهاي للتعاون ليست مركزه.
*هل يمكن أن يكون للمبادرات الآسيوية وزن أكبر في نهاية المطاف من منظمات مثل الناتو أو حتى الأمم المتحدة؟ هل يمكن لهذا النوع من التنظيم أن يجعل القوى الغربية في نهاية المطاف هامشية؟
- هذا الـ “إيكو سيستم”هو الترجمة العملانية لـ “الحلم الصيني”، الذي تحقق في مبادرة الحزام والطريق المذكورة أعلاه. وهو يدور حول العناصر التالية - انفتاح المقاطعات الغربية في الصين ، وتعزيز رأسمالية الدولة من خلال دعم تدويل استراتيجيات أبطال الاقتصاد الوطنيين، وتشجيع الاتصال عبر “طرق الحرير الرقمية”، والتكامل الإقليمي بفضل البنية التحتية والممرات الاقتصادية والتجارة (الصين - باكستان ، الصين - بورما ، الممر الاقتصادي بين الصين والهند الصينية ، ممر بنغلاديش - الصين - الهند - بورما أو مشروع ميناء لامو وممر النقل بين جنوب السودان وإثيوبيا المعروف اختصارا بـ “لابست”، الخ) ، وفرض المعايير والقواعد وفقًا للنموذج الصيني – التي ترسم وتحدد معالم عولمة- صينية - نموذج بديل حقيقي للنظام الدولي الغربي الليبرالي.
تسلط هذه العولمة الصينية الضوء على الإصلاح الضروري للنظام الدولي حول نظام متعدد الأقطاب يتم فيه الاعتراف بالتأثير المتزايد للقوى الصاعدة، ويعتبر انفجار التجارة جنوب-جنوب اتجاهًا لا ينبغي تجاهله بعد الآن. ولئن كانت مسموعة في العديد من الدول النامية التي ترغب في التحرّر من النموذج الذي تفرضه الدول الغربية والمؤسسات المالية الدولية التي تفرض عليها إصلاحات هيكلية واحترام الديمقراطية وحقوق الإنسان مقابل منح القروض، فإنها قبل كل شيء تسمح للصين ببناء شبكة من الشركاء من المرجح أن تجعل القوى الغربية اقلية في عدد معين من المؤسسات الدولية متعددة الأطراف.
وهذا هو الحال بالفعل على المستويين السياسي والاقتصادي، حيث بدأت الصين في تقويض نظام الأمم المتحدة. فمن ناحية، من خلال انتخاب بعض مسؤوليها لإدارة مؤسسات فنية دولية مختلفة، أو من خلال عضويتهم في لجان أو مجموعات عمل استراتيجية، تحاول فرض نموذجها الاجتماعي. من ناحية أخرى، من خلال الشروع في إنشاء منظمات مالية دولية جديدة، والتي تصاحب بنك التسويات الدولية، فإنها تهدد أسس نظام بريتون وودز. وهكذا، فإن بنك التنمية الجديد لدول البريكس، والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، وكلاهما صيني في الأساس، يضعان نفسيهما كمنافسين مباشرين للبنك الدولي وبنوك التنمية الإقليمية.
بالإضافة إلى هذه المؤسسات المالية، هناك العديد من الصناديق السيادية المخصصة التي أنشأتها بكين وكذلك البنوك الوطنية الصينية التي، من خلال منح القروض، تشارك في تكريس التبعية الاقتصادية والمالية لشركاء الصين الشيوعية والتأثير على موقعها داخل المنظمات الدولية. أخيرًا، من خلال زيادة عدد منتديات الحوار من النوع “1+” في جميع القارات، تدعم بكين أبطالها الوطنيين في اختراق الأسواق الدولية، وتضع نفسها في محيط المؤسسات الدولية الإقليمية، وتزود نفسها بالمنصات اللازمة لتعزيز مفهومها عن النظام الدولي. ومع ذلك، على المستوى العسكري، لا تملك الصين الشيوعية القدرة على بناء مؤسسات حولها من المحتمل أن تنافس حلف الناتو، فالمبادئ التي تحكم سياستها الخارجية، القائمة على عقيدة باندونغ، لا تسمح لها، نظريًا، بالمشاركة أو الشروع في بناء مثل هذا الحلف.
وهكذا، فإن منظمة شنغهاي للتعاون أداة مفيدة، ولكنها فرعية، في تعزيز العولمة ذات الخصائص الصينية، والتي يتم بناء قلبها حول مبادرة الحزام والطريق. وفي مواجهة هجوم بكين على النظام الدولي الليبرالي، يجب على القوى الغربية إعادة الانخراط سياسيًا واقتصاديًا، مع إعادة الاستثمار في مجال القيم. ففي آسيا، يجب على الولايات المتحدة وشركائها إعادة اختراع “استراتيجياتهم من أجل منطقة المحيطين الهندي والهادئ الحرة والمنفتحة”، وإن تعزيز احترام القانون الدولي أمر حتمي مثله مثل تحويل تركيز العمل إلى القضايا الاستراتيجية للفاعلين المحليين، مثل بناء البنية التحتية المعايرة للاحتياجات كعامل من عوامل التنمية. اما في أوروبا، وكحدّ أدنى، يُعدّ توضيح المواقف تجاه الصين الشعبية أمرًا حيويًا.
