رئيس الدولة ونائباه يهنئون المحتفلين بعيد الميلاد في دولة الإمارات والعالم
ميشال عون.. الرئيس اللبناني الذي لا يعترف بالهزائم
عند وصوله الى سدّة الرئاسة، وعد ميشال عون اللبنانيين بأن يكون “الرئيس القوي” الذي يحقّق الإصلاحات ويفضح الفساد، لكنه ينهي بعد أيام ولاية أثقلها انهيار اقتصادي وتظاهرات شعبية غير مسبوقة وانفجار مروع.
مع ذلك، يعتزم “الجنرال” الذي يناهز عمره الثامنة والثمانين، مواصلة معاركه السياسية، بعد مغادرته القصر الرئاسي بمواكبة متوقعة من أنصاره في نهاية الأسبوع.
خلال عقود من مسيرته العسكرية والسياسية، انتقل عون من قيادة الجيش إلى رئاسة حكومة مؤقتة في نهاية الثمانينات. ثم تزعّم أحد أكبر الأحزاب المسيحية وتحالف مع حزب الله، القوة السياسية والعسكرية الأبرز في البلاد، ما قاده إلى الرئاسة التي لطالما كان يسعى إليها منذ دخوله معترك السياسة.
منذ بدء ولايته في 2016 إثر تسوية سياسية، قدّم عون نفسه على أنه “أب الكل”، وعرّاب استعادة حقوق الطائفة المسيحية “المسلوبة”، وأطلق مناصروه على ولايته تسمية “العهد القوي».
وتعهّد عون الذي قدّم نفسه على أنه الرئيس المنقذ، بتحقيق نهضة اقتصادية واستقرار اجتماعي واسئتصال الفساد. لكنها وعود لم تتحقّق، واتسّم النصف الثاني من عهده بشلل سياسي وانهيار اقتصادي متسارع وتظاهرات غير مسبوقة في تشرين الأول/اكتوبر 2019 استمرت أشهرا، وعكست نقمة على أداء الطبقة السياسية، وكان صهره النائب جبران باسيل أبرز المستهدفين فيها.
وشكّل انفجار مرفأ بيروت في 4 آب/أغسطس 2020 الضربة القاصمة، بعدما حمّل اللبنانيون الطبقة السياسية، ضمنها عون، مسؤولية الانفجار. إذ تبيّن أن المسؤولين كانوا على دراية بوجود كميات ضخمة من نيترات الأمونيوم مخزنة منذ سنوات في المرفأ من دون تدابير وقائية، ولم يفعلوا شيئا.
ويقول النائب آلان عون، ابن شقيق عون، لوكالة فرانس برس “شكّلت الرئاسة خيبة أمل، حتى بالنسبة إليه».
ويضيف “تعرّض لقنبلة نووية مالية واقتصادية ثم انفجار مرفأ بيروت. حتى لو لم يكن مسؤولاً مباشرة، لكنّه وجد نفسه في الخطوط الأمامية».
منذ ذاك الوقت، بدا عون وكأنه يعيش في “حالة إنكار”، كما تقول مصادر كانت مقرّبة منه فضّلت عدم الكشف عن هويتها. في تصريحات أثارت غضبا واسعا في خضم الأزمة الاقتصادية، لم يتردّد في القول ردا على منتقديه “إذا لا يعجبهم أحداً آدمياً في السلطة، يروحوا يهاجروا”. وقال في مناسبة أخرى إن البلاد تتجه الى “جهنم».
وإن كان عون فقد جزءاً كبيراً من شعبيته، إلا أنه لا يزال في عيون محازبيه وأنصاره “قائداً شجاعاً نظيف الكف” وزعيماً من خارج سرب العائلات السياسية التقليدية والإقطاعية في بلد ذي تركيبة طائفية بامتياز.
ويحمل خصومه عليه “طموحه الجامح”، معتبرين أنه كان على استعداد “لأن يفعل أي شيء للوصول إلى الرئاسة”، وفق ما يقول أحد المقربين السابقين منه.
ويقول آلان عون الذي رافقه خلال منفاه في فرنسا “إنه زعيم عنيد، لا يستسلم ولا يشعر باليأس أبداً».
في العام 1990 وبعد إرغامه على مغادرة قصر بعبدا واللجوء الى السفارة الفرنسية في بيروت إثر عملية عسكرية قادها الجيش السوري في لبنان، اعتبر كثر أن مسيرة عون قد انتهت.
لكن من منفاه الفرنسي الذي استمر 15 عاماً، أسّس عون التيار الوطني الحر وواصل نضاله ضد الوصاية السورية التي تحكمت لسنوات بمفاصل الحياة السياسية في البلاد، قبل أن يعود الى لبنان في 2005 ويتحالف مع حلفاء سوريا.
ويتحدر عون المعجب بصوت فيروز وشعر أبو الطيب المتنبي، من أسرة متواضعة في منطقة حارة حريك في الضاحية الجنوبية لبيروت. وهو أب لثلاث بنات ولديه عشرة أحفاد. وانضم عون الى السلك العسكري في العام 1955، وتدرّج في مناصب عدة. كما خاض معارك عسكرية بارزة عُرف فيها بعزمه وتفانيه. في العام 1984، عين قائداً للجيش، وبات لقب “الجنرال” منذ ذاك الحين ملتصقاً باسمه.
وكانت المحطة المفصلية الأولى في حياته السياسية في 1988، حين شكل حكومة عسكرية إثر انتهاء ولاية الرئيس السابق أمين الجميّل.
خلال سنتين، خاض عون حربين، الأولى «حرب التحرير» ضد القوات السورية، ثم ما عرف بـ»حرب الإلغاء» ضد ميليشيا القوات اللبنانية آنذاك.
رفض عون اتفاق الطائف الذي نتج عن تدخل دولي لإنهاء الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990)، واعتبره يمسّ بالسيادة اللبنانية.
ورفض بعدها تسليم السلطة إلى الرئيس المنتخب رينيه معوض عام 1989، ما استدعى عملية عسكرية واسعة لإخراجه من القصر الرئاسي.
وإثر اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري في شباط/فبراير 2005، ثمّ انسحاب القوات السورية من لبنان، عاد عون الى لبنان ليكرّس زعامته في أول انتخابات نيابية.
وفي خطوة قلبت موازين القوى، وقع في شباط/فبراير 2006 وثيقة تفاهم مع حزب الله. وبعد عداء طويل، زار عون سوريا ثلاث مرات، والتقى الرئيس بشار الأسد. وأخيراً، في العام 2016، وصل عون إلى سدة الرئاسة إثر تسوية قبل بها خصومه من باب “الواقعية السياسية”، كما قالوا. وأصرّ طيلة فترة ولايته على أنه “مُنع” من تحقيق الإصلاحات التي كان يطمح لها.
لكن معارضيه يعتبرون أنه سلك طريق العائلات التقليدية، عبر إعطاء أدوار سياسية لأفراد من عائلته وعلى رأسهم صهره باسيل الذي يعتبره بمثابة وريثه السياسي.