نيويورك تايمز: هكذا ساهم رياض سلامة في انهيار الاقتصاد اللبناني

نيويورك تايمز: هكذا ساهم رياض سلامة في انهيار الاقتصاد اللبناني


تعليقاً على الانهيار الاقتصادي للبنان، أعدّ بن هوبرد، مدير مكتب صحيفة “نيويرك تايمز” الأمريكية في العاصمة اللبنانية بيروت، وليز ألدرمان، كبيرة مراسلي الصحيفة للشؤون التجارية والاقتصادية في أوروبا، تقريراً مطوّلاً سلَّطا فيه الضوء على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، والذي يواجه تحقيقات دولية عدة من بينها في فرنسا وسويسرا بشأن مزاعم فساد متورّط فيها، بعدما كان ينال قدراً كبيراً من الإشادة والإطراء على حسن إدارته لموارد لبنان المالية.

سلامة استخدم منصبه أيضاً لتقديم “خدمات لسماسرة السلطة” في النظام السياسي اللبناني. كما حصل أبناء المسؤولين البارزين على وظائف في المصرف المركزي  وقال الكاتبان إن سلامة مُتَّهم حالياً بارتكاب خطيئة لا تُغتفر: إثراء نفسه ودائرته الداخلية عبر سنوات من الفساد. وفتح قضاة مكافحة الفساد في باريس تحقيقاً هذا الشهر بشأن ادِّعاءات جنائية مفادها أن سلامة جمع ثروة طائلة في أوروبا عن طريق إساءة استعمال سلطته. كما طلب الادِّعاء العام في سويسرا من السلطات اللبنانية مساعدته في إجراء تحقيق منفصل في عمليات الاختلاس المشتبه بها وغسيل الأموال المرتبطة بسلامة وشركائه.
وعلى الرغم من الانهيار الذي يعاني منه اقتصاد لبنان، لم يواجه سلامة، مهندس السياسة النقدية في لبنان منذ عام 1993، أي دعوات جادة لاقالته من منصبه، مع أنه أشرفَ على إستراتيجية تتطلب مزيداً من الاقتراض لتسديد مدفوعات الدائنين الحاليين، وهو ما وصفه بعض النُّقاد بأنه أكبر مخطط بونزي (عملية استثمار احتيالية عن طريق الدفع لأقدم المستثمرين باستخدام أموال جُمعت من المستثمرين الجدد) في العالم.
ما يحمي سلامة من التحقيق معه محلياً والتدقيق في حساباته، هو دوره المركزي في شبكة المصالح التجارية والسياسية الفاسدة في لبنان.
استطاع سلامة أن يبني إمبراطورية داخل البنك المركزي، واستخدمها ليجعل وجوده ضرورة لا غنى عنها للأطراف الفاعلة من الأثرياء وذوي النفوذ، عبر مختلف الأطياف السياسية اللبنانية.

غير أن التحقيقات في فرنسا وسويسرا تُشكل تهديدات جديدة لموقف سلامة ومكانته. ويُحقق القضاة الفرنسيون في شكوى تتّهم سلامة وشقيقه رجا سلامة وبعض أقاربه وماريان الحويك، مديرة المكتب التنفيذي لحاكم مصرف لبنان المركزي، بالاستيلاء على أموال بطريقة غير مشروعة ونقلها من بنوك لبنان إلى البنوك السويسرية، وبعد ذلك غسل الملايين منها في فرنسا من خلال الاستثمار في سوق العقارات، بما في ذلك العقارات الفاخرة الواقعة بالقرب من برج إيفل.
وبشكل منفرد، يُحقق مكتب المدعي العام السويسري في بيع سلامة وشقيقه سندات خزانة المصرف المركزي، من عام 2002 إلى عام 2015، وتحويل البنك ما لا يقل عن 330 مليون دولار من العمولات إلى حساب شركة «Forry Associates»، وهي شركة وساطة مملوكة لشقيقه، في سويسرا.

كما يبحث الادِّعاء السويسري في مزاعم بأن رجا سلامة حوَّل أكثر من 200 مليون دولار من حساب شركته في سويسرا إلى حساباته في البنوك اللبنانية التي تربطه بها علاقات سياسية قوية. ومن بين هذه البنوك بنك “ميد”، المملوك لعائلة رفيق الحريري، رئيس الوزراء اللبناني الراحل الذي عيَّن سلامة حاكماً لمصرف لبنان المركزي.

وإلى الآن، لم يوجّه الادِّعاء العام السويسري أو الفرنسي أي اتهامات لسلامة أو أخيه أو مساعديه. ومن غير الواضح كم ستستغرق التحقيقات من الوقت.
ونقل التقرير عن موظفين سابقين في مصرف لبنان المركزي ومسؤولين أجانب، تحدثوا شرط عدم الكشف عن هويتهم، أن سلامة استخدم منصبه أيضاً لتقديم “خدمات لسماسرة السلطة” في النظام السياسي اللبناني. كما حصل أبناء المسؤولين البارزين على وظائف في المصرف المركزي. ويُقال إن رجال الأعمال والسياسيين والصحافيين، الذين يقدّمون تغطية إيجابية عنه، استفادوا كثيراً من القروض المدعومة من مصرف لبنان المركزي وغيرها من الترتيبات المالية.

وفي ظل الانهيار الاقتصادي الذي يعانيه لبنان، يتساءل بعض اللبنانيين: “كيف يُمكن لسلامة أن يظلّ في منصبه على رأس البنك المركزي في ظلّ سياسته النقدية التي فشلت فشلاً ذريعاً؟».