رئيس الدولة يبحث مع وزير الدفاع السعودي علاقات التعاون وتطورات الأوضاع في المنطقة
هآرتس: أردوغان يعود إلى أوهام سعر الفائدة
قال الكاتب السياسي في صحيفة “هآرتس” دايفد روزنبرغ إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تحول إلى نكتة رائجة بين الاقتصاديين، فهو يعاند بشدة الحكمة الاقتصادية التقليدية، مصراً على أن أسعار الفائدة المرتفعة، سبب التضخم. وفي فترة وجيزة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أمل كثيرون أن يصبح الرئيس التركي واقعياً، بعد أن طرد صهره ووزير الخزانة بيرات البيرق، وحاكم البنك المركزي وتعهد بـ “إصلاحات هيكلية لا هوادة فيها». لكن خلال هذا الأسبوع، عاد أردوغان إلى أوهامه عن أسعار الفائدة معلناً أن خفضها سيكون “حتمياً” خلال الصيف المقبل. وبشكل طبيعي، تلقت الليرة التركية المتدهورة أساساً ضربة جديدة مع انخفاض قياسي في قيمتها، ووصل الدولار إلى 8.88 ليرات يوم الأربعاء. وواصلت انخفاضها الخميس، رغم تطيمنات حاكم البنك المركزي، الذي إن المخاوف من تخفيض أسعار الفائدة بشكل سابق لأوانه، لم تكن مبررة.
يبدل أردوغان بشكل مستمر حكام البنك المركزي فأقال ثلاثة منهم في أقل من عامين إضافة إلى بعض نواب الحاكم. وإذا لم يتعاون معه الحاكم الحالي، شهاب كاوجي أوغلو، فإنه سيجد نفسه خارج منصبه أيضاً.
وكانت أسعار الفائدة المنخفضة جزءاً أساسياً من السياسة الاقتصادية التي أعطت الرئيس التركي نتائج انتخابية جيدة. واعتمد أردوغان على ما سمي “نمور الأناضول” وهم مبادرون محافظون من وسط وجنوب تركيا، زادوا ثراءً ومديونية في ذات الآن، تحت حكم أردوغان.
إن القروض الرخيصة التي أعطيت إلى مجموعات مثل النمور حفزت نمو الاقتصاد التركي طيلة أكثر من عقد. تركزت هذه القروض على قطاع البناء، حيث كانت غالبية رأس مالية آتية من الخارج. وكتب روزنبرغ أنه في السنة الماضية التي دمرت فيها جائحة كورونا الاقتصاد العالمي، نما الناتج المحلي الإجمالي في تركيا بـ 1.8%، لا بسبب الإنفاق الحكومي الكبير، بل لأن البنوك وزعت القروض يميناً ويساراً. لكن هذا النوع من النمو غير مستدام. ويؤدي الاقتصاد المحموم إلى التضخم، وضعفت الليرة بسبب الاعتماد الكثيف على تدفقات العملات الأجنبية، الأمر الذي عزز التضخم أكثر. حاول البيرق تربيع الدائرة ببيع العملات الأجنبية لحماية الليرة ما أدى إلى طرده في نوفمبر(تشرين الثاني، بعد انخفاض الاحتياطات إلى مستويات خطيرة، وبعد عودة مؤقتة إلى الاستقامة الاقتصادية.
لكن، بحسب الكاتب، تحتاج هذه الاستقامة إلى وقت أطول مما يستطيع أردوغان تحمله. وتظهر استطلاعات الرأي أن حزب العدالة والتنمية يخسر الدعم بسبب أداء تركيا الاقتصادي السيئ إلى جانب أسباب أخرى. صحيح أن الاقتصاد نما في عام كورونا بل ارتفع بـ 7% خلال الربع الأول من هذه السنة. لكن التضخم ثقيل، ويصل إلى أكثر من 10% وكذلك البطالة، وربما أصبح الجمهور التركي عارفاً بإخفاق سياسات أردوغان الاقتصادية.
وكان الاقتصاد ينمو، لكن فقط بالمقارنة مع ليرة منخفضة القيمة، لكن بالاعتماد على قيمة الدولار الثابتة، تقلص نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي 40% منذ 2013 حتى وصل إلى 7700 دولار، وفق ما قال كبير الاقتصاديين في بنك اسطنبول للاستثمار تيرا ياتيريم لشبكة بلومبيرغ، والذي قال إن بيانات نمو الناتج المحلي الإجمالي، مبنية على أساس سعر صرف وهمي. وحسب روزنبرغ، فإن هذه السياسة الوهمية عند الأتراك العاديين، يبدو أنها أصبحت نوعاً من الإدمان الذي لا يستطيع أردوغان الإقلاع عنه.
ولا تتمتع تركيا بالكثير من هامش المناورة الاقتصادية، والعلوم الاقتصادية المتشددة التي تعني حالياً فرض سياسات نقدية صارمة، لكسر حلقة التضخم وانخفاض قيمة الليرة، ستكون أداة مؤلمة لكن ضرورية لإصلاح الاختلالات الهيكلية في تركيا، وستساعد على نمو مستدام على المدى الطويل. ولكن، طالما بقي أردوغان في السلطة، فإن أفضل ما يمكن لتركيا توقعه هو تراجع تكتيكي عرضي من مبادئه، كما في نوفمبر(تشرين الثاني) الماضي. ورغم أن موعد الانتخابات الرئاسية مقرر في 2023، بدأت المعارضة تشعر بضعف أردوغان فدعت إلى انتخابات مبكرة. ولهذا السبب، قد يكون الانسحاب التكتيكي أيضاً خطيراً من وجهة نظر أردوغان.
ويتوقع الكاتب أن يحتاج أردوغان إلى تشتيت الانتباه عن فوضى الاقتصاد التركي. لقد خفف أردوغان في الفترة الأخيرة الكثير من التصعيد الديبلوماسي الإقليمي. ويستبعد روزنبرغ أن يستمر هذا السلوك فترة طويلة، ليعود أردوغان إلى إثارة التوتر حول غاز شرق المتوسط، وحول الفلسطينيين.