موسكو سعت لتحقيق مكاسب من معاهدات الحد من انتشارها

هل تلجأ روسيا إلى ابتزاز الولايات المتحدة في ملف الأسلحة النووية؟

هل تلجأ روسيا إلى ابتزاز الولايات المتحدة في ملف الأسلحة النووية؟

رفضت روسيا اقتراحاً أمريكياً بإعادة فتح الحوار بشأن الحد من الأسلحة مع واشنطن، قائلة إن الولايات المتحدة تنتهج سياسة عدائية تجاه موسكو، بحسب ما صرح به مسؤولون أمريكيون على صلة.
وذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» أن غياب المحادثات بين الجانبين بشأن الحد من المخاطر النووية والخطوات المحتملة للحد من الأسلحة يأتي خلال أسوأ تراجع في العلاقات الأمريكية الروسية، منذ نهاية الحرب الباردة، تزامناً مع مخاوف من سباق تسلح جديد بين واشنطن وموسكو.
 
 
دون شروط
وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان في خطاب ألقاه في يونيو -حزيران إن الولايات المتحدة مستعدة لبدء المحادثات دون شروط مسبقة. وتابعت إدارة بايدن «ورقة سرية» بعد بضعة أشهر، تقترح مثل هذه المحادثات، وتحدد الأفكار حول كيفية إدارة المخاطر النووية. وبحسب الصحيفة، ردت موسكو بـ»ورقة دبلوماسية» خاصة بها في أواخر ديسمبر -كانون الأول، وقالت إنها غير مهتمة باستئناف محادثات الحد من الأسلحة، واشتكت من أن الولايات المتحدة تسعى إلى هزيمة روسيا الاستراتيجية، من خلال دعمها لأوكرانيا، بحسب ما ذكرت المصادر الأمريكية. الخطاب الدبلوماسي الروسي على لسان وزير الخارجية سيرغي لافروف شدد على موقف روسيا، وقال لافروف في مؤتمر صحافي إن الولايات المتحدة بحاجة إلى مراجعة سياستها تجاه روسيا قبل إجراء حوار بشأن الحد من الأسلحة النووية.
وفي هذه الأثناء من المقرر أن تنتهي معاهدة البداية الجديدة، التي تقيّد الأسلحة النووية الأمريكية والروسية بعيدة المدى، في فبراير -شباط 2026 فيما انهارت اتفاقيات سابقة للحد من انتشار أسلحة أخرى بين الجانبين. وتقول الصحيفة إن أحد أهداف حوار الحد من الأسلحة، الذي كانت الولايات المتحدة تأمل أن يبدأ مع موسكو، هو بدء «محادثة حول الشكل الذي يمكن أن يبدو عليه إطار ما بعد البداية الجديدة، وتقليل المخاطر النووية، في ظل تصاعد التوترات بشأن الغزو الروسي لأوكرانيا»، حسبما قال أحد كبار المسؤولين.
 
ردع التهديد الروسي والصيني
وقالت لجنة مفوضة من الكابيتول الأمريكي (الكونغرس) بشأن الوضع الاستراتيجي للولايات المتحدة في أكتوبر -تشرين الأول إن الولايات المتحدة بحاجة إلى الاستعداد لتوسيع قواتها النووية في السنوات المقبلة لردع التهديد المزدوج من روسيا والصين، وانتقد أنصار الحد من التسلح في الولايات المتحدة موقف موسكو، قائلين إنه «يخاطر بإثارة سباق تسلح جديد».
وقال المدير التنفيذي لجمعية الحد من الأسلحة (مجموعة خاصة تدعم اتفاقيات الحد انتشار الأسلحة) داريل كيمبال: «إن رفض روسيا العرض الأمريكي لإجراء مناقشات حول الحد من المخاطر النووية والحد من الأسلحة يعد انتهاكاً لالتزام موسكو، بموجب معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية بالمشاركة في مفاوضات بشأن نزع السلاح، ووضع حد لسباق التسلح».  وفي فبراير (شباط) أعلنت موسكو أنها علقت مشاركتها في معاهدة «البداية الجديدة» للحد من انتشار الأسلحة النووية تحديداً، وعلى الرغم من ذلك، قالت وزارة الخارجية الروسية إن موسكو تخطط لمراقبة الحدود المفروضة على عدد الرؤوس الحربية الاستراتيجية، التي يمكن نشرها بموجب الاتفاق حتى انتهاء مدته للحفاظ على ما ذكرت أنه «الاستقرار في منطقة والردع في منظومة الصواريخ النووية».
 
وثيقة.. ومخاوف روسية
وذكر وزير الخارجية الروسي لافروف أنه لا يرفض إمكانية إجراء محادثات للحد من الأسلحة، إذا تغيرت سياسات إدارة بايدن تجاه موسكو، إلا أنه قال إن «الأفكار الموضحة في الوثيقة السرية للولايات المتحدة لم تعالج مخاوف روسيا». وقال: «إنهم يريدون إخراج العنصر غير النووي في المواجهة العسكرية، أي القوات التقليدية، من المعادلة.. من الواضح أن الهدف هو تعزيز الميزة الخطيرة التي يتمتع بها الغرب في التسلح النووي». وذكر مسؤول كبير في مجال الحد من الأسلحة في مجلس الأمن القومي للرئيس بايدن، أن رد روسيا لم يتناول بأي تفاصيل الأفكار الملموسة في الاقتراح الأمريكي بشأن كيفية الحد من المخاطر النووية، وقال براناي فادي في اجتماع استضافه، الخميس، مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، وهو مركز أبحاث في واشنطن: «لم نحصل على أي نوع من ردود الفعل الموضوعية بشأن الأشياء التي أردنا التحدث عنها». وبيّنت الصحيفة أن الأفكار الأمريكية تضمنت نوع الإطار المطلوب للحد من الأسلحة، الذي يمكن وضعه بعد انتهاء صلاحية معاهدة «البداية الجديدة»، وطرق معالجة مزاعم واشنطن بأن روسيا انتهكت هذا الاتفاق، بالإضافة إلى تدابير أخرى للحد من المخاطر النووية.