وجوه مضيئة ومبدعة وناجحة في القرية العالمية بدبي ... (3)

وجوه مضيئة ومبدعة وناجحة في القرية العالمية بدبي ... (3)


ذكرنا في الجزء الأول والثاني أن في القرية العالمية تشارك رموز ووجوه مشرقة ومتألقة ومبتكرة تستحق أن تنشر حكاياتها وإبداعاتها وابتكاراتها لتكون في سيرة حياتها قدوة لغيرها.. هؤلاء صنعوا أنفسهم بأنفسهم شاقين حياتهم بمجهوداتهم الفردية حتى تألقوا وذاع صيتهم وأصبحوا ملاحقين من الآخرين يردون السير على هداهم.. وأنا أعتقد أن مشاركة هؤلاء المبدعين والمبتكرين في القرية العالمية فخر لها قبل أن يكون ذلك فخر لهم وهو كما يقال أنهم عصاميين من الألف إلى الياء.. وهنا نسرد حكاية إبداع وثابرة وتصميم على النجاح رغم كل الظروف الحلوة والمرة.

الوجة المثابر الناجح د. وفاء العليان
هي سيدة سعودية استطاعت أن تجعل ظروفها دافعا للنجاح بقوة وأن تحقق لنفسها ما خططت له وأن تكون ذات حيثية في مجتمع وطنها وخارج وطنها ليشار إليها بالبنان كقدوة مثالية يقتدي بها غيرها  للوصول إلى الهدف المرام والذي نهايته نجاح باهر.. وهي الآن بالقرية العالمية أنتدبها بنك التنمية السعودي لتكون مشرفة على جناح السعودية وتشرف وتتحقق من جودة المعروضات والمصنوعات السعودية بالجناح, وتلتقي بالعارضين السعوديين لتسهل لهم كل أمورهم.. وأن وجودها داخل الجناح السعودي يعتبر مكسبا للقرية العالمية بان تتواجد شخصية مثلها فيها.  

تبدأ حكاية د. وفاء التي ولدت في مكة المكرمة ومثابرتها من بداية حياتها, حيث بدأت دراستها الأولية في مدينة مكة المكرمة, أما ما تلا ذلك كان في مدارس مدينة جدة.. وعندما أتمت المرحلة الثانوية إلتحقت بجامعة الملك عبد العزيز آل سعود في جدة, وتخصصت في اللغة العربية التي كانت تحبها, وبعد أربعة أعوام أتمت دراستها الجامعية وكان تقديرها الثانية على دفعتها.. أهلها هذا لأن تكون معيدة في نفس الجامعة لمدة عام, ثم منحتها الجامعة منحة لدراسة والحصول على شهادة الماجستير في بريطانيا, وكانت خلال فترة عملها بالجامعة قد تزوجت وأنجبت أبها الوحيد يوسف, ولكن للأسف بعد ذلك تم الإنصال بينها وبين زوجها لأسباب تخصهما.

أثر هذا الحدث على مستقبلها العلمي وجعلته دافعا لها لتثابر لتحقق النجاح الباهر في حياتها الخاصة والعملية, وسافرت إلى بريطانيا لدراسة الماجستير في تخصص اللغويات التطبيقية, وفي فترة قياسية أنهت دراستها وحصلت على شهادة الماجستير بتقدير إمتياز مع مرتبة الشرف الأولى.. وأثناء وجودها في بريطانيا لم تضع هذه الفرصة هباءا بل إستفادت بها الى جانب دراستها في أمور عديدة تحسب لها لأنها أرادت أن تتعلم الكثير في تلك الفترة.

حرصت د. وفاء على تعلم ومعرفة ثقافة وأحوال الشعب البريطاني كدافع لها للتغلب على أي مصاعب صادفتها في حياتها وحولتها إلى دافع قوي لتحقيق ما تصبو غليه.. كما تعلمت العزف على الكمان وغزل الصوف وبرعت في ذلك.. والأهم من ذلك ان تنمى شغفها بالقراءة وكان الكتاب رفيقها أينما تكون في البيت وفي الشارع وفي أوقات الفراغ بالجامعة وفي وسائل المواصلات فأينما تكون يكون الكتاب مفتوحا أمامها تطالعة بنهم وشغف.

