الرئاسية الأمريكية وتاء التأنيث:

هل يستطيع ترامب إقناع النساء بالتصويت له...؟

هل يستطيع ترامب إقناع النساء بالتصويت له...؟

-- يصوت الرجال للجمهوريين، وتصوت أغلبية النساء في السنوات الأخيرة للديمقراطيين
-- الخريجات من النساء البيض يصوتن بنسبة أعلى للديمقراطيين
-- تصوت النساء السود بنسبة تفوق 90 بالمئة للديمقراطيين
-- السؤال المزدوج هو مدى تعبئة النساء من مجموعات الأقليات
-- تخويف ترامب من التنوع قد يأتي بنتائج عكسية بين المستقلين الذين لم يقتنعوا بآرائه بعد
-- المدن الكبرى تصوت للديمقراطيين، والريف يصوت للجمهوريين، والضواحي تقلب الموازين


رسمت مداخلات النساء على منصة المؤتمر الجمهوري صورة رئيس يفيض رحمة وعطفا، ويأمل فريق ترامب بهذه الطريقة الحصول على دعم الناخبات وجزء من الأقليات، ومعظمهم في صفّ الديمقراطيين، حسب تحليل الأكاديمي لوريك هينيتون.    ولوريك هينيتون أستاذ محاضر في جامعة فرساي سانت كوينتين، مؤلف كتاب “نهاية الحلم الأمريكي؟” (أوديل جاكوب، 2017) والأطلس التاريخي للولايات المتحدة (مع بيير جاي، أوترمينت، 2019). ونشر كتاب الحلم الأمريكي في اختبار دونالد ترامب في 8 أكتوبر (منشورات فنديميار).

   *تحدثت العديد من النساء على منصة المؤتمر الجمهوري، خصوصا السيدة الأولى ميلانيا ترامب التي دافعت عن زوجها، وابنته تيفاني التي نادرًا ما تظهر في وسائل الإعلام. هل هناك إرادة من جانب فريق ترامب لتليين صورة الرئيس؟
   - تلعب النساء دورًا أقل بروزًا بين الجمهوريين منه بين الديمقراطيين، إلا أن الأسرة (والسيدة الأولى) لها دائما مكان، ولو باسم القيم الأسرية المحافظة أو التقليدية. الزوجة الصالحة، ميلانيا ترامب تضيف بعدًا واضحًا:

لقد ولدت خلف الستار الحديدي وتجسد المقاومة الضرورية للتهديد الاشتراكي الشيوعي الذي يتهم به الجمهوريون بايدن، لكنها أيضًا مهاجرة، مما يسمح بتوضيح موضوع اليوم الثاني لمؤتمر وضع تحت علامة الحلم الأمريكي. وكان مثيرا أن نرى الديموقراطيين (بيت ميدلر) يسخرون من لهجتها... إنه عالم بالمقلوب!
   ومع ذلك، لئن ذكر عدد قليل من المتحدثين باختزال شديد الرجل الذي يتخفى وراء قوقعة الترامبية (ستيف سكاليس، الذي زاره ترامب في المستشفى عندما أصيب)، فإنه بشكل عام تم الاحتفاء بالزعيم أكثر من الأب أو الزوج، وهو ما يتناقض مع ظهور عائلة بايدن.

   ان بايدن عطوف جدا مع الاخرين، ومن الصعب إنكار هذا، في حين ان ترامب ليس كذلك على الإطلاق، ومن الصعب إظهار خلاف ذلك. من هنا يمكن القول إن صورة ترامب قد خففت حقًا. غير ان التدخلات خففت من حدة الرسالة العامة بعد الأداء المذهل لكيمبرلي غيلفويل، رفيقة دونالد ترامب جونيور في اليوم الأول.
   *هل يسعى الحزب لكسب الناخبين من الإناث والأقليات؟ أليسوا في صفوف المعسكر المنافس؟
   - الجسم الانتخابي النسائي، في حد ذاته، لا وجود له، ولا معنى لهذا. وهو منقسم بعمق بواسطة علامات أخرى أكثر حسما: اللون ومستوى التعليم والحالة الاجتماعية بشكل أساسي.
   عموما، نعم، هناك فجوة كبيرة ومتنامية بين تصويت الرجال وتصويت النساء، “الفجوة بين الجنسين”.
يصوت الرجال في الأغلبية للجمهوريين، والنساء، في جميع استطلاعات الرأي في السنوات الأخيرة، يصوتون كأغلبية للديمقراطيين. لكن يجب أن نذهب أبعد من ذلك.

