رئيس الدولة ونائباه يهنئون المحتفلين بعيد الميلاد في دولة الإمارات والعالم
الحرب الروسية-الأوكرانية بلغت مرحلةً خطرة
ما هي شروط سلام محتمل بين روسيا وأوكرانيا؟
حذر الكاتب الصحفي تيد سنايدر، المختص بالسياسة الخارجية الأمريكية، في مقال نشرته مجلة “ذي أمريكان كونسرفاتيف”، من أن الحرب الروسية-الأوكرانية بلغت مرحلةً خطرة.
فبعدما استحوذت روسيا على دونيتسك ولوهانسك وخيرسون وزابوريجيا وضمّتها إلى أراضيها في 5 أكتوبر -تشرين الأول الماضي، أصبحت تعتبرها أراضٍ روسية أي اعتداء عليها يُعدُّ اعتداءً على روسيا ويقتضي استخدام كل نظم الأسلحة المتاحة للنظام الروسي. ولذلك أمست الحاجة مُلحة للوصول إلى تسوية، برأي الكاتب.
في 30 سبتمبر -أيلول، ورداً على ضم روسيا لدونباس وخيرسون وزابوريجيا، تقدَّمَ الرئيس الأوكراني بطلبٍ إلى حلف شمال الأطلسي لضم بلده إلى الحلف. غير أنه لم يتلق أي استجابة تختلف عمّا تلقاه من الحلف قبل الحرب، رغم المساعدات التي قدمها الناتو لأوكرانيا. فقد صرح الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ بأن الباب مفتوح لانضمام أوكرانيا، غير أنه على كييف التركيز حالياً على مساعدة الحلف لها للتصدي لروسيا أولاً، وأن طلب أوكرانيا الانضمام سيُنظر فيه في وقت لاحق.
ورغم أن الرئيس زيلينسكي صرح بأن بلده مدَّ يده إلى الحلف وطابق معايير الانضمام إليه وقبلَ مساعداته، وأكَّد الدعم المتبادل بين بلده وبين الحلف، فعضوية الحلف ما زالت بعيدة المنال. ولكن، في ما يتعلق بالتسوية التي تُعقد عليها الآمال، من الممكن أن يصب هذا الموقف في صالحها، بحسب الكاتب.
وأوضح تيد سنايدر أنه من الممكن أن تنطلق التسوية المحتملة من إدراك أوكرانيا أنها لن تصبح عضواً في حلف الناتو. وقد بدا أن ذلك مسلك كان زيلينسكي مستعداً لأن يسلكه ويتقبله منذ مارس -آذار الماضي ومجدداً خلال محادثات أبريل -نيسان في اسطنبول حين بَدَت أوكرانيا مستعدة للموافقة على الخطوط العريضة لتسوية تشمل وعداً بألا تسعى للحصول على عضوية الناتو قبل أن يحث الغرب أوكرانيا، بحسب زعم بوتين، “على إفساد كل هذه الاتفاقيات».
ويؤكد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو على مزاعم بوتين بأن “دولاً داخل حلف الناتو نفسه تريد للحرب أن تستمر” أفسدت فرص إقرار السلام. ومن الممكن العودة إلى هذا الاتفاق السابق مجدداً، طالما أن أوكرانيا لن تنضم إلى حلف شمال الأطلسي على أي حال.
ففي 30 سبتمبر، دعا بوتين أوكرانيا “إلى العودة إلى طاولة المفاوضات مجدداً”، ولو أنه اشترط “أن اختيار عموم الناس في دونيتسك ولوهانسك وخيرسون وزابوريجيا لحاكمهم لن يكون محل نقاش. فقد اتُّخذ القرار بالفعل، وروسيا لن تعود عنه. وعلى سلطات كييف الحالية أن تحترم التعبير الحر للناس عن إرادتهم. وهذا هو السبيل الوحيد للسلام».
كانت هذه المساحة من الأراضي على طاولة المفاوضات من البداية. وكان استقلال إقليم دونباس جزءاً أساسياً من اتفاقية مينسك 2 التي توسطت فيها ألمانيا وفرنسا ووقعت عليها روسيا وأوكرانيا ودعمتها الولايات المتحدة ومنظمة الأمم المتحدة. وكان تنفيذ اتفاقية مينسك 2 جزءاً من الحملة الانتخابية الناجحة لزيلينسكي.
ولو أن زيلينسكي عدل عن رأيه وأصر الآن على عودة إقليم دونباس وشبه جزيرة القرم لإنهاء الحرب في ديسمبر -كانون الأول 2021، فقد كان منفتحاً على إمكانية أن تظل تلك المناطق ضمن الأراضي الروسية إذ قال: “لا أستبعد إجراء استفتاء على دونباس عموماً».
وحتى 8 مارس -آذار الماضي، كان زيلينسكي يزعم أنه منفتح على عقد مناقشات بخصوص “تنازلات في شبه جزيرة القرم”، وأنه “مستعد لعقد حوار مع روسيا وفقاً لضمانات أمنية بخصوص مستقبل الأراضي المحتلة في دونيتسك ولوهانسك والقرم».
ورغم أنه قال إنه لا يمكن أن يعترف بأن القرم أراضٍ روسية، فقد صرح زيلينسكي أيضاً بأنه يستطيع أن يناقش مع روسيا مستقبل القرم وإقليم دونباس. وأضاف أن أوكرانيا مُستعدة لإقامة حوار مع روسيا... بشأن مستقبل الأراضي المحتلة في دونيتسك ولوهانسك.
وأفاد تيد سنايدر بأنه من الممكن أن تبدأ التسوية المحتملة بالإقرار بأن القرم والمناطق الشرقية ستحصل على استقلالها. وفي ظل عدم تحقق النصر الكامل لأوكرانيا، وهو الأمر الذي ليس مستبعداً وحسب، وإنما يمكن أن يُنذر بحربٍ نووية مع روسيا، برأي الكاتب، فإن شبه جزيرة القرم والمناطق الشرقية لن تصبح أراضٍ أوكرانية. فقد تغيَّرَ وضعها من كونها ذاتية الحكم إلى كونها مُستقلة ثم إلى كونها جزءاً من روسيا. وقد يصبح ذلك أيضاً رسمياً بالتفاوض على الحدود المحددّة دون تغيير الحقائق المعترف بها بالفعل على أرض الواقع.
وأوضح الكاتب أنه سيتعين على الطرفين الاتفاق على وقف إطلاق النار. وسيتعين على روسيا أن تُقدِّم ضمانات على أنها لن تبادر إلى غزو أراضٍ أوكرانية تتجاوز الحدود المتفق عليها. وبالمثل سيتعين على أوكرانيا أن تَعِد بألّا تنضم إلى حلف شمال الأطلسي، وعلى الحلف نفسه أن يَعِد بأنه لن يتوغل في أوكرانيا، وألا يستخدمها قاعدةً للأسلحة يمكن استخدامها لشن هجوم على روسيا. ولا بد أن تتلقى أوكرانيا بعض الضمانات الأمنية أيضاً. لقد اقتُرحت جميع النقاط الواردة خطوطها العريضة لتسوية محتملة في تعليقات حديثة. وهي تكفل، برأي الكاتب، منطلقاً لبدء المساعي الدبلوماسية عندما تلح الظروف وتكون الفرصة التي تلوح في الأفق على وشك أن تتبدد.