عن أتلانتيكو
لوران أميلوت، الباحث المشارك في معهد توماس مور، والأستاذ في معهد دراسة العلاقات الدولية وعضو في مركز آسيا 21 للأبحاث، يفكك الإشكالية في الحوار التالي مع موقع أتلانتيكو:
* لم يحضر الرئيس الصيني قمة مجموعة العشرين ولا في الدورة السادسة والعشرين لمؤتمر المناخ، حيث يقوم بمراجعة أولوياته خارج حدوده، ولم يغادر البلاد منذ يناير 2020. ومع ذلك، خارج الأحداث الكبرى حيث شي جين بينغ نادر الظهور، تحرّك البلاد بيادقها دوليًا عن طريق منظمة أخرى: منظمة شنغهاي للتعاون. كيف تحاول بكين من خلال هذه المنظمة تحريك مركز ثقل الجغرافيا السياسية العالمية نحوها؟ وما مدى نجاحها حتى الآن؟
- مركز ثقل المشهد الدولي يتحول بالفعل من العالم الأوروبي الأطلسي إلى آسيا. وتقع الصين في عهد شي جين بينغ في قلب المناورات التي تشكل نظامًا عالميًا جديدًا.
بمجرّد توليه السلطة عام 2013، أظهر رجل بكين القوي الجديد بوضوح، طموحاته للصين والعالم: من خلال “الحلم الصيني”، جعل الصين الشيوعية القوة المركزية على الساحة الدولية في أفق 2049، الذكرى المئوية لتأسيسها، وبالتالي وضع حدّ نهائيًا لقرن الخضوع والإذلال والمعاهدات غير المتكافئة. لذلك، على بكين تعبئة كل الأدوات المتاحة لها لتشكيل العالم على صورتها.
ولما كانت الصين “جزيرة جيوسياسية”، كان لا بد من تثبيت استقرار جانبها الغربي، في امتداد لنهاية الحرب الباردة، ولتوجه نظرها بشكل قاطع نحو الشرق والبحر، لضمان أمن مداخلها البحرية، ثم التوجه نحو “البحار البعيدة “. ومشروع “حزام واحد، طريق واحد”، 2013 يطلق عليه الآن “مبادرة الحزام والطريق”، (2016)، يجسد هذا الطموح من خلال مناورة برية مزدوجة -”الحزام الاقتصادي لطريق الحرير” -والبحري -”طريق الحرير البحري الجديد للقرن الحادي والعشرين».
سهّلت منظمة شنغهاي للتعاون إلى حد كبير تجسيد عنصر الأرض في هذه المبادرة الشاسعة التي تهدف إلى إعادة تشكيل الكتلة الأرضية الأوروبية الآسيوية وفقًا للخصائص الصينية. وريثة مجموعة شنغهاي، التي تأسست عام 1996، والتي جمعت منذ إنشائها عام 2001، بالإضافة إلى روسيا والصين الشيوعية، ثلاث جمهوريات من آسيا الوسطى -كازاخستان وقيرغيزستان وأوزبكستان -سمحت لبكين بحل نزاعاتها الحدودية مع جيرانها (1996-2001) ، وبتعزيز رؤيتها للتكامل الإقليمي من خلال التجارة والبنية التحتية ، وبهيكلة الحرب ضد ثلاثية الانفصالية والأصولية والإرهاب.
وهكذا، عام 2021، تضم منظمة شنغهاي للتعاون تسعة أعضاء، مع عضوية متزامنة عام 2017 للهند وباكستان، وإيران عام 2021، وتستقبل ثلاثة مراقبين: أفغانستان وبيلاروسيا ومنغوليا، وتمتد من الحدود الشرقية للاتحاد الأوروبي إلى المحيط الهادي، ومن القطب الشمالي إلى المحيط الهندي. وهي تضم عضوين دائمين في مجلس الأمن (الصين وروسيا)، وهما أيضًا قوتان نوويتان رسميتان، وقوتان نوويتان على العتبة (الهند وباكستان)، وثلاثة أعضاء مؤسسين لبريكس (الصين وروسيا والهند)، والزعيمة الاقتصادية للعالم (الصين) ، وثلاث من القوى الغازية و / أو النفطية الرئيسية في العالم (روسيا وإيران وكازاخستان) وأكبر قوتين ديموغرافيتين (الصين والهند).