 تصوت النساء السود أكثر من 90 بالمئة للديمقراطيين (ويصوتون بنسبة تفوق قليلا الرجال السود، مما يجعلهم هدفًا رئيسيًا للفرق الديمقراطية) وبالتالي، فإن “الفجوة بين الجنسين” ضعيفة جدًا بين السود، سواء كنّ متزوجات أم لا، خريجات أم لا. ان تكون أسود هو أحد العوامل الحاسمة في التصويت الديمقراطي، لكن يمكن للسود أيضًا مقاطعة صناديق الاقتراع.
   فيما يتعلق بالنساء البيض، فإن خطوط الشرخ واضحة تمامًا: كلما كنّ متحصلات على ديبلومات، كلما صوتن أكثر للديمقراطيين، (هذا أقل صحة بالنسبة للرجال). وبالمثل، فإن النساء المتزوجات بشكل عام أكثر محافظة من العازبات. وهنا اين تتحرك الأمور: وهذا أقل صحة، وتتسع الفجوة بين الخريجات. وحتى إن صوتت النساء غير المؤهلات بشكل أقل للجمهوريين، دون بالضرورة التصويت بأغلبية ساحقة للديمقراطيين، فإن التحول كبير وربما حاسم. الا ان الأمر نفسه ينطبق على الرجال، بشكل عام أكثر محافظة. يكفي أنه يتقلص قليلا ميلهم إلى الجانب الجمهوري حتى ترجح “الفجوة بين الجنسين” الولاية الى الديمقراطيين. لذلك، بالنسبة للجمهوريين، يجب بذل الجهود لاستعادة شرائح معينة من الناخبات، دون التراجع بين الرجال.

   هناك فجوة رئيسية أخرى جغرافية: المدن الكبرى تصوت بنسبة كبيرة للديمقراطيين، والريف يصوت للجمهوريين، والضواحي السكنية الضخمة، في توسع مستمر، تقلب الموازين لصالح هذا المعسكر أو ذاك.
   في الماضي، كانت خزانًا جمهوريًا، وهذا ما سعى ترامب إلى حشده من خلال الإشارة الى تهديد المساكن الاجتماعية التي يرغب الديمقراطيون في فرضها، وبالتالي المساس بقدسية جنة الضواحي.

 ببساطة، يتم ترك المدن الكبيرة، و”تنوعها”، وجرائمها ومدارسها السيئة، باتجاه النقيض: بين أنفسنا (بين البيض)، والامن والأمان، والمدارس الجيدة. كانت تسمى “الرحلة البيضاء” في الستينات والسبعينات. الا ان الضواحي تغيرت كثيرًا، فهي أقل بياضًا بكثير من ذي قبل، ولم تعد تثير الرغبة.
 وأغنى مقاطعة في تكساس، فورت بيند، غرب هيوستن، بها أقلية بيضاء وطبقة متوسطة عليا قوية، آسيوية (هندية) على وجه الخصوص.

