رئيس الدولة يؤكد دعم الإمارات لتسوية النزاعات والتحديات في العالم عبر الحوار والحلول الدبلوماسية
تعني القيامة أو النهاية
هل باتت أوكرانيا أقرب إلى «هرمجدون»..؟
قال البروفيسور هاريش ك. ثاكور، قسم العلوم السياسية “جامعة إتش بي، شيملا” الهندية إن الصراع الروسي- الأوكراني الذي لا ينتهي والذي أضاف فصلاً مظلماً آخر للتاريخ الأوروبي يقف الآن على عتبة ما يمكن تسميته “أكثر شيء لا مبرر له في الوقت الحالي”: استخدام الأسلحة النووية.
وحذر ثاكور في تحليل بموقع “مودرن دبلوماسي” الأمريكي، من أن هذا الوضع زاد فرص “التدمير المتبادل المؤكد” ووجه إنذاراً لأوروبا من مواجهة كارثة والتلويح بالحرب الشاملة، أو “هرمجدون” التي تعني القيامة أو النهاية.
ولمح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مراراً وتكراراً إلى استخدام الأسلحة النووية لإنقاذ السيادة الروسية وأراضيها. ويمكن لروسيا أن تستخدم سلاحاً نووياً صغيراً أو “تكتيكياً” في أوكرانيا، في حالة تحول الأمور عكس “التوقعات الروسية”. يُعتقد أن أصغر سلاح تكتيكي يمكن أن يكون بسعة “كيلو طن واحد”، بل ونصفه، وهو أصغر بكثير من السلاح المستخدم في هيروشيما في عام 1945 والذي كان بسعة 15 كيلوطن.
نقاط الاشتعال العالمية
وأوضح الكاتب أن اللهيب الذي أنتجه الصراع الروسي الأوكراني الحالي، والذي أججه حلف شمال الأطلسي والمتعاطفون معه من جهة، وروسيا من جهة أخرى، يذكرنا بمأزق دام 35 يوماً لأزمة الصواريخ الكوبية عام 1962.
في عام 1961 نشرت الولايات المتحدة صواريخها في إيطاليا وتركيا، ورد الاتحاد السوفيتي بوضع صواريخه النووية في كوبا عندما وقع السكرتير الأول السوفياتي نيكيتا خروتشوف اتفاقية مع رئيس الوزراء الكوبي فيدل كاسترو في يوليو (تموز) 1962 بشأن نشر وبناء عدد من منشآت إطلاق الصواريخ.
ورأى الكاتب أن لا بؤر اشتعال أخرى في السياسة العالمية تقترب من هذه الأزمة، ولا حتى القضية الفلسطينية أو مأزق كشمير أو بحر الصين الجنوبي أو الأزمة السورية. قد يكون وصول طالبان إلى الأسلحة النووية كارثياً أيضاً مثل وصول أي ديكتاتور أو عصابة حاكمة متشددة غير مسؤولة. كما أن الوضع في جنوب آسيا وتوترات الهند مع باكستان والصين تشكل احتمالاً بعيداً، فيما يتعلق باستخدام النووي.
استراتيجية الولايات المتحدة الكبرى وأوكرانيا
وأضاف الكاتب أن “التوقعات الروسية”، التي غالباً ما يتم الخلط بينها وبين فكرة “روسيا الكبرى” (وهو مفهوم تاريخي للتوحيد الروسي) والتي تم طرحها من المعسكر الغربي، هي “النقطة الأضعف” التي تريدها إدارة بايدن. ولكنها لم تنجح في الوقت نفسه في إضعاف وتقويض “الإستراتيجية الكبرى” للولايات المتحدة للهيمنة والتدخل العالميين في “العالم “ باسم “مهمة الديمقراطية الليبرالية».