كما حرصت د. وفاء أيضا على تنمية هوايتها منذ الصغر وهي كتابة ونظم الشعر وغزر إنتاجها في تلك الفترة, وكانت تنظم شعر التفعيلة وكان رائدها الأمير بدر عبد المحسن الذي تغني بشعرؤه عمالقة الغناء والفن في الخليج العربية وعديد من مطربي الدول العربية مثل عميد الغناء العربي الفنان محمد عبدة, وصوت الأرض كما يسمى في الللاكة السعودية المرحوم طلال المداح الذي كان له نبرة مميزة ومحبوبة في صوته, وغيرهما الكثير من فطاحل الطرب والغناء العربي.. وكانت كتابة الشعر بالنسبة لها هي متنفس غربتها ووحدتها وهي بعيدة عن وطنها وأهلها, وكانت في شعرها تتقمص شخصيات قصائدها وتعيش داخل القصيدة.

بعد أن أنهت دراستها في بريطانيا تلقت عرضا من جامعة الشارقة لتدريس اللغة العربية لغير الناطقين بها حيث أنها تمتلك اللغة التي تسطيع تعليمهم من خلالها, ومارست هذه المهنة وإستمرت في تعليم اللغة العربية بجدارة وإتقان لمن يرغب منهم تعلمها كتى كان هناك موقف آخر يحسب لها.. فعندما إعترفت منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة عام 2017 باللغة العربية كلغة رسمية داخل منظمة اليونسكو, كانت د. أحد المتحدثين بأهمية اللغة العربية في يوم اللغة العربية الذي أقامته المنظمة احتفاء بهذه اللغة.

وفي عام 2018 عادت إلى بريطانيا بعد أن حصلت من جامعة الشارقة على تفرغ للدراسة وللحصول على درجة الدكتوراة في تخصص العلاقات الدولية بعد أن قضت عاما كاملا في البحث والتقصي والقراءة في موضوع رسلة الدكتوراة لتكون جاهزة لها ولتحصل على درجة الدكتوراة في وقت قياسي.. ولكن في عام 2019 رشحتها منظمة الأمم المتحدة لنيل دبلوم القادة الدوليين من معهد معهد الأمم المتحدة للتدريب والبحث " اليونيتار" لدراسة البروتوكول والدبلوماسية والعلاقات الدواية وكل من يجعلها تمثل المملكة العربية السعودية في الخارج.

وعرفت كيف تختار موضوعها فاختارت موضوعا يهم أهل وطنها كموضوع الساعة, كان موضوع أبحاثها عن صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي عهد المملكة العربية السعودية بصفته قائدا دوليا أحدث تغييرا جذريا في سنوات قليلة يعيشه ويتعايش معه كل الشعب السعودي الذي كان يتوق لمثل هذه التغييرات والتي أحدثها قائد شاب يتفهم ما يريدة الشباب السعوديون.. وجعل موضوع بحثها هذا مختلف أجهزة الإعلام السعودية والدولية تلاحقها في مقر الأمم المتحدة في جنيف لإجراء اللقاءات والحوارات معها حول هذا الموضوع لاسيماوأنها السعودية الوحيدة في المعهد ولأنها كانت الوحيدة ممن كانوا معها في المعهد التي تطرقت إلى موضوع يمس حياة السعوديين من خلال هذا القائد الشاب.

ولظروف خاصة تتعلق بإبنها يوسف عادت إلى دبي, ثم جاءت جائحة كورونا فاضطرت للبقاء في دبي حتى انتهاء الوباء, وخلال تلك الفترة أكملت دراستها في جينيف عن بعد.. وأخيرا تم ترشيحها للإشراف على جناح المملكة العربية السعودية بالقرية العالمية بدبي من قبل بنك التنمية الاجتماعي السعودي والإشراف على ضمان جودة المعروضات السعودية وأن تكون جاهزة للبيع لضيوف الجناح وضيوف القرية العالمية بدون أي شائبة ولضمان الجودة, وهي الآن في القرية العالمية لهذا الغرض.. وعندما تسدل القرية العالمية أبوابها على الموسم السادس والعشرين ستعود إلى بريطانيا لإستكمال دراستها في رسالة الدكتوراة التي قاربت على الإنهاء ولم يتبق إلا القليل. هذا هو الوجه المثابر والذي خلق من المأساة المثابرة والنجاح الباهر, وخاضت وتمرست في كل مجالات العلم لتكون كما هي تريد, وأن ترفع رأسها عاليا ولتحافظ على مكانة وطنها المملكة العربية السعودية هامة مرفوعة الرأس بين الدول.. وأنا أرصد إبداعاتها من بداية حياتها حيث بدأت دراستها الأولية بين الرياض وجدة حتى وصلت إلى المرحلة الجامعية فالتحقت بجامعة الملك عبد العزيز بن سعود في جدة وتخرجت فيها حاملة شهادة البكالوريوس ونؤكد وبإصرار أن وجودها بالجناح السعودي بالقرية العالمية مكسب كبير للقرية تحقق من خلاله للضيوف عالما أكئر روعة.