أخبر الجنود الروس قادتهم أن بإمكانهم الصمود

معركة باخموت.. «مفرمة اللحم» تعود مجدداً

معركة باخموت.. «مفرمة اللحم» تعود مجدداً

بينما كانت فرقة من الجنود الأوكرانيين تزحف على طول خط الأشجار باتجاه المخبأ الروسي، دفعت نيران المدفعية أعداءهم إلى البحث عن غطاء. وكانت هذه هي الفرصة التي كانوا ينتظرونها وانطلق جندي يُلقب بـ»القناص» إلى الأمام وألقى قنبلة يدوية في الأنفاق التي كان الروس يحتمون بها، وأدى انفجارها إلى تصاعد الدخان وهرع الجنود الروس إلى الخارج وقصفتهم القوات الأوكرانية بقذائف الهاون. وذكر تقرير لصحيفة «وول ستريت جورنال» أن الموجات السابقة من القوات الأوكرانية والعديد من الضربات بطائرات بدون طيار فشلت في طرد الروس من منعطف الطريق بالقرب من قرية أندرييفكا شرق البلاد بالقرب من باخموت، وتكبد الجيش الأوكراني على إثرها خسائر فادحة.
 
انتصارات وسيطرة
منحت الانتصارات مؤخراً القوات الأوكرانية السيطرة على الأراضي المرتفعة جنوب باخموت، التي استولت عليها روسيا في مايو (أيار) بعد أطول معركة وأكثرها دموية في الحرب، حيث اشتهرت بـ»مفرمة اللحم»، وجعل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من استعادة المدينة، (المكسب الكبير الوحيد لروسيا في العام الماضي من القتال)، هدفاً عسكرياً رئيسياً لهذا العام.
مع التقدم البطيء الذي أحرزه الهجوم الأوكراني المضاد في الجنوب الشرقي، فإن الانتصار في باخموت من شأنه أن يعزز الروح المعنوية في الداخل، ويزود الحلفاء في الخارج بالدليل على أن أوكرانيا قادرة على استعادة الأراضي التي خسرتها.
وبحسب الصحيفة يشكك بعض المسؤولين والمحللين العسكريين الأمريكيين في الحكمة من إنفاق قوات ومعدات قيمة على مدينة ممزقة، ذات قيمة استراتيجية قليلة، ويقولون إن «أوكرانيا ستستفيد بشكل أفضل من خلال تركيز قواتها في الجنوب الشرقي، حيث يسعى جيشها إلى تحقيق تقدم». في نفس الجانب العسكري تمضي أوكرانيا قدماً في معارك باخموت الضارية، بهدف إظهار التقدم العسكري للمشككين في الداخل وفي واشنطن، ويقول المدافعون عن هذا النهج إنه «يقيد القوات الروسية، حيث تكون دفاعاتها أضعف، رغم أنها هائلة وكبيرة في العدة والعتاد».
 
تكلفة باهظة
وقال الجنرال المتقاعد من الجيش الأمريكي الذي يشغل منصب رئيس معهد دراسات الحرب جاك كين: «من خلال إجراء جهد ثانوي في باخموت، تمكن الأوكرانيون من إصلاح العديد من الفرق الروسية»، ويبقى السؤال بالنسبة لأوكرانيا هو «التكلفة»، نظراً لأن عدد سكان روسيا يفوق 3 أضعاف عدد سكان جارتها، وكل ضحية أوكرانية أكثر قيمة وتكلفة.
بدأت فرق المشاة في الجيش الأوكراني مع نهاية الصيف، التقدم نحو أندرييفكا، جنوب باخموت بالكاد، كان هناك جداراً لا يزال قائماً. لكن قيمته العسكرية جاءت من موقعه المطل على باخموت وكشفه لكامل الطريق عبر القرية إلى المدينة، ومحيط خط السكك الحديدي مع المحاولات الأوكرانية للوصول إلى أندريفكا على طول خط الأشجار.
ولكن الروس ردوا عليهم بالقذائف والرشاشات الثقيلة، ولم تستجب وزارة الدفاع الروسية لطلب التعليق على خسارة موسكو لقاعدة أندرييفكا، وشكك مسؤولون ووسائل إعلام حكومية روسية في البداية بخسارة القرية، وركزوا منذ ذلك الحين على الإشارة إلى حجم الخسائر الأوكرانية الكبيرة هناك، وعدد القتلى وصور الجثث.
وتذكر الصحيفة أنه كان هناك حوالي 40 جندياً روسياً يدافعون عن مسافة 100 ياردة فقط من الطريق المليء بالخنادق، وأدى القصف المدفعي إلى منع مرور المركبات على الطريق وأحدث القصف حفراً في الأرض على طول الطريق ودمر الأشجار، ولم يترك أي غطاء تقريباً لفرق المشاة العسكرية الأوكرانية.
 هجوم متواصل
ونقلت الصحيفة عن جنود في الجيش الأوكراني أن الهجوم استغرق أكثر من أسبوع، واندفع فيه القناصة من الجيش الأوكراني إلى الأنفاق الروسية لفتح طريق للقوات الأوكرانية إلى حافة أندرييفكا، ليحصلوا على موطئ قدم في القرية، وعمل فريق صغير آخر على الجانب الآخر، وقام الروس بالتشويش على أجهزة الراديو، وكانت الساعات القليلة التالية «مليئة بالفوضى».. العربات المدرعة الروسية تسير ذهاباً وإياباً عبر الطرف البعيد من القرية وأزيز الرصاص في كل الاتجاهات، وحاول فريق مدفعي أوكراني دخول القرية وتوفير غطاء، لكنهم أصيبوا قبل الوصول.
على إثر ذلك أخبر الجنود الروس قادتهم أن بإمكانهم الصمود، خوفاً من نقل «أخبار سيئة»، لكن الهجوم الأوكراني كان مستميتاً كما أخبر السجناء الروس الأوكرانيين لاحقًا ومع تقدم الأوكرانيين.
في هذه الأثناء لم يعرف القادة الروس ما كان يحدث على الأرض، أو إلى أين يرسلون التعزيزات العسكرية، وعلى الرغم من فشل موجات الهجوم الأوكراني الأولى والثانية وتكبدها خسائر فادحة، إلا أن الهجمات الأوكرانية اللاحقة حققت المطلوب وتم الاختراق.. قتلى من الجيش الروسي وأسرى آخرين، وهنا بدأ الجيش الأوكراني بالاستيلاء على منازل المدينة واحداً تلو الآخر من الجانب الشرقي، ومع محاولة الروس إرسال تعزيزات عسكرية قامت المدفعية الأوكرانية بقصفهم، وقطع خطوط الإمداد، حيث عادت أندرييفكا جنوب باخموت للسيادة الأوكرانية مجدداً.