خالد بن محمد بن زايد يشهد جانباً من منافسات الألعاب الرقمية الهجينة في «دورة ألعاب المستقبل 2025»
على هامش أزمة أداء اليمين الدستورية
هل دور الرئيس التونسي هو دور رمزي أم لا...؟
تستمر مسالة أداء الوزراء الجدد لليمين الدستورية في اثارة جدل سياسي في تونس تجاوز مسالة مدى دستورية موقف الرئيس الرافض للتحوير الوزاري، وبالتالي تنظيمه موكب أداء اليمين، الى طبيعة دور الرئيس ذاته في النظام السياسي.
وتعليقا على تصريح لرئيس البرلمان، السبت، أكد محسن مرزوق رئيس حركة مشروع تونس في تدوينة له، الاحد، أن ما قاله رئيس البرلمان هو تعبير صادق عن فكره الانقلابي العميق.
واعتبر محسن مرزوق، تصريح راشد الغنوشي حول ضرورة إرساء النظام البرلماني دليل على رغبة النهضة في نظام يمنحها السلطة المطلقة ويفكك الدولة.
دور رمزي
وكان رئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي، قد اعتبر أن دور الرئيس “رمزي” فيما يرتبط بأزمة اليمين الدستورية للوزراء الجدد في التعديل الحكومي في تصريحات تعمق الخلافات بين رئاسة الجمهورية ورئاسة البرلمان.
وقال الغنوشي في حوار افتراضي على تطبيق زوم: “الرئيس يمتنع عن أداء القسم للفريق الجديد من الوزراء وبالتالي هو رافض للتعديل الوزاري».
وتابع: “الرئيس يعتقد أن له الحق في أن يقبل بعض الوزراء ويرفض البعض الآخر، هذه إشكالية المزج بين النظام الرئاسي والنظام البرلماني».
وقال الغنوشي إن تونس نظامها برلماني ودور رئيس الدولة هو دور رمزي وليس دورا إنشائيا، وموضوع الحكم ومجلس الوزراء يعود إلى الحزب الحاكم وهو بالأساس مسؤولية الحكومة.
وأوضح أن الحاجة هي إقامة نظام برلماني كامل يمنح مقاليد الحكم إلى الحزب الفائز في الانتخابات التشريعية.
وتابع رئيس البرلمان “ربما الدرس الذي سنصل إليه هو ان نقيم نظاما برلمانيا كاملا فيه فصل حقيقي بين السلطات... والسلطة التنفيذية كلها في يد واحدة في يد الحزب الفائز في الانتخابات وهو الذي يقدم رئيسا للوزراء».
وأكد الغنوشي، أنه ليس هناك تهم مثبتة تدين الوزراء الجدد في حكومة هشام المشيشي، بسبب الفساد، مبينا أن تهمة الفساد حكم يصدره فقط القضاء، معتبرا أن هذه الاتهامات مجرد مكائد هدفها إسقاط التحوير.
وأضاف الغنوشي، أن الدستور فرض توزيع السلطات بين السلطة التنفيذية والتشريعية، وأن النظام السياسي في تونس مازال قيد التجربة ويحتاج الى وقت للتعود عليه.
وأشار رئيس البرلمان، إلى أن تعطل احداث المحكمة الدستورية فتح الباب أمام تأويل الدستور من قبل الرئيس قيس سعيد.
خطاب تهدئة
ومع استمرار صمت الرئيس التونسي، نشر شقيقه نوفل سعيد، تدوينة بخصوص اداء اليمين الدستورية للوزراء الجدد تحمل عنوان لا للنفخ على الجمر: تونس لن ترقص على حافة الهاوية.
وألمح نوفل سعيد الي أنه لا صحة لما يروج حول رفض الرئيس اداء الوزراء الجدد لليمين الدستورية متحدثا فقط عن “تأخر اداء اليمين».
وقال في تدوينته “طالما أنّ الاتفاق حاصل بأنّ الفصل 89 من الدستور لا ينطبق على التحويرات الوزارية فانّ مبدأ فورية التسمية وآداء اليمين (الفقرة 5 من الفصل 89) لا ينطبقان بدورهما بما معناه أنّه لن تكون هناك مخالفة للدستور لو تأخرت التسمية وتأخر آداء اليمين بعض الوقت».