ومع انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان، أصبحت رئة الكتلة الأرضية الأوروبية الآسيوية الآن تحت السيطرة الحصرية للمجمع الصيني الروسي، الذي تتصدّره بكين. إنه بعيد تمامًا عن متناول الغرب. ومع ذلك، تواجه منظمة شنغهاي للتعاون العديد من التحديات.
*قبل شهر، تم قبول إيران كعضو في منظمة شنغهاي للتعاون، منهية بذلك عزلة نظام الملالي التي فرضتها الولايات المتحدة. وبهذا المدخل، هل ان الرئيس الصيني بصدد تكوين منظمة دولية جديدة بـ “إيكو سيستم” أكثر ملاءمة له؟
- فعلا، في سبتمبر 2021، بمناسبة انعقاد القمة الحادية والعشرين لمنظمة شنغهاي للتعاون، والذكرى العشرين لتأسيس المنظمة، تم قبول إيران. وهذه إشارة قوية موجهة إلى المجتمع الدولي، وخاصة للغرب. ابعادها أكبر بكثير من دمج الهند وباكستان، نتيجة التسوية بين موسكو وبكين. وإذا كان هذا القبول المزدوج جزءً من الحلم الروسي القديم، الذي وضعه بريماكوف، على وجه الخصوص، بشأن بناء “مثلث استراتيجي” في أوراسيا بين الهند وروسيا والصين، فإن دمج إيران هو جزء من الإرادة الصينية، بدعم من روسيا، لبناء نظام دولي على أساس نموذج غير ليبرالي، تتمحور خطوطه حول الصين.
من هنا، إذا كانت منظمة شنغهاي للتعاون تمثل نقطة التقاء مؤسسية بين بكين وموسكو، في تنافس كل منهما مع واشنطن وحلفائها الغربيين والآسيويين، على الأقل من الناحية الجيوسياسية ، فإنها توضح خصوصا، من ناحية ، الاطار الظرفي جدا للثنائي الصيني- الروسي الذي يميل طابعه غير المتكافئ لصالح الصين الشعبية ، ومن ناحية أخرى، الصعوبات التي يواجهها هذان الشريكان في صياغة مشروع سياسي حقيقي لمنظمة شنغهاي للتعاون: فهل يجب أن تظل هذه الأخيرة عبارة عن قوقعة فارغة، ومكان للتبادل مع نتائج دبلوماسية مفيدة قبل كل شيء لبلدان آسيا الوسطى ولكن دون أي تأثير حقيقي على تعريف ميزان القوى على نطاق عالمي، أو هل لديها الإرادة اللازمة لتصبح لاعبا رئيسيا على الساحة الدولية من أجل تغيير قواعد اللعبة؟ تبدو الإجابة سلبية، حيث إن منظمة شنغهاي للتعاون مبنية على أرصدة هشة، بدون أدنى قاسم مشترك للمصلحة الجماعية.
وتوضح المنافسات بين الهند وباكستان، وبين الهند والصين، وانعدام الثقة بين روسيا والصين، أو بين جمهوريات آسيا الوسطى الثلاث، الصعوبات التي تواجه منظمة شنغهاي للتعاون في اقتراح رؤية جيوسياسية بديلة للنظام الليبرالي الغربي. والنتيجة: بينما يعتمد الروس والصينيون على المنظمات الإقليمية الأخرى لتعزيز مصالحهم وتأسيس طموحاتهم، فإن بكين تنزّل أفعالها في مقاربة أكثر شمولية.
في الواقع، على مستوى أوراسيا، فإن روسيا، بسيطرتها على كومنولث الدول المستقلة، ومنظمة معاهدة الأمن الجماعي والاتحاد الاقتصادي الأوراسي، تضمن هيمنة ما، أمنية واقتصادية، على جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق. ومع ذلك، فإن الصين الشعبية، من خلال تنظيمها في مايو 2021، أول اجتماع سي+ 5 1، يجمع جمهوريات آسيا الوسطى الخمس، دون دعوة روسيا، تذكّر بأن طموحاتها، من حيث التكامل الإقليمي في أوراسيا، لا تعتمد حصريًا على شراكتها الاستراتيجية مع موسكو…
لذا، بينما تبني الصين الشيوعية “إيكو سيستم” ملائمًا حول نفسها، فإن منظمة شنغهاي للتعاون ليست مركزه.
