رئيس الدولة يصل بلغراد في زيارة عمل.. والرئيس الصربي في مقدمة مستقبليه
هل نجح ستارمر في تغيير تفكير ترامب؟
ترى صحيفة «غارديان» البريطانية في تعليقها على زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى لندن أخيراً، أنه بعد أن نجح في تفادي «المصائد» البروتوكولية وتجنّب إشعال أي «مفرقعات» سياسية، سيكون رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، سعيداً بأن مؤتمره الصحفي مع ترامب منح مصداقية لادعائه بأنه الشريك الأول لأمريكا في الدفاع والتجارة والتكنولوجيا حالياً.
أما ترامب، فحصل من جانبه على «الصور الرائعة» التي أرادها، وظهر بأفضل سلوكٍ منخفض النبرة. وقال إنه لا يختلف مع مضيفه في كثير من الأمور، باستثناء خطة ستارمر للاعتراف بدولة فلسطينية، كما أنه اقترب من حدود الدبلوماسية، على الأقل إلى أن نصح ستارمر باستخدام الجيش لوقف قوارب المهاجرين الصغيرة التي تعبر القناة.
لكن الساعة التي قضاها الرجلان بعيداً عن عدسات الكاميرا، ستكون الاختبار الحقيقي لمعرفة ما إذا كان ستارمر تمكن من استغلال هذه الزيارة الرسمية الثانية، بكل ما حملته من مظاهر بروتوكولية، لتغيير أي شيء من تفكير الرئيس الأمريكي، بحسب ما ذكرت الصحيفة.
وتعتمد تقنية ستارمر في العلن على التقاط أي مساحة صغيرة من الأرضية المشتركة مع ترامب، استغل على الأرجح ذلك الوقت الثمين لمحاولة إقناعه بإعادة التفكير في مدى موثوقية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وفي حكمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو.
إخفاق بريطاني
في ملف غزة
وفي ما يخص حرب غزة، وبناءً على ما ظهر في المؤتمر الصحفي، يبدو أن ستارمر لم ينجح. فقد أومأ ترامب برأسه عندما أخبره مراسل قناة «أي.تي.في» أنه «الرجل الوحيد على هذا الكوكب القادر على وقف هدم مدينة غزة، وإيقاف تجويع الفلسطينيين ووقف قتل المدنيين».
لكن ترامب رد قائلاً إنه لا يستطيع أن ينسى السابع من أكتوبر -تشرين الأول وأوضح أن مطلبه هو أن تسلّم حركة حماس جميع الرهائن دفعة واحدة.
مع ذلك، فإن المسافة بين موقفي ترامب وستارمر ليست بعيدة جداً، كما تشير الصحيفة، إذ إن العالم العربي بأسره يدعم الآن خططاً لإقامة حكومة في غزة لا يكون لحماس أي دور فيها. وسيجري تأكيد ذلك مرة أخرى خلال مؤتمر للأمم المتحدة الأسبوع المقبل.
كما أن ترامب يدعم بشكل غير معلن الخطة المشتركة التي طرحها جاريد كوشنر وتوني بلير لإعادة إعمار غزة، والتي تنص على أن الفلسطينيين لن يُهجّروا من أراضيهم.
ففكرة التهجير بما تحمله من صدى نكبة عام 1948 تجعل أي خطة غير مقبولة لدى دول عربية، كما أنها تتعارض مع المبادرات التي طرحتها مصر وفرنسا وبريطانيا.
أوكرانيا:
تقارب أكبر في المواقف
أما في ملف أوكرانيا، فقد يكون هناك شيء أقرب إلى التفاهم. إذ بدا ترامب متألماً حين قال إنه يشعر بخيبة أمل كبيرة من بوتين، وأقرّ بأن الحرب كانت أصعب على الحل مما توقع.
وامتنع ستارمر عن القول بأن تفاؤل ترامب كان في غير محله، لكنه أكد أن الأهداف الأخيرة لبوتين أظهرت تهوراً جديداً يستدعي رداً أقوى.
قال ستارمر: «علينا أن نمارس مزيداً من الضغط على بوتين. فكلما مارس الرئيس ضغوطاً على بوتين، أظهر الأخير ميل للتحرك».
وحين حُشر ترامب بسؤال عمّا إذا كان مستعداً لممارسة هذا الضغط، أجاب: «أنا مستعد لفعل أشياء أخرى»، مضيفاً: «لكن ليس في الوقت الذي يشترون فيه الذين أحارب من أجلهم النفط من روسيا».
وتقول الصحيفة، إنه ليس مستبعداً أن يكون ترامب اكتشف مؤخراً فقط أن بعض دول الاتحاد الأوروبي وعلى رأسها حليفتاه المقربتان سلوفاكيا والمجر ما زالت تستورد النفط الروسي، لكن هذا وفر له عذراً مناسباً لعدم فرض الرسوم الجمركية التي وعد بها على الصين لاستيرادها النفط الروسي.
مأزق ستارمر وأوروبا
وترى الصحيفة، أن الأمر الوحيد الذي لا يستطيع ستارمر تحمله هو أن يتراجع ترامب عن أزمة أوكرانيا. لذلك لم يعد أمامه وأمام أوروبا سوى خيار المضي بسرعة أكبر نحو وقف تدفق النفط إلى القارة.
وتعهّدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، بالفعل بتسريع خطتها للتوقف عن شراء النفط والغاز الروسي، عبر تقريب الموعد النهائي ليكون أبكر من عام 2028.
ولدى ستارمر ما يمكن أن يبني عليه، إذ إن ترامب وافق على أن انخفاض أسعار النفط سيجعل بوتين يتجه نحو التسوية بوتيرة أسرع.
وتختتـــم «غارديان» بالقـول إنه بعد اليوميــــــن الماضيين، لم يعـــــد أمـــــام الملك تشـارلز وستارمر ســــــوى الأمـــــــل في أن يكـــــــون ترامب اقترب خطوة من الاقتناع بأن الحديث عن العقوبـــــات لا يكفي، وأن تطبيقهـــــــا الفعلي وحده هـــــــو ما يمكن أن يقنع بوتين بأن خياراته باتت مغلقة نهائياً.