معركة الهجرة.. المحكمة الدستورية الفرنسية توقف تمديد احتجاز الأجانب

معركة الهجرة.. المحكمة الدستورية الفرنسية توقف تمديد احتجاز الأجانب


في مواجهة ضربة قانونية قوية، وجد وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو نفسه مضطرًا إلى إعادة صياغة مشروعه لتمديد مدة احتجاز الأجانب الخطرين من 90 إلى 210 أيام.
جاء ذلك بعد أن ألغى المجلس الدستوري المشروع، معتبرًا أنه غير متناسب مع حماية الحرية الفردية، لكن الوزير، المعروف بمواقفه الصارمة بشأن الهجرة، يؤكد أنه لم يقل كلمته الأخيرة بعد.
وقالت كاثرين ويهول دي فوندن، مديرة أبحاث في المركز الوطني للبحث العلمي الفرنسي (CNRS) ومتخصصة في قضايا الهجرة والسياسات المرتبطة بها، إن تمديد فترة الاحتجاز الإداري للأجانب إلى 210 أيام يفتقد ضمانات قوية للمراقبة القضائية والتحكيم المستقل، ما قد يفتح الباب أمام قرارات تعسفية تمسّ بالحقوق الأساسية.
وأضافت فوندن لـ»إرم نيوز» أن مثل هذه الإجراءات تُغلف سياسة الهجرة بطابع مفرط بالتهديد، في حين أن المطلوب هو إيجاد توازن حقيقي بين حماية الأمن العام وصون الحقوق الفردية للمحتجزين.
وأوضحت أن هذا النهج يسهم في تقويض حق الدفاع والحريات الفردية، مشيرة إلى أن الحبس الإداري يجب أن يظل إجراءً استثنائيًا ومؤقتًا، لا عقوبة ممتدة الزمن بلا محاكمة عادلة.
وأعلن وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو، يوم الجمعة 8 آب-أغسطس، أنه سيعرض «نصًا معدَّلًا» لتمديد مدة الاحتجاز الإداري للأجانب الذين يُعتبرون خطرين، تمهيدًا لطردهم، بعد يوم واحد من إلغاء المجلس الدستوري لإجراء مماثل.
وأوضح الوزير، في بيان، أنه سيطلب رأي مجلس الدولة قبل تقديم النسخة الجديدة «في أقرب وقت ممكن أمام البرلمان»، بحسب صحيفة لوموند الفرنسية.وكان المجلس الدستوري قد ألغى، الخميس، إجراءً يتيح تمديد بقاء الأجانب في مراكز الاحتجاز الإداري (CRA)، ممن هم في طور الترحيل، إذا كانوا مدانين بجرائم خطيرة أو يشكّلون تهديدًا «بالغ الخطورة» على النظام العام، أو ارتكبوا جرائم مثل القتل، الاغتصاب، الاتجار بالمخدرات، أو السرقة المشددة المصحوبة بالعنف.
وبرر المجلس قراره بأن توسيع مدة الاحتجاز «إلى أشخاص يمكن أن يبقوا لفترة طويلة للغاية ليس متناسبًا مع الهدف المتمثل في مكافحة الهجرة غير النظامية»، مشددًا على أن «الحرية الفردية لا يجوز تقييدها إلا بقدر الضرورة»، ومشيرًا إلى أن القانون كان سيُطبَّق «حتى على مخالفات ليست بالغة الخطورة».

رد فعل الوزير
واعتبر ريتايو القرار انتكاسة، خاصة أنه دافع عن الإجراء منذ توليه منصبه في سبتمبر 2024، بعد مقتل طالبة في باريس في حادثة أثارت الرأي العام، وكان المشتبه به وهو مغربي ملزم بمغادرة فرنسا قد خرج حديثًا من مركز احتجاز إداري عقب قضائه سنوات في السجن.
وقال الوزير إن «زيادة مدة الاحتجاز للأجانب الخطرين يعني زيادة فرص إبعادهم»، منتقدًا ما وصفه بـ»غياب المساواة في الحماية بين الفرنسيين وجيرانهم الأوروبيين» وفق تعبيره.
كما جدد دعوته إلى استفتاء حول قضايا الهجرة والأمن، مؤكدًا: «من حق الشعب السيّد أن يحسم في هذه القضايا الجوهرية».