وتحمل الاستراتيجية أيضاً العنصر الأيديولوجي الذي كان يُنظر إليه من قبل آخرين على أنه ذريعة للتدخل . كان الدور الأمريكي في كوريا وفيتنام والسودان وسوريا وأفغانستان وليبيا والعراق وتشاد والبرازيل وأنغولا ونيكاراغوا، على سبيل المثال، انعكاساً لهذه الاستراتيجية، وتجلت مظاهره من خلال “التدخل الأمريكي” و”عقيدة مونرو”، و” عقيدة جونسون”، و”مسؤولية الحماية” التي تشير إلى العمل العسكري إذا كان أمن الولايات المتحدة تحت التهديد.
وأكد الكاتب ضرورة التعامل بجدية مع تحذير فلاديمير بوتين من أن تهديداته النووية “ليست خدعة”. ويأتي التهديد في الوقت الذي تبدو فيه آفاق روسيا في أوكرانيا قاتمة، حيث يخسر جيش بوتين آلاف الأميال المربعة من الأراضي في هجوم أوكراني مضاد».
وفي مقابلة مع “فرانس 24” من بروكسل، حذر الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ من أن أي استخدام للأسلحة النووية في أوكرانيا سيكون له عواقب وخيمة وخطيرة على روسيا. ومع ذلك، فإن “احتمال استخدام روسيا لأسلحة نووية في أوكرانيا لا يزال ضعيفاً. وفي الوقت نفسه، وصف ستولتنبرغ الاستراتيجية الروسية لاستهداف البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا بأنها “شكل وحشي من الحرب” و”وسيلة لتسليح الشتاء».
في ضوء حدة الموقف، وبينما من المتوقع أن تمارس قيادة الناتو ضبط النفس، فإن الإدارة الأمريكية تعمل بصرامة لجعل الأمور أسوأ. وحذر جو بايدن من أن أي استخدام للأسلحة النووية التكتيكية في أوكرانيا من قبل روسيا يمكن أن يؤدي إلى “هرمجدون”. وفي لقاء لجمع التبرعات للديمقراطيين في نيويورك في 6 أكتوبر (تشرين الأول)، وصف الرئيس الأمريكي الأزمة بأنها أقرب ما وصل إليه العالم من كارثة نووية منذ ستين عاماً.
تجنب هرمجدون
وفي ظل الأزمة الحالية وتجنب “هرمجدون”، فإن الهدنة هي مطلب الساعة التي يمكن أن تلعب فيها الدول القريبة من روسيا مثل الصين وألمانيا والهند دوراً مهماً. في غضون ذلك، يتعين على الولايات المتحدة ممارسة ضبط النفس بشأن حث القيادة الأوكرانية والتهديد باستخدام الناتو وفرض عقوبات على روسيا.
وشدد الكاتب على ضرورة أن يعمل أعضاء الناتو على الحديث عن أنفسهم ضد منظور الولايات المتحدة للعالم وتطوير منصة للحوار حول ارتباطات الناتو المستقبلية، مشيراً إلى أنه رغم نشاط ألمانيا وفرنسا ومحاولة إعفاء نفسيهما من سيطرة الولايات المتحدة، فإن الديمقراطية الداخلية لا تزال مفقودة.
ويتعين على الناتو أيضاً، وفق الكاتب، ضمان عدم ضم أوكرانيا وإبقائها بعيدة قدر الإمكان عن العتبة الروسية، التي تعد الشاغل الأمني الرئيسي لروسيا. ويبدو أن ما تفتقر إليه الأزمة الحالية هو عدم وجود جهود دبلوماسية لحل الخلاف، الأمر الذي يفضح الجانب الآخر من المصالح الخاصة أو ما يقوله بوتين “تريد الولايات المتحدة إطالة أمد الصراع».
وختم الكاتب مشدداً على ضرورة أن تكفل الولايات المتحدة على الفور كبح مشروع توسيع حلف الناتو الذي تتابعه منذ عام 1992 وأن تضمن المخاوف الأمنية الروسية لإنهاء الحرب.