ممر زانجيزور يربك القوقاز

هل يشعل «طريق ترامب» مواجهة مفتوحة في خاصرة القوقاز؟

هل يشعل «طريق ترامب» مواجهة مفتوحة في خاصرة القوقاز؟


كابوس جيوسياسي جديد يلوح في الأفق عند تخوم إيران. فبعد أيام من إعلان طهران أنها «لن تسمح» بتنفيذ مشروع الممر البري الجديد، يصل  مسعود بزشكيان إلى يريفان ليفتح مواجهة دبلوماسية شرسة مع أرمينيا حول ما تسميه واشنطن «طريق ترامب للسلام والازدهار الدوليين « (TRIPP).
الممر، الذي وُقّع في الثامن من أغسطس-آب بوساطة أمريكية مباشرة بين أرمينيا وأذربيجان، لا يبدو مجرد نقل تجاري عادي. بل هو، وفق مراقبين، محاولة صريحة لوضع بصمة أمريكية طويلة الأمد على حدود إيران، وإحداث تحوّل إستراتيجي في ميزان القوى بالقوقاز.

طموح ترامب الواعدة
ولم يُخفِ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب طموحه، إذ أعلن أن الاتفاق يمنح الولايات المتحدة حقوقًا حصرية لتطوير الممر، معزّزًا ذلك باتفاقيات ثنائية مع يريفان وباكو تشمل الطاقة والتجارة والتكنولوجيا وحتى الذكاء الاصطناعي.
لكن في طهران، يُنظر إلى المشروع بصفته فخًّا أمريكيًّا لقطع شريان إيران نحو أرمينيا وبقية القوقاز، وفتح الباب أمام وجود عسكري أو أمني أمريكي على حدودها الشمالية.  ووصف وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الخطة بأنها «حساسة وخطيرة»، فيما ذهب مستشار المرشد الأعلى علي أكبر ولايتي أبعد من ذلك، مؤكدًا أن بلاده ستُفشل المشروع «مع أو دون روسيا»، مضيفًا بسخرية لاذعة:
 هل ستتحول
 المنطقة إلى صراع؟
يربط الممر الجديد، المعروف أيضًا بـ»ممر زانجيزور»، أذربيجان بجيب نخجوان عبر الأراضي الأرمنية، بمحاذاة الحدود الإيرانية.
 في العلن، يُسوّق المشروع كجسر للتنمية والسلام الإقليمي، لكن في الواقع، تقول طهران إنه يهدد بعزلها عن أرمينيا ويحوّل القوقاز إلى نقطة تماس بين إيران وأمريكا.
وأشار خبراء إلى أن زيارة بزشكيان إلى أرمينيا تعكس هذا القلق المتصاعد؛ حيث وصف الرئيس الإيراني علنًا وجود شركات أمريكية محتمل في الممر بأنه «مثير للقلق»، متوعدًا بالتحرك الدبلوماسي وربما أكثر.
في المقابل، لاقت المبادرة إشادة من روسيا التي رحّبت بالاتفاق بحذر، مؤكدة ضرورة إيجاد حلول داخلية لدول المنطقة دون تدخل خارجي.
لكن موسكو، المنهمكة في أوكرانيا، تبدو مترددة في مواجهة مباشرة مع واشنطن في القوقاز؛ ما يزيد قلق طهران ويتركها في مواجهة شبه منفردة مع المشروع الأمريكي.

شعلة حرب قادمة
ولعل ما يُشعل الموقف أكثر هو الذاكرة الدامية للنزاع الأرمني–الأذري. فبعد حروب متكررة منذ أواخر الثمانينيات، وسيطرة باكو على ناغورنو كاراباخ عام 2023، وما تبعه من نزوح جماعي للأرمن، تبدو المنطقة على حافة مسرح جديد للصدام.
وأفاد مراقبون، بأنه ما بين طموحات ترامب لتثبيت نفوذ أمريكي في قلب القوقاز، وتهديدات إيران بإفشال المشروع، وحذر روسيا، تبدو «طريق ترامب» أبعد ما تكون عن مجرد ممر للتنمية، مُشيرين إلى أنها شعرة فاصلة بين السلام والانفجار، قد تحدد شكل التحالفات والصراعات في إحدى أكثر المناطق حساسية في العالم.
السؤال المطروح اليوم: هل يتحول الممر إلى جسر للسلام كما تريده واشنطن... أو إلى شرارة مواجهة مفتوحة بين إيران وأمريكا في خاصرة القوقاز؟