هل دفع النصر السعودي 400 مليون يورو لضم إينيغو مارتينيز؟

هل دفع النصر السعودي 400 مليون يورو لضم إينيغو مارتينيز؟

تسببت صفقة انتقال المدافع الإسباني إينيغو مارتينيز إلى نادي النصر السعودي في الكثير من الجدل ليس فقط بسبب الشرط الجزائي الفلكي البالغ 400 مليون يورو في عقده السابق مع برشلونة، بل أيضاً بسبب التفاصيل الدقيقة التي أحاطت بعقده المعقد مع النادي الكتالوني. 
فقد بدأت بعض الجماهير الهلالية في التقليب في الدفاتر القديمة وقامت باعادة نشر تغريدات تخص صحفي الانتقالات الشهير فابريزيو رومانو، وهو يؤكد أن الشرط الجزائي في عقد المدافع الباسكي مع برشلونة يبلغ 400 مليون يورو، وهو خبر صحيح بكل تأكيد، لكن هل دفع النصر هذه القيمة حقًا؟ يهدف هذا التقرير إلى تقديم تحليل معمق يكشف لماذا كان انتقاله مجاناً ليس فقط ممكناً، بل وضرورياً لبعض الأطراف.

وهم الشرط الجزائي وعامل العُمر:
كما ذكرنا سابقاً، فإن الشرط الجزائي البالغ 400 مليون يورو هو إجراء حماية روتيني في إسبانيا، ولا يعكس القيمة السوقية الحقيقية للاعب. 
تزداد هذه الحقيقة وضوحاً عند الأخذ في الاعتبار أن عمر مارتينيز هو 33 عاماً. من غير المنطقي على الإطلاق أن يدفع أي نادٍ في العالم هذا المبلغ، الذي يتجاوز أغلى الصفقات في التاريخ، للاعب في هذه المرحلة من مسيرته المهنية.  هذا المبلغ لم يُدفع حتى في أفضل اللاعبين وهم في ذروة عطائهم، مما يؤكد أن الحديث عنه كقيمة فعلية للصفقة هو أمر بعيد تماماً عن الواقع.

 تعقيدات العقد: سر الخروج المجاني:
يكمن جوهر القصة في العلاقة التعاقدية المعقدة بين مارتينيز وبرشلونة. بسبب قيود اللعب المالي النظيف الصارمة في الدوري الإسباني والأزمة المالية للنادي، لم يتمكن برشلونة من تسجيل عقد مارتينيز طويل الأمد بشكل مباشر.  الحل كان توقيع اللاعب على عقد معلن لمدة عام واحد فقط، مع وجود اتفاق "خفي" أو تمديد غير معلن لسنوات إضافية. هذا الوضع غير المستقر دفع وكلاء اللاعب للمطالبة بضمانات، والتي تمثلت في "بند خاص" أو "اتفاق شرف" يسمح له بالرحيل مجاناً في حال وصول عرض خارجي، وهو ما حدث بالفعل مع عرض نادي النصر. كان هذا البند هو ثمن المرونة التي أبداها اللاعب لمساعدة النادي في أزمته.

صفقة مفيدة للجميع، وضرورية لبرشلونة:
كان رحيل مارتينيز بمثابة طوق نجاة لبرشلونة على المستوى المالي. فالتخلّي عن راتبه الكبير، الذي تشير التقديرات إلى أنه يبلغ حوالي 14 مليون يورو سنوياً (شاملاً الضرائب والتكاليف)، حرر مساحة حيوية في فاتورة الأجور.
كان النادي في أمس الحاجة لهذه المساحة لتسجيل لاعبين جدد وحيويين لخططه المستقبلية، مثل حارس المرمى خوان غارسيا، وتدعيمات أخرى مثل صفقة ماركوس راشفورد، بالتالي، فإن رحيل لاعب يبلغ من العمر 33 عاماً مجاناً لم يكن خسارة، بل كان خطوة إستراتيجية ضرورية ومفيدة للنادي الكتالوني على المدى القصير.
في ضوء هذه التفاصيل، يتضح أن صفقة انتقال إينييغو مارتينيز إلى النصر لم تتضمن أي مقابل مادي. لم يكن الأمر مجرد انتقال حر بسيط، بل كان نتيجة حتمية لشبكة معقدة من العقود والاتفاقات فرضتها الأزمة المالية لبرشلونة.
استفاد النصر بضم مدافع خبير دون مقابل، وحصل مارتينيز على عقد ممتاز، بينما حقق برشلونة مكسباً مالياً إستراتيجياً كان بأمس الحاجة إليه. إن التشكيك في مجانية الصفقة يتجاهل هذه الحقائق الجوهرية التي حكمت المشهد بأكمله.