ناشيونال إنترست: تحول إيران إلى دولة نووية لن يمنع تغيير النظام

ناشيونال إنترست: تحول إيران إلى دولة نووية لن يمنع تغيير النظام


بلغ القلق من البرنامج النووي الإيراني ذروته هذه الأيام، ويتساءل بعض المراقبين إذا كانت طهران تماطل عمداً في المفاوضات لإحياء الاتفاق النووي، لتضمن وضع دولة على مشارف اجتياز عتبة السلاح النووي.
ويقول الباحث المرشح لنيل دكتوراه دولة في العلاقات الدولية بجامعة بلغراد ستيفان يوييتش في “ناشيونال إنترست” إن الإيرانيين ربما يتجرؤون على استفزاز واشنطن، اعتماداً على ترددها في التورط عسكرياً ضدهم.

وطبق هذا السيناريو، فإن التهديد الأمريكي والإسرائيلي بالتدخل العسكري يهدف فقط إلى تخلي طهران عن مطالبها لإحياء اتفاق 2015، ولكن الأمريكيين والإسرائيليين غير جاهزين للتدخل، وبسبب احتمال التصعيد العسكري وتأثيراته الممكنة على أسواق الطاقة العالمية، فإن تهديدات واشنطن وتل أبيب، جوفاء.
أما الذين يعتقدون أن الإيرانيين متحمسون للتوصل إلى اتفاق، فيخشون أن تكون طهران قادرة على صنع سلاح نووي مع نهاية المهل الواردة في الاتفاق، أو حتى في ظل الاتفاق نفسه.

ويبدو أن الاحتمال الثاني هو الأرجح، بسبب القيود على قدرة الوكالة الدولية للطاقة الذرية على مراقبة إنتاج إيران من اليورانيوم المخصب. هذه القيود أثارت شكوكاً في احتمال استغلال إيران العجز المؤقت للوكالة، فتعمد إلى نقل أجهزة الطرد المركزي إلى أماكن سرية. وفي مثل هذه الحال، يمكن لإيران أن تخصب مواد انشطارية وأن تصنع سلاحاً نووياً في نهاية المطاف.

بقاء النظام في خطر
وبالنظر للإيجابيات والسلبيات، فإن المضي في التحول إلى دولة نووية هو موضع تساؤل، ولا يُحتمل أن تنجو إيران كما نجت إسرائيل، والهند، وباكستان عندما تحولت إلى دول نووية. إن العالم سيرد على امتلاك إيران للسلاح النووي، على غرار ما فعل مع كوريا الشمالية.
ولن تخفق إيران في تحقيق مكاسب، فقط، بل ستعرض قدرتها على مواصلة سياستها الخارجية الحيوية للمخاطر، وتجازف ببقاء النظام
ويرى الكاتب أن الأفضلية والرغبة في الرمزية، ربما تحفزان إيران على الحصول على أسلحة نووية. فعند شارل ديغول، لم يكُن حصول فرنسا على سلاح نووي مسألة أمنية فحسب، وإنما أيضاً لتعزيــــز صــــورة بـــلاده قوة كبرى.
قد يكون للسلاح النووي دور في تعزيز نفوذ إيران الإقليمي إلى درجة معينة، لكن ليس للأمر أهمية بمثل ما كان عليه الوضع في الستينات. فرغم صعوبة تحديد التأثير الدقيق لهذه الرمزية السياسية، إلا أنها بالكاد تستحق المخاطرة.
وعلاوة على ذلك، وفي ضوء تعزيز نظام منع الانتشار النووي، فإن تحول إيران إلى دولة نووية، سيلطخ سمعتها عالمياً، ويعزز مكانتها دولةً منبوذة، كما هو الحال مع كوريا الشمالية.
عقوبات اقتصادية
وذكر الكاتب أن المساعدة المادية عنصر أساسي في دعم إيران لأصدقائها الإقليميين، وبتحولها دولة نووية، فإن قدرتها على ذلك ستتضاءل. وليست تكاليف الصيانة والتحديث للترسانة النووية هي المهمة هنا، وإنما الأعباء التي ستزيد بعد العقوبات الاقتصادية التي ستلي حصول طهران على القنبلة النووية.

ورغم المزاعم الأخيرة عن مساعدة روسيا لإيران في برنامجها النووي، فإن لا مصلحة لموسكو في تحول إيران إلى دولة نووية. ويصح هذا الأمر أيضاً على الصين، التي تفضل اتفاقاً مؤقتاً قد يعرض الولايات المتحدة لأزمة بين الحين والآخر. ولهذا السبب، فإنها بالتحول إلى دولة نووية، ستثقل إيران كاهل اقتصادها المشلول أصلاً، وتقلل قدرتها على دعم حلفائها في بلاد الشام، واليمن.
كما أن الطبيعة الدفاعية للأسلحة النووية مسألة أخرى يتعين النظر إليها. وبالنسبة إلى صانعي القرار في طهران، فإن أمن الدولة يتمثل في سلامة النظام. ولا شك أن دورهم، الذي كان محل نزاع منذ ظهور الجمهورية، على المحك اليوم.

ويهتز النظام على وقع الاحتجاجات في البلاد، في الوقت الذي يقترب فيه حكم علي خامنئي من نهايتـــــه، ما يثير القلق من المرحلة الانتقالية، وإلى ذلك، فإن الأسلحة النووية لا يمكنها أن تمكن الهياكل السياسية الإيرانية من الاحتفاظ بسلطتها.

لم تحل الأسلحة النووية دون تفكك الاتحاد السوفيتي، ولا منعت الغالبية السوداء في جنوب أفريقيا من وضع حد لنظام الفصل العنصري. وفي نهاية المطاف لن تسمح الأسلحة النووية لنظام آيات الله والحرس الثوري بالحفاظ على دورهم.
ومن المفارقة أن محاولة إيران منع تغيير النظام بصنع سلاح نووي، قد تؤدي إلى تغييره.