وسط مخاوف من تكرار سيناريو مفاعل تشيرنوبيل
هل التحذيرات من كارثة نووية في زابوريجيا خدعة جديدة؟
أثار النشاط العسكري بالقرب من محطة زابوريجيا النووية التي تحتلها روسيا في أوكرانيا مخاوف من تكرار سيناريو مفاعل تشيرنوبيل. واجتمع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبل أيام لمناقشة الوضع ... لكن التهديد بكارثة نووية مجرد وسيلة استخدمها بوتين من قبل، بحسب ما أفادت الكاتبة الصحفية آنا أكاجي في تقرير لها نشره موقع “ورلد كرانش” الفرنسي.من بين 16 محطة للطاقة النووية في الاتحاد السوفيتي، تم بناء أربعة في أوكرانيا. وكانت محطة تشيرنوبيل أكثرها شهرة حتى وقت قريب. ولكن كل الأنظار تتجه الآن إلى أكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا، وهي زابوريجيا، الواقعة في جنوب أوكرانيا حيث أصبحت مركزاً جديداً للحرب في أوكرانيا منذ أن احتلتها روسيا في الرابع من شهر مارس (آذار) .
وما زال عمالها رهائن تحت السيطرة الروسية.تجدر الاشارة الى أن محطة زابوريجيا للطاقة النووية ومفاعلاتها الخمسة عشر تحت الاحتلال منذ شهر أبريل (نيسان). وأصبحت فعلياً قاعدة عسكرية للجيش الروسي. وتنتشر هناك العربات المصفحة، ويتم إطلاق الصواريخ والمدفعية من أراضي المحطة النووية.ولا يمكن لأوكرانيا الرد على هذه الهجمات دون المخاطرة بكارثة ... وهو أمر يعرفه بوتين جيداً، حيث يقوم مرة أخرى بتسليح التهديد بكارثة نووية للمساعدة في الحرب التي يشنها.في 15 أغسطس (آب)، قال رئيس الوكالة الحكومية الأوكرانية لإدارة منطقة تشيرنوبيل، يوجين كرامارينكو، إنه في حالة وقوع حادث في محطة زابوريجيا، يمكن أن تكون مساحة الضرر المتوقعة حوالي 30 ألف كيلومتر مربع. وتحتوي زابوريجيا حالياً على حوالي 18 ألف مجموعة من الوقود السائل، وهو ما يزيد 10 مرات عن محطة تشيرنوبيل وقت وقوع حادثها النووي في عام 1986. وفي حالة وقوع كارثة نووية، يمكن أن يصل التلوث الإشعاعي إلى مليوني مليوني كيلومتر مربع .وزعمت روسيا أن أوكرانيا تقصف محطة الطاقة النووية الخاصة بها، لكن هذه المزاعم غير منطقية بالنظر إلى العواقب المدمرة المحتملة لأوكرانيا نفسها، بحسب التقرير.
الصورة: في 4 مارس، أصابت قذائف روسية محطة زابوريجيا للطاقة النووية في أوكرانيا، مما تسبب في اشتعال النيران في أحد مبانيها.
بيدق آخر في كتاب بوتين
وأصبحت محطة زابوريجيا للطاقة النووية بيدقاً آخر في كتاب لُعبة بوتين للترهيب والتلاعب. وفي فبراير (شباط) الماضي، وضع بوتين الأسلحة النووية الروسية في حالة تأهب قصوى.
وأعلن الرئيس الروسي أنه لا يمكن لأحد أن ينتصر في حرب نووية، وأنه لا ينبغي إطلاق مثل هذه الحرب. لكن التهديد بالحرب النووية أمر حقيقي بما فيه الكفاية في أذهان بوتين والمتطرفين الذين يدعمونه.ويبث التلفزيون الروسي دعاية منذ شهور، داعياً صراحةً إلى توجيه ضربة صاروخية نووية ضد “أعداء روسيا”، سواء أكان ذلك أوكرانيا أو الولايات المتحدة أو بريطانيا . وقال بوتين آنذاك: “سنذهب إلى الجنة شهداء، بينما هم سيلقون حتفهم فحسب».
لن يتخلى بوتين عن سلاحه بسهولة
لكن على الرغم من أن بوتين قد غزا دولة ذات سيادة وانتهك القوانين الدولية، لا يزال العديد من القادة السياسيين (بسذاجة إلى حد ما)، على حد وصف معدة التقرير، يعتقدون أن بوتين مخادع ويمكن التفاوض معه.
وقد اجتمع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مع الرئيس الأوكراني في مدينة لفيف في 18 أغسطس (آب) لمواجهة التهديد المتعلق بمحطة زابوريجيا للطاقة النووية.
وطالما أن الحرب لا تزال مستمرة، فإن أوكرانيا تطالب بإغلاق السماء فوق البلاد . وقد ثبت فشل هذا الطلب حتى الآن. لكن من المتوقع أن يكون زيلينسكي قد طالب بالمساعدة في حماية منطقة زابوريجيا على الأقل، بالإضافة إلى الضغط من أجل فرض المزيد من العقوبات للمساعدة في إخراج بوتين من أراضي محطة الطاقة النووية.
وتقول آنا كاجاي: “لكن يمكننا بالفعل توقع نتيجة هذا الاجتماع. وسيعبر غوتيريش عن قلقه الشديد ويدعو أطراف النزاع إلى التعاون لمنع وقوع حادث بالمنشأة. لكن لن يحدث شيء، لأن منع هذا الوضع كان أسهل بكثير من حله».
وأضافت كاجاي: “لا يمكن أن تنتهي هذه الحرب على طاولة المفاوضات، وإنما في ساحة المعركة. لقد توصل جميع قادة وخبراء العالم تقريباً إلى هذا الاستنتاج المحزن».
ويخلص التقرير إلى أن “التهديد النووي يصب في مصلحة روسيا، مما يجعل أوكرانيا والعالم بأسره يخشون قرارات بوتين. وهذه ليست ميزة من المتوقع أن يتخلى عنها بوتين بسهولة.»