*هل يمكن أن يكون للمبادرات الآسيوية وزن أكبر في نهاية المطاف من منظمات مثل الناتو أو حتى الأمم المتحدة؟ هل يمكن لهذا النوع من التنظيم أن يجعل القوى الغربية في نهاية المطاف هامشية؟
- هذا الـ “إيكو سيستم”هو الترجمة العملانية لـ “الحلم الصيني”، الذي تحقق في مبادرة الحزام والطريق المذكورة أعلاه. وهو يدور حول العناصر التالية - انفتاح المقاطعات الغربية في الصين ، وتعزيز رأسمالية الدولة من خلال دعم تدويل استراتيجيات أبطال الاقتصاد الوطنيين، وتشجيع الاتصال عبر “طرق الحرير الرقمية”، والتكامل الإقليمي بفضل البنية التحتية والممرات الاقتصادية والتجارة (الصين - باكستان ، الصين - بورما ، الممر الاقتصادي بين الصين والهند الصينية ، ممر بنغلاديش - الصين - الهند - بورما أو مشروع ميناء لامو وممر النقل بين جنوب السودان وإثيوبيا المعروف اختصارا بـ “لابست”، الخ) ، وفرض المعايير والقواعد وفقًا للنموذج الصيني – التي ترسم وتحدد معالم عولمة- صينية - نموذج بديل حقيقي للنظام الدولي الغربي الليبرالي.
تسلط هذه العولمة الصينية الضوء على الإصلاح الضروري للنظام الدولي حول نظام متعدد الأقطاب يتم فيه الاعتراف بالتأثير المتزايد للقوى الصاعدة، ويعتبر انفجار التجارة جنوب-جنوب اتجاهًا لا ينبغي تجاهله بعد الآن. ولئن كانت مسموعة في العديد من الدول النامية التي ترغب في التحرّر من النموذج الذي تفرضه الدول الغربية والمؤسسات المالية الدولية التي تفرض عليها إصلاحات هيكلية واحترام الديمقراطية وحقوق الإنسان مقابل منح القروض، فإنها قبل كل شيء تسمح للصين ببناء شبكة من الشركاء من المرجح أن تجعل القوى الغربية اقلية في عدد معين من المؤسسات الدولية متعددة الأطراف.
وهذا هو الحال بالفعل على المستويين السياسي والاقتصادي، حيث بدأت الصين في تقويض نظام الأمم المتحدة. فمن ناحية، من خلال انتخاب بعض مسؤوليها لإدارة مؤسسات فنية دولية مختلفة، أو من خلال عضويتهم في لجان أو مجموعات عمل استراتيجية، تحاول فرض نموذجها الاجتماعي. من ناحية أخرى، من خلال الشروع في إنشاء منظمات مالية دولية جديدة، والتي تصاحب بنك التسويات الدولية، فإنها تهدد أسس نظام بريتون وودز. وهكذا، فإن بنك التنمية الجديد لدول البريكس، والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، وكلاهما صيني في الأساس، يضعان نفسيهما كمنافسين مباشرين للبنك الدولي وبنوك التنمية الإقليمية.
بالإضافة إلى هذه المؤسسات المالية، هناك العديد من الصناديق السيادية المخصصة التي أنشأتها بكين وكذلك البنوك الوطنية الصينية التي، من خلال منح القروض، تشارك في تكريس التبعية الاقتصادية والمالية لشركاء الصين الشيوعية والتأثير على موقعها داخل المنظمات الدولية. أخيرًا، من خلال زيادة عدد منتديات الحوار من النوع “1+” في جميع القارات، تدعم بكين أبطالها الوطنيين في اختراق الأسواق الدولية، وتضع نفسها في محيط المؤسسات الدولية الإقليمية، وتزود نفسها بالمنصات اللازمة لتعزيز مفهومها عن النظام الدولي. ومع ذلك، على المستوى العسكري، لا تملك الصين الشيوعية القدرة على بناء مؤسسات حولها من المحتمل أن تنافس حلف الناتو، فالمبادئ التي تحكم سياستها الخارجية، القائمة على عقيدة باندونغ، لا تسمح لها، نظريًا، بالمشاركة أو الشروع في بناء مثل هذا الحلف.
وهكذا، فإن منظمة شنغهاي للتعاون أداة مفيدة، ولكنها فرعية، في تعزيز العولمة ذات الخصائص الصينية، والتي يتم بناء قلبها حول مبادرة الحزام والطريق. وفي مواجهة هجوم بكين على النظام الدولي الليبرالي، يجب على القوى الغربية إعادة الانخراط سياسيًا واقتصاديًا، مع إعادة الاستثمار في مجال القيم. ففي آسيا، يجب على الولايات المتحدة وشركائها إعادة اختراع “استراتيجياتهم من أجل منطقة المحيطين الهندي والهادئ الحرة والمنفتحة”، وإن تعزيز احترام القانون الدولي أمر حتمي مثله مثل تحويل تركيز العمل إلى القضايا الاستراتيجية للفاعلين المحليين، مثل بناء البنية التحتية المعايرة للاحتياجات كعامل من عوامل التنمية. اما في أوروبا، وكحدّ أدنى، يُعدّ توضيح المواقف تجاه الصين الشعبية أمرًا حيويًا.
عن أتلانتيكو