مالي.. عائلات تلجأ إلى موريتانيا هربا من «جحيم» الجماعات المتشددة
أكدت مصادر حكومية في مالي أن عائلات اضطرت للفرار إلى موريتانيا من شمال البلاد؛ بسبب سيطرة جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” التابعة لتنظيم القاعدة على مساحات واسعة من المنطقة.
وقالت المصادر لـ”إرم نيوز” إن “عائلات بأكملها فرّت إلى موريتانيا، في تكرار مأساوي لسيناريوهات مماثلة شهدتها غورما راروس ونيونو في منطقة تمبكتو شمال البلاد، حيث تم إخلاء الأراضي لإفساح المجال أمام سيطرة المتشددين بشكل كامل».
وتعاني العاصمة باماكو اختناقا أمنيا، في وقت يواجه فيه شمال مالي واقعاً مقلقاً، على غرار ما شهدته بلدة ليري وسط البلاد، التي أنهكها حصار المتطرفين لمدة عام كامل.
وفي أكتوبر/ تشرين الثاني الماضي، تلقى سكان البلدة إنذارا نهائيا من جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” يأمرهم بالمغادرة فورا.
وتتزامن هذه التطورات مع مخاوف أوروبية من عمليات اختطاف محتملة في الدولة الأفريقية، إذ تواجه فرنسا صعوبات كبيرة في تنفيذ عمليات الإجلاء العسكري بسبب الظروف المعادية والبيئة القاسية في هذا البلد الهش.
ويعيش وسط مالي، بما في ذلك مدينتا موبتي وسيغو، تحت وطأة اختناق حاد بسبب انقطاع الطاقة، إذ تعد المدينتان أول ضحايا استمرار العنف الذي طال المنطقة على مدى عقد من الزمن.وفقدت الحكومة المركزية في سبتمبر- أيلول السيطرة على طرق إمدادها بالوقود القادم من دول الجوار، بعد أن فرضت الجماعة حصارًا على هذه الإمدادات، الأمر الذي انعكس بشكل مباشر على الحياة اليومية للسكان، مع انقطاع الكهرباء في باماكو وطوابير طويلة أمام محطات الوقود، إضافة إلى إغلاق المدارس.
وباتت الجماعة، التي كانت في السابق مجرد فصيل مسلح، تمثل السلطة الرئيسية في المنطقة، حيث تفرض قوانينها، وجباية الضرائب، وسيطرتها الاجتماعية. وتعكس هذه السيطرة قدرتها على إدارة الأراضي وحركة البضائع والأشخاص، بما يخدم هدفها في استنزاف الحكومة وإضعافها تدريجيًا.
وتواجه فرنسا، كغيرها من الدول الأوروبية، صعوبة كبيرة في التعامل مع الوضع، خصوصًا مع وجود نحو 4300 مواطن فرنسي مسجلين في القوائم القنصلية، أكثر من نصفهم يحملون جنسية مزدوجة. ويشكل هذا الرقم أكبر جالية غربية لا تزال موجودة في مالي، رغم أن عدد السكان انخفض إلى النصف خلال العقد الماضي. وتدرّس المدارس الفرنسية السبع في البلاد 3200 طفل، ربعهم يحمل الجنسية الفرنسية.وحثّت باريس مواطنيها على مغادرة مالي مؤقتًا في وقت سابق من الشهر الحالي، بسبب عدم توافر الموارد الكافية لتنظيم عمليات إجلاء عسكرية في حال تدهور الوضع الأمني، كما حدث سابقًا في ساحل العاج والسودان.
وأوضحت مصادر فرنسية أن آخر عمليات الإجلاء التي نفذها الجيش كانت في السودان في أبريل 2023، وأسهمت في إخراج المواطنين الفرنسيين والأجانب، في حين ترى صحيفة “لوبينيون” أن إدارة مركز الأزمات في وزارة الخارجية الفرنسية يجب أن يكون المسؤول الوحيد عن تنسيق عودة المواطنين العالقين، إذ لم تعد باريس تحتفظ بقواعد دائمة في إفريقيا باستثناء جيبوتي.
وأعلنت وزارة الخارجية الفرنسية يوم الجمعة الماضي “تكييف وجودها الدبلوماسي والقنصلي” في البلاد، والاحتفاظ فقط بالموظفين الضروريين لضمان سير عمل السفارة والقنصلية، مع عودة الموظفين غير الأساسيين وعائلات الأطفال الملتحقين بالمدارس الفرنسية.