واشنطن بوست: هكذا شكل شينزو آبي آسيا الجديدة

واشنطن بوست: هكذا شكل شينزو آبي آسيا الجديدة


تناول الكاتب ميهير شارما في صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية دور رئيس الوزراء الياباني السابق شينزو آبي الذي اغتيل الجمعة على يد مسلح في مدينة نارا اليابانية، في تشكيل آسيا الجديدة، فقال إنه لا تعبير أكثر شيوعاً في الوثائق الاستراتيجية للعالم الحر، من “منطقة المحيطين الهادي والهندي».
ومع ذلك، فإن هذا المصطلح لم يظهر في وثائق الدفاع أو في قرارات القمم قبل عقدين من الزمن، والعلاقات الجيوسياسية والجيو اقتصادية والعسكرية بين هذين المحيطين العظيمين، وكذلك الديمقراطيات التي يعتمدان عليها، بل الفضل في ذلك لرجل واحد، هو شينزو آبي.

آبي، الذي تولى رئاسة وزراء اليابان أطول فترة في التاريخ الحديث للبلاد، هو الذي ابتكر تعبير منطقة المحيطين الهادي والهندي. ففي خطاب مميز أمام البرلمان الهندي إبان فترة ولايته الأولى رئيساً للوزراء، حض البلدين على إيجاد “آسيا كبرى” عند “ملتقى المحيطين” وآسيا، تشمل بالضرورة الديمقراطيات البحرية مثل أستراليا، وإندونيسيا، والولايات المتحدة.
ولفت الكاتب إلى أن منطقة المحيطين الهادي والهندي هي أكثر من تعبير لافت، إذ باتت أمراً ملهماً. إن كلمات آبي تُرجمت إلى هياكل أمنية واقتصادية لها الآن فرصة الحفاظ على أفكار وتجارة حرة في آسيا، وفي منطقة المحيط الهادي وما وراءه.

ومن أجل ذلك، يستحق آبي أن يذكر أنه الزعيم الديمقراطي الأبرز في القرن الحادي والعشرين، حتى الآن.
كانت الهند تركز أمنها حول القارة الأوراسية. وها هي الآن بدأت التفكير في نفسها أمةً بحرية، وذلك بفضل جهود آبي التي لم تعرف الكلل، لإقامة تحالفات تستند إلى البحار.
ولم تعد الدول التي تعتمد على المحيطين الهادي والهندي محكومة بالعيش في ظل قطب واحد هو الصين، بل إن إبتكارات آبي بما فيها تحالف كواد، الذي يضم الولايات المتحدة، واليابان، والهند، وأستراليا، باتت أملاً لهذه الدول.

ومع ذلك، تميز آبي بسمعتين متناقضتين في آسيا، فهو في كثير من البلدان التي خلف فيها الاحتلال الياباني جرحاً مفتوحاً، أبقاها مفتوحاً في معظم الأحيان سياسيون شعبويون، فإن سعي آبي إلى إعادة تسليح اليابان لم يكن موضع ترحيب.
ومع ذلك، يلفت الكاتب إلى أنه يكتب مقاله في برلين، العاصمة التي تعيد تسليح نفسها للمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية، لكن قلة من جيرانها يمكنهم اتهام قيادتها السياسية بالحنين إلى العسكرة التي كانت سائدة قبل الحرب، بالطريقة التي اتهم بها آبي.

محلياً، يقول الكاتب إن المعارضين الليبراليين ينظرون بعين الريبة إلى سعي آبي للانتقال باليابان إلى هوية ما بعد الحرب العالمية الثانية. وهو الذي أشار في بعض الأحيان إلى أن القيم، بما فيها النزعة السلمية، “فُرضت” على الدستور الياباني من الأمريكيين المنتصرين في الحرب. لكن خصومه يختلفون معه في ذلك اختلافاً جذرياً.

تشكل اليابان بكل فخر حجر الزاوية في بناء اقتصادي وسياسي منفتح في منطقة المحيطين الهادي والهندي، إلا أنها تترك العالم دون أدنى شك في حيرة، فلا تعرف بأي وجه يجب تذكر آبي.