الأوكرانيون يرون بأنهم قادرون على رد الضربات

هجوم المسيّرات على موسكو يكشف هشاشة الدفاعات الروسية

هجوم المسيّرات على موسكو يكشف هشاشة الدفاعات الروسية

كشف الهجوم بالمسيرات على موسكو عن ثغرات واسعة في الدفاعات الجوية الروسية، وهشاشة العاصمة، وسط تزايد الاستهداف للأراضي الروسية، في ظل توقعات بهجوم أوكراني مضاد.   
وأفادت وكالة “أسوشيتد برس” أن الهجوم الذي ألحق أضراراً طفيفة ببعض المباني، أثار غضب الصقور الروس، الذين وجهوا انتقادات لاذعة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين وللقيادة العسكرية لإخفاقهما في حماية قلب الكرملين على مسافة أكثر من 500 كيلومتر عن خط الجبهة.     
وأتت هذه الهجمات بعدما كانت مسيرات استهدفت مبنى الكرملين نفسه في 3 مايو (أيار) الماضي وألحقت أضراراً طفيفة بسقف القصر بما في ذلك المكان الذي يتخذه بوتين مقراً له. واصطدمت مسيرات أخرى بمواقع قرب موسكو في ما وصفته السلطات الروسية بمحاولات أوكرانية فاشلة لمهاجمة المدينة ومنشآت البنى التحتية في الضواحي.     
والأسبوع الماضي، كانت منطقة بيلغورود الروسية الحدودية هدفاً لأكثر التوغلات البرية خطورة منذ بدء الحرب، مع إعلان جماعتين من اليمين المتطرف المؤيدتين لأوكرانيا مسؤوليتهما عنها. وتعرضت مدينة كراسنودار القريبة من القرم الذي ضمته موسكو عام 2014، لهجومين بمسيرتين الجمعة، مما أسفر عن تدمير منازل سكنية.   
وأعربت السلطات الأوكرانية عن سعادتها للهجوم، دون أن تتبناه  مع هجمات سابقة داخل الأراضي الروسية.      
ويقول مراقبون عسكريون إن المسيرات التي استخدمت في الهجمات كانت بدائية ورخيصة، لكن في إمكانها التحليق إلى ما يصل الألف كيلومتر. وتوقعوا حصول المزيد. 
ويشار إلى أن بعض المسيرات التي شوهدت تتجه نحو موسكو كانت من طراز يو جي-225 أوكرانية الصنع القادرة على حمل متفجرات، بينما شوهدت مسيرات أخرى في الأجواء قرب موسكو من النوع الصغير.   
 
  أسلحة معقدة
وقال المستشار البارز في برنامج الأمن الدولي التابع لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية مارك كانسيان، إن أحد الأسباب التي تجعل هذه المسيرات قادرة على الوصول إلى موسكو من دون أن يكتشفها أحد، هو أن معظم الدفاعات الروسية الجوية تركز على مواجهة هجمات بأسلحة أكثر تعقيداً.
وصرح:”إنها (الدفاعات الروسية) مصممة ضد الصواريخ والصواريخ الباليستية والصواريخ الإقليمية والمقاتلات والقاذفات وليست مصممة لمواجهة مسيرات ذات مدى قصير، يمكنها التحليق على علو منخفض جداً فوق سطح الأرض”. وأشار إلى أن الجيش الروسي قد يسحب بعض أسلحته للدفاع الجوي من الخطوط الأمامية للمساعدة في حماية العاصمة، وهي خطوة من شأنها إضعاف الوحدات الروسية أمام الهجوم الأوكراني المضاد، مضيفاً: “هذا تطور يصب في مصلحة الأوكرانيين إذا ما سحب الروس الأنظمة الدفاعية من مناطق كان يمكن أن يستخدموها في الخطوط الأمامية للجبهة».       
 
غضب المعلقين الصقور
وأثار الرد المخفف للكرملين على الهجوم غضب بعض المعلقين الصقور والمدونين العسكريين في موسكو، الذين انتقدوا القيادة الروسية لإخفاقها بالرد بطريقة أعنف.   
ووبخ قائد مجموعة فاغنر العسكرية الخاصة يفغيني بريغوجين القيادة العسكرية الروسية، ووصفها بأنها “حثالة” بسبب فشلها في حماية موسكو.      
ولاحظ بعض المراقبين أن رد الفعل الهادئ لبوتين مقارنة مع الصقور الروس، يعكس اعتقاده بأن الرأي العام لن يكون منزعجاً من الهجوم. وعلقت الباحثة في معهد كارنيغي تاتيانا ستانوفايا بأن “بوتين سبق له وأن تحدث عن تميز الشعب الروسي بالصبر والعناد، ومهما كانت جرأة أي هجوم أوكراني مقبل، فإن بوتين لا يعتقد بأن ذلك سيجعل الناس غير راضين عن الحكومة».   
 
وقال مدير برنامج روسيا وأوراسيا في تشاتهام هاوس جيمس نيكسي، إن هجوم الثلاثاء يؤشر إلى تصميم أوكراني على شن هجمات في عمق الأراضي الروسية، وتوقع المزيد منها. وأضاف: “لن يكون هذا الهجوم الأول والأخير...إن الأوكرانيين يستعرضون عضلاتهم ويرون بأنهم قادرون على رد الضربات. إنها جزء من لعبة الأوكرانيين للتأكيد بأنهم لا يدافعون فقط، وإنما في إمكانهم شن بعض الهجمات كذلك».
 
واعتبر أنه على رغم الدعوات العالية إلى الانتقام، فإن الجيش الروسي لا يستطيع ان يفعل أكثر مما فعله منذ بداية الحرب. وقال إن “الواقع هو أن روسيا تملك قدرات محدودة في ما يمكن أن تفعله. محدودية في القدرة البشرية، ومحدودية في التمويل، ومحدودية في المدفعية والذخائر والصورايخ والمسيرات وفي كل شيء...وسبق لهم (الروس) أن بذلوا جهوداً وكل أموالهم وثرواتهم ودمائهم من أجل مواصلة حربهم في أوكرانيا».