وتابع شقيق الرئيس في خطاب تهدئة “صحيح أن الدستور قد صنع بصمته الأزمة، كما في عديد المناسبات، ولكن صمت الدستور عن التعرض الى التحويرات الوزارية... قد أسعف، على الأقل هذه المرّة، بتركه مجالا زمنيا، وفتح مساحة للذكاء السياسي للتونسيين يبعد البلاد عن الرقص على حافة الهاوية».
يذكر أن الرئيس قيس سعيد اعتبر أن “التحوير الحكومي” لم يحترم الإجراءات التي نصّ عليها الدستور التونسي، وتحديداً ما نصّ عليه الفصل 92، أي ضرورة التداول في مجلس الوزراء إذا تعلق الأمر بإدخال تعديل على هيكلة الحكومة، إلى جانب إخلالات إجرائية أخرى».
وكان البرلمان منح الثقة للتعديلات الوزارية التي تقدم بها رئيس الحكومة هشام المشيشي.
وفي سياق القراءة الدستورية لما يجري، أكّد أستاذ القانون الدستوري رافع بن عاشور، أنّ أداء اليمين أمام الرئيس إجراء جوهري حتى يتمكن كلّ شخص من مباشرة مهامه، وهذه الخطوة الدستورية غير مرتبطة بتوفر شروط معينة في الأشخاص المعنيين بأداء اليمين.
وأضاف أنّ الرئيس في ميدان اختصاص مقيّد ولا يمكنه تقدير الأشياء ولا سلطة قضائية له كي يصرح أنّ شخصا ما مجرما، إذ أنّ الحكم لا يتم عن طريق الشبهات ومن حق الجميع التمتع بقرينة البراءة، وفق تعبيره.
وشدّد بن عاشور على أنّ أداء اليمين واجب دستوري محمول على رئيس الجمهورية، وفي حال رفض سعيد استقبال الوزراء الجدّد لأداء اليمين، مما لا شك فيه أنّ ذلك سيؤدي إلى أزمة دستورية عميقة. وكشف أنّ الرئيس إذا كان لا يرتاح لأداء اليمين من قبل بعض الأشخاص، يمكن اعتماد نظرية “الإجراء المستحيل” الذي يمكّن من تعدي الإجراء نفسه.
وأشار رافع بن عاشور إلى أنّه يمكن أيضا الرجوع إلى الفصل 83 من الدستور، حيث يعتبر قيس سعيد نفسه في حالة شغور مؤقت، ويفوّض صلاحياته لرئيس الحكومة هشام المشيشي لمدّة زمنية معينة، ثمّ يؤدي الوزراء الجدد اليمين أمام رئيس الحكومة، ولكن هذه الخطوة تتطلب توافق بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، وفق قوله.
وقال “لا أتصور أنّ قيس سعيد سوف يخير أن تبقى الدولة معطلة من أجل جزئيات لا أهمية لها».
وفي ذات السياق، أكّدت منى كريم الدريدي أستاذة القانون الدستوري، أنّ أداء الوزراء الجدد اليمين إجراء جوهري لا يمكن لرئيس الجمهورية قبوله أو رفضه لأنّه في اختصاص مقيّد، وكان من المفروض أن يتم تنظيم موكب أداء اليمين بعد ثلاث أيّام من جلسة منح الثقة على أقصى تقدير.
وقالت “في حال رفض قيس سعيد قبول الوزراء الجدد تأدية اليمين أمامه، فإنّه لن ينجر عن ذلك أي شيء لأنه في ظلّ عدم وجود محكمة دستورية التي يمكنها الحكم بالإدانة».
وتابعت “إذا قرر قيس سعيد رفض أداء الوزراء اليمين فهو يعتبر في حال خرق واضح للدستور، وإذا تمّ إرساء محكمة دستورية في فترة حكمه إذا فيمكنها محاسبته على هذا الخرق».
ودعت منى كريم الرئيس إلى ضرورة إحكام منطق الدولة وقبول أداء اليمين، لأنّ رئيس الحكومة هو المسؤول الوحيد عن وزرائه الجدد، وفق تقديرها.