على أمريكا أن تستكشف وسائل من أجل بدء مفاوضات

هل تبحث أوكرانيا عن تسوية بعد عامين من الحرب؟

هل تبحث أوكرانيا عن تسوية بعد عامين من الحرب؟


بعد عامين على الهجوم الروسي على أوكرانيا، لا تزال الولايات المتحدة تملك القدرة على تزويد كييف بالسلاح والتكنولوجيا والاستخبارات، من أجل منع سيطرة موسكو عليها. لكن هناك إدراك في أوروبا الآن بأن الولايات المتحدة فقدت إرادتها.
وفي المقابل يتمتع الأوروبيون بالإرادة –وهم تعهدوا للتو بـ54 مليار دولار لإعادة بناء أوكرانيا، لكن عندما يتعلق الأمر بصد هجوم روسي متجدد، فإنهم لا يملكون القدرة. وترى صحيفة «نيويورك تايمز» أن هذا جوهر المشكلة التي تواجه أوكرانيا والحلفاء في الناتو، في الذكرى السنوية للحرب. إنه تراجع مذهل.
قبل عام فقط، توقع الكثيرون هنا بأن الهجوم الأوكراني المضاد، معززاً بالدبابات والصواريخ الأوروبية والمدفعية الأمريكية والدفاعات الجوية، من الممكن أن يدفع الروس إلى الخلف، حيث كانوا قبل 22 فبراير (شباط). الآن، ظهرت الدروس القاسية. فالعقوبات التي كان يفترض أن تدمر الاقتصاد الروسي، فقدت تأثيرها. وتوقع صندوق النقد الدولي انكماشاً كبيراً في الاقتصاد الروسي، لم يدُم سوى لفترة محدودة، بفعل حوافز من الإنفاق العسكري، بحيث نما بأسرع من الاقتصاد الألماني. والعائدات من صادرات النفط هي أكبر مما كانت قبل الغزو.

انتكاسات
ومع الانتكاسات والعقبات الناجمة عن فشل الهجوم الأوكراني المضاد، انهارت الآمال بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيصل إلى خلاصة بأنه لم يعد قادراً على تحقيق المزيد من المكاسب، ويجب أن يدخل في مفاوضات جدية لوضع حد للحرب.
وتلفت الصحيفة إلى أن تقييمات مسؤولي الاستخبارات الأمريكية والأوروبية هي الآن بأن بوتين مصمم على الصمود، حتى ولو تكبد خسائر كبيرة، أملاً في إخفاق الكونغرس في تمويل جهود أوكرانيا، أو فوز الرئيس السابق دونالد ترامب، كي يصحح الأخطاء التي ارتكبها في بداية الحرب.
وللمرة الأولى منذ تأسيس الناتو في 1949، يأخذ الأوروبيون على محمل الجد الحاجة إلى بنية تحتية دفاعية مستقلة عن الولايات المتحدة.
وفي أواخر الصيف، كان مسؤولون بارزون في إدارة الرئيس جو بايدن يعلقون الآمال على أن مكاسب أوكرانية في الميدان سترغم بوتين على البحث عن تسوية تنقذ ماء الوجه. وكان الاحتمال الأكثر قابلية للنقاش هو أن الأراضي التي سيطرت عليها روسيا أو ضمتها لن يكون مصيرها واضحاً، وإنما سيؤدي ذلك على الأقل إلى وقف القتال.

نموذج إسرائيلي للمساعدات
وفي الوقت نفسه، كان بايدن ومساعدوه يناقشون خلال قمة الناتو في فيلنيوس بليتوانيا مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي «نموذجاً إسرائيلياً» للمساعدات لأوكرانيا. وعلى رغم أن الخطة لا ترقى إلى عضوية مباشرة في الحلف، لكنها توفر لكييف ضمانات لمدة عقد من التسلح والتدريب بما يتيح لها إبقاء روسيا في مأزق.
لكن حتى الأمل بهذه النتائج المشوشة قد وضع جانباً مع النقاش الدائر في الكونغرس حول تجديد مساعدة أوكرانيا على المدى القصير، ومع سيطرة التشاؤم حيال ما إذا كانت كييف قادرة على الصمود بما يكفي للتفكير بمساعدات على المدى البعيد.
وبينما تتزايد تيارات الانعزال في الكونغرس، الذي يسيطر عليه الجمهوريون بقيادة ترامب، فإن بايدن انتقل من الوعد بمنح أوكرانيا «ما تحتاجه طالما استلزم الأمر» إلى كلام أقل طموحاً في ديسمبر بتقديم المساعدة «طالما نستطيع ذلك».
وفي مؤتمر ميونيخ للأمن في عطلة نهاية الأسبوع الماضي، أطلق السناتور الجمهوري عن ولاية أوهايو جي. دي. فانس كلاماً أكثر قتامة بقوله إن أوكرانيا يجب أن تتعلم كيف تقاتل بموازنة متقشفة. وأضاف أنه حتى «لو تم تمرير مساعدة الـ61 مليار دولار، يجب أن أكون صادقاً معكم، فإن ذلك لن يغير من حقيقة الميدان.. إن كمية الذخائر التي نستطيع إرسالها إلى أوكرانيا الآن محدودة جداً».
وبرأي تشارلز أي. كوبتشان الأستاذ في جامعة جورج تاون، الذي عمل في مجلس الأمن القومي إبان إدارة باراك أوباما، أن هذا يعني أن الولايات المتحدة يجب أن تستكشف الوسائل من أجل بدء مفاوضات لإنهاء الحرب. وأضاف أنه «إذا كان في إمكان روسيا البقاء على هذا المسار، فلا أعتقد أن أوكرانيا قادرة على ذلك. وأشار إلى أنه بعد سنتين من الحرب «لا يوجد طريق في المدى المنظور كي تحقق أوكرانيا انتصاراً ميدانياً»، حتى لو حصلت على صواريخ بعيدة المدى أو مقاتلات إف-16.
وقد يقود الواقع الحالي إلى ممارسة ضغوط على كييف، كي تبحث عن تسوية، حتى ولو من موقع ضعيف.