وسط غموض يلف شخصية الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة
مخاوف من «مواجهة كبيرة» في لبنان بدلاً من الإصلاحات
وسط غموض يلف شخصية الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة المقبلة في لبنان، تتخوف مصادر سياسية من أن يكتفي الرئيس اللبناني ميشال عون بالحفاظ على الشكل الديمقراطي دون أن يسهم في تأليفها.
ووفق صحف عربية، زادت الانتخابات التشريعية التي جرت في الخامس عشر من مايو -أيار الماضي من حدة المخاوف من المواجهات بدلاً من التمهيد للإصلاحات.
العالم ينتظر
وعلمت صحيفة “الجمهورية” اللبنانية، أنّ “الملف الحكومي يشكّل أولوية في جدول أعمال البعثات الديبلوماسية في لبنان. وهو ما بَدا جلياً في الزيارات الأخيرة التي قام بها بعض السفراء والدبلوماسيين الأجانب لمقرّات رئاسية ووزارية».
وكشف مصدر كبير للصحيفة انّ “فترة ما بعد الانتخابات النيابية شهدت حركة ناشطة لسفراء عرب وأوروبيين وغير أوروبيين، “من ضمنهم الأمريكيون والفرنسيون” وفي أجندتهم مجموعة من الاسئلة حول مرحلة ما بعد الانتخابات النيابية، ومتى ستتشكل الحكومة؟».
وبناء على ما يطرحه السفراء، قال المصدر: إنّ “كل العالم ينتظر منّا أن تتشكّل الحكومة في وقت عاجل من دون إبطاء، وايّ خطوات ستُقدم عليها هذه الحكومة لإنقاذ لبنان، مع التشديد على البرنامج الذي سبق للمجتمع الدولي أن أكد عليه وهو الإسراع في إجراء الإصلاحات بما يفتح باب المساعدات الدولية لهذا البلد».
إلى ذلك، نقلت مصادر في الهيئات الاقتصادية عن ديبلوماسيين أوروبيين نظرة غير مشجّعة حيال الوضع في لبنان، حيث أكد هؤلاء الدبلوماسيون للمسؤولين أنّ “المجتمع الدولي ينتظركم، من غوتيريش إلى الأمريكيين والفرنسيين والاتحاد الاوروبي والعرب... كل العالم ينتظركم، فماذا تنتظرون... الانتخابات انتهت، وباتت أمامكم كلبنانيين نافذة فرج، والدخول منها شَرطه الأساس أن تساعدوا أنفسكم. كل دول العالم تريد أن تساعد لبنان، لكن مع الأسف تأخّرتم وماطَلتم لأنّ العلّة هي عندكم».
مخاوف
وفي تقرير إخباري، نقلت صحيفة “الشرق الأوسط”، عن مصادر سياسية تخوفها “من أن يكتفي الرئيس اللبناني ميشال عون بالحفاظ على الشكل الديمقراطي بدعوته الكتل النيابية والنواب المستقلين للاشتراك في الاستشارات المُلزمة لتسمية الرئيس المكلف تشكيل الحكومة الجديدة من دون أن يسهم في تأليفها، في حال أن التركيبة الوزارية لن تأتي على قياس رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل وتلبي طموحاته في تأمين استمرارية الإرث السياسي لعون فور انتهاء ولايته الرئاسية في 31 أكتوبر -تشرين الأول المقبل بعد أن تراجعت حظوظ باسيل لخلافته في رئاسة الجمهورية».
ولفتت المصادر أن “مخاوفها تبقى مشروعة لأن معظم القوى السياسية عانت الأمرّين من المحاولات السابقة لتعطيل تشكيل الحكومات من قبل باسيل بتناغم مع الرئيس عون، ولم يفرج عنها إلا بعد أن أيقن بأن التركيبة الوزارية تحفظ له حقوقه لاستخدامها لاحقاً في تعطيل جلسات مجلس الوزراء ما لم تأت مقرراتها استجابة لشروطه مستفيداً من مراعاة حليفه حزب الله له».
وأشارت إلى أنه “من السابق لأوانه الدخول في استعراض أسماء المرشحين لتولي رئاسة الحكومة، رغم أن اسم الرئيس نجيب ميقاتي يتصدر اللائحة”، مؤكدة على أن “الانقسام داخل البرلمان لا يوحي بقدرة النواب على إنتاج الحلول بالتعاون مع رئيس جديد للحكومة يمكن أن يواجه صعوبة في تحقيق التوازن المطلوب بينه وبين رئيسي الجمهورية ميشال عون والمجلس النيابي نبيه بري، ليس لأنه يفتقد إلى ما يكفيه من الخبرة، وإنما لعدم وجود كتلة نيابية وازنة لمنع الإخلال بمبدأ الشراكة».