   إن التلويح بخطر التنوع سيظل يعطي ثماره مع جزء من الناخبين الجمهوريين سبق استقطابهم وضمان ولائهم، لكنه قد يأتي بنتائج عكسية بين المستقلين الذين لم يقتنعوا بعد. خاصة أن دعوة ترامب لـ “ربات البيوت في الضواحي” ترن بفظاعة “الخمسينات”. الموضة مع العتيق بالتأكيد، لكن ليس بالضرورة في السياسة.
   *هل يجب أن نرى في هذه الخطابات ردًا غير مباشر على هجمات كامالا هاريس، رفيقة جو بايدن في الانتخابات التي صورت دونالد ترامب في المؤتمر الديمقراطي على أنه “عنصري” و “مفترس”؟
   - الحملات هي مبارزة عن بعد، سواء كانت مؤتمرات أو إعلانات تلفزيونية أو تغريدات. لذا منذ أن أطلق الديمقراطيون النار أولاً، أصبح الجمهوريون في موقع هجوم مضاد. لقد رأينا ذلك بوضوح عندما أعلن ترامب وأنصاره أن مؤتمرهم سيكون أكثر إيجابية من مؤتمر الديموقراطيين، واتهموهم بأنهم منخرطون في نزعة مناهضة لترامب سطحية. ومع ذلك، كانت الأمسية الأولى من المؤتمر الجمهوري ذات نبرة أقرب لنهاية العالم. فأمريكا جو بايدن ستكون جحيماً على الأرض، وكان أداء كيم غيلفويل ودونالد جونيور، الجنائزي والعنيف، في تناقض صارخ مع ما أُعلن.
   وكانت الأمسية الثانية أكثر إيجابية حيث ركزت بشكل أكبر على حصاد إدارة ترامب، ومن الواضح أن ثمن ذلك كان عددا كبيرا من التقديرات التقريبية والمبالغات، وكلها موثقة حسب الاصول، الا انها لا وزن لها لدى المقتنعين، في حين أن المستقلين، الذين يعانون من نقص في المعلومات نسبيًا، لن يعلموا بها.
   وبشكل أكثر تحديدًا، ان مشاركة الجمهوريين السود ومن أصل إسباني، وحفل منح الجنسية لمهاجرين قانونيين، وخطاب ميلانيا: كل هذا كان يهدف إلى إظهار أن النقد الديمقراطي كان مبالغًا فيه، وبالتالي غير شرعي. إنها أيضًا مبارزة صور، والمترددون -الرهان الحقيقي-عليهم أن يصنعوا عسلهم بما يقدم لهم من الجانبين.

  *ومع ذلك، تم مهاجمة الملياردير الأمريكي عدة مرات لاستخدامه لغة بذيئة تجاه النساء وخصومه، وأنا أفكر في هيلاري كلينتون ...
  - لقد تجاوز دونالد ترامب عددًا محيرًا تمامًا من الخطوط الحمراء. وكم عدد المعلقين الذين أعلنوا، منذ عام 2016، هذا خط أحمر اضافي هذه المرة؟ مقالبه مع الممثلات المشبوهات، وتصريحاته حول الطريقة التي يمسك بها السيدات قبل الانتخابات مباشرة، وسخريته من اللياقة البدنية لخصومه أو الصحفيات ... كان اقل من هذا سيضع حدا نهائيا لتطلعات أي مرشح... لكنه مع ترامب يمرّ وفعّال، رغم خطر ان يتحول ذلك الى شكل من أشكال التهوين.
    لقد أظهرت انتخابات عام 2016 أن كل تجاوزاته، في جميع الاصناف، لم تكن كافية لتجريده واسقاطه، بما في ذلك بين النساء. وعلى العكس، أظهرت انتخابات التجديد النصفي لعام 2018 تقلصا قويًا في أصوات النساء، وهو أمر حاسم بالنسبة للديمقراطيين، ولكن ليس في كل مكان: لم يستعد الديمقراطيون مجلس الشيوخ، وفشلوا بفارق ضئيل في الاستيلاء على كراسي الحكام في جورجيا. وفلوريدا. وإذا كان المدّ واضحًا، فقد كان غير مكتمل. خصوصا، رغم المشاركة التاريخية في هذه الانتخابات التي اعتاد الناخبون مقاطعتها بشكل عام، والسؤال الكبير هذا العام سيكون محوره التعبئة من الجانبين، وخاصة تجاه أنصار ترامب 2016 الذين لم يصوتوا عام 2018.
   اذن، سيكون السؤال المزدوج هو مدى تعبئة النساء من الأقليات، الذين هم أصلا ديمقراطيات إلى حد كبير، ولكن يجب على الديمقراطيين استنفارهن عدديا، وليس بالضرورة في نيويورك وشيكاغو، وتعميق انزلاق النساء البيض في الضواحي السكنية. وسيكون من المثير للاهتمام قياس ما إذا كان وجود كامالا هاريس (أنثى وأقلية مزدوجة) كرفيقة لجو بايدن في الانتخابات له تأثير على اختيار الناخبين -والناخبات -وإذا اقتضت الضرورة، ما إذا كانت جغرافية هذا التأثير حاسمة في الولايات الرئيسية.