وتجزم المصادر أيضاً بأن لا خيار أمام البرلمان سوى ترجيح كفة ميقاتي لتولي رئاسة الحكومة لتأمين استمرارية التفاوض مع صندوق النقد بدلاً من العودة مع رئيس آخر إلى نقطة الصفر، إضافة إلى أن عامل الوقت لا يسمح بتأخير ولادة الحكومة لأن الكلفة ستكون عالية ولا تملك الدولة الاحتياط المطلوب لمنع الانهيار الشامل ولإعادة التأسيس لبناء علاقات مع المجتمع الدولي ومواصلة الجهود للانفتاح على الدول العربية بعد أن تمكنت الحكومة الحالية من رأب الصدع الذي أصاب علاقات لبنان بدول الخليج العربي.
وبحسب الصحيفة، فإن الرئيس ميقاتي بعد إجراء الانتخابات غير ما قبلها، أي أنه لن يكون متناغماً على بياض في علاقاته مع عون بلا مقابل يدفع باتجاه تفعيل الحكومة، مضيفةً أن “الكرة الآن في مرمى عون لتسهيل تشكيل حكومة من طراز آخر غير الحكومات السابقة مدعومة سياسياً ومستقلة مهنياً ما يتيح لها حرية التحرك للإفادة من الفرصة الأخيرة لإنقاذ البلد، شرط المجيء بوزراء معظمهم من طينة أخرى غير بعض الوزراء الحاليين، وإلا فلا مفر من التمديد لحكومة تصريف الأعمال، وبالتالي لا شيء يمنع رئيسها من الدعوة لعقد مجالس وزارية لتدبير شؤون المواطنين، وإن كان سيحمل في حال إعادة تكليفه اسم الرئيس المكلف من دون أن يُعطى الفرصة لتشكيل حكومة جديدة إلا إذا كان لأكثرية النواب رأي آخر في تسمية من سيتولى تأليفها».
مواجهة كبيرة
وفي السياق، قالت صحيفة “العرب”: “زادت الانتخابات التشريعية التي جرت في الخامس عشر من مايو-أيار الماضي من حدة المخاوف في لبنان بدلاً من التمهيد للإصلاحات. وطالت هذه المخاوف أهم العناصر الفاعلة في المشهد بدءاً من قائد الجيش العماد جوزيف عون مروراً بمدير الأمن اللواء عباس إبراهيم وصولاً إلى زعيم القوات اللبنانية الفائزة في الانتخابات سمير جعجع الذي أطلق تصريحات أكد فيها أنه سيكون “ضد أي مرشح رئاسي يدعمه حزب الله، وسنرفض أي متحالف معه لرئاسة الوزراء وسنقاطع الحكومة إن تشكلت توافقية”، وهو ما ينبئ بأزمة سياسية حادة سيعيشها لبنان».
وألقت هذه التصريحات القوية، خاصة مع تلويح جعجع بـ”مواجهة كبيرة” مع حزب الله، بتأثيرها على أهم الفاعلين في المشهد وعلى رأس هؤلاء مدير عام الأمن اللبناني الذي قال إن “مخاطر الشلل السياسي ازدادت منذ أن أسفرت الانتخابات التشريعية عن برلمان متشرذم”، محذراً من “كارثة” في ظل عدم وجود أغلبية لإقرار القوانين.
وأضافت الصحيفة نقلاً عن أوساط سياسية لبنانية: إن “عباس إبراهيم أكثر الناس معرفة بأن موضوع الرئيس الجديد ورئيس الحكومة سيكون قضية مفتوحة لأشهر».
وأوضحت الصحيفة، أنه رغم التفاؤل الذي ساد بسبب نجاح الانتخابات في كسر هيمنة حزب الله وحلفائه على المشهد، فإن تركيبة مجلس النواب وتنافر مواقف الكتل الفائزة، وهي كتل صغيرة، أحبطا تفاؤل اللبنانيين بأن تكون الانتخابات بوابة للخروج من الأزمة السياسية والتفرغ للإصلاحات الاقتصادية. وتوحي كل المؤشرات بأن الفراغ السياسي والدستوري سيستمر، لكن الأسوأ أن الوضع قد يتطور إلى “مواجهة كبيرة بين الكتل الطائفية وحزب القوات اللبنانية”، كما حذّر الزعيم الدرزي وليد جنبلاط من أن “جبهة 8 آذار السورية الإيرانية” ستنتقم لهزيمتها في الانتخابات بكل الوسائل ولن ترحم، في إشارة واضحة إلى أن حزب الله سيعمل على القصاص من المناطق التي صوتت ضد مرشحي حلفائه، وأنه سيواجه بقوة النواب الذين يفكرون في الخروج عن طاعته أو المساس بالتوازنات التي تخدمه، وفق الصحيفة.