رئيس الدولة يؤكد دعم الإمارات لتسوية النزاعات والتحديات في العالم عبر الحوار والحلول الدبلوماسية
قادة صينيون يخشون الاحتجاجات الشعبية في أكثر الأوقات هدوءاً
وول ستريت جورنال: عيون الغرب على انتفاضة الصين
يفرض الحزب الشيوعي الصيني الرقابة الأكثر شمولاً في العالم، ما يجعل أي احتجاج عام ضد سياساته يقتضي شجاعةً وجسارة وينطوي على مخاطر شخصية جسيمة.
وهذا ما يُثير الاهتمام بالمظاهرات الواسعة التي اندلعت في نهاية هذا الأسبوع ضد القيود الحكومة الصينية الصارمة لاحتواء فيروس كورونا، حسب “وول ستريت جورنال” في افتتاحيتها.
إحباط شديد
وتكشف الاحتجاجات، وفق الافتتاحية إحباطاً شديداً بعد ثلاثة أعوام من مكافحة كورونا الأكثر تقييداً في العالم، إذ أُغلقت مدن بأكملها لأسابيع وأشهر بعد أوامر حكومية دون نقاش عام أو تراجع.
ويبدو أن سبب الاحتجاجات حريق اندلع في شقة في مدينة أورومتشي في إقليم شينغ يانغ. فقد أفادت التقارير بأن عربات الإطفاء واجهت صعوبة في الوصول لإخماد الحريق الذي أسفر عن 10 فتلى. وتخضع شينغ يانغ لأحدث إغلاق بسبب الجائحة منذ أغسطس -آب الماضي، وهي المقاطعة الغربية التي فرضت فيها بكين حبساً جماعياً على أقلية الأويغور المسلمة.
وانتشرت الاحتجاجات انتشار النار في الهشيم في كل الصين، فخرج الشباب خاصةً إلى الشوارع. وحمل بعضهم أوراقاً بيضاء، الأمر الذي تحولَ إلى احتجاج رمزي على القيود المفروضة لمكافحة الجائحة، وغيرها من الانتهاكات.
والاحتجاجات المحلية غير غريبة في الصين، حسب الافتتاحية، وعادةً تتصدى الاحتجاجات لبعض الانتهاكات البيئية، أو التجارية، أو الحكومية المحلية. وعادةً ما يناشد المتظاهرون بكين تصحيح الخطأ.
لكن هذه الاحتجاجات تتميز بانتقادها للسياسة الوطنية، وتجاوزات الحكومة، حتى أن مقطع فيديو من شنغهاي أظهرَ صينيين يهتفون: “شي جين بينغ، تنح عن منصبك!”، في إشارةٍ إلى الرئيس الذي فازَ أخيراً بولاية ثالثة رئيساً للصين.
تُشكل جائحة كورونا تهديداً خاصاً في الصين لأن النظام أعلن العمل بسياسية “صفر كورونا” مثالاً على تفوق نظامه الشيوعي على الديمقراطية الغربية الفوضوية. وحافظت هذه السياسة على عدد وفيات أقل بفيروس كورونا المُستجد مقارنةً مع الغرب.
تراجع المناعة الطبيعية
لكن الإغلاق الكامل عجز عن السيطرة على الجائحة، وأخر تفشيه لا أكثر. وأدت ثلاثة أعوام من الإغلاق إلى تراجع المناعة الطبيعية للشعب الصيني إلى حدٍ كبير. وفي ظل القومية ضيقة الأفق لقادة الصين، رفضوا استيراد اللقاحات الغربية التي تعمل بتقنية mRNA، ويكتفون بلقاح سينوفاك المحلي.
وكبار السن في الصين تحديداً عرضة للخطر، ولا توجد إلا أماكن محدودة في المستشفيات لأصحاب الحالات المُستعصية، إذا خففت الدولة القيود على جائحة كورونا. وأعلنت مدينة غوانغتشو الجنوبية في الشهر الجاري أنها بصدد بناء منشآت حَجْر وتأمين أسرَّة للمستشفيات لنحو 250 ألف نسمة.
ويرى الغربيون المعجبون بـ “الاستقرار” الصيني والتخطيط المركزي لبكين أن الأمر استغرق ثلاث سنوات لتأهيل منظومة مستشفياتها. وتابعت الصحيفة “غالباً ما تخفي الأنظمة المُستبدة الغضب المُتأجج حتى ينفجر فجأة. وقادة الصين يخشون الاحتجاجات الشعبية في أكثر الأوقات هدوءاً، وستزيد جائحة كورونا توتر الشعب وقلقه. فقد أفضت الإغلاقات إلى تباطؤ النمو الاقتصادي، تحت 3% العام الجاري، كما أدى الكساد العقاري إلى تراجع صافي قيمة ممتلكات عشرات الملايين من الصينيين من الطبقة المتوسطة».
إخماد الاحتجاجات
وقالت “وول ستريت جورنال” إن شي والحزب الشيوعي سيتعاملان بلا رحمة ولا شفقة مع الاحتجاجات لإخمادها.
وشتت رجال الشرطة التظاهرات السلمية في شنغهاي وغيرها من المدن يومي السبت والأحد الماضيين.
وأظهرت مقاطع فيديو سجلها البعض على هواتفهم الذكية اعتقال بعض المتظاهرين. وسيستغل جهاز الأمن قدراته لاختبار المراقبة وتقنيات التعرف على الوجوه لتحديد المشاركين في التظاهرات، وسيُعتقل كثير من المتظاهرين في الأيام المقبلة. وكثير منهم سيختفي كلياً.
وأضافت “لكن، المهم مراقبة إذا كان النظام سيخفف القيود، حتى لو لم يعترف بأنه كان بسبب الاحتجاجات التي اندلعت”. و”علينا أن نراقب أيضاً لنرى أي مؤشرات على انشقاقات داخل نخبة الحزب الشيوعي الصيني. فرغم ارتقاء شي أخيراً إلى مكانة ماو، قد لا تكون هيمنته كاملةً كما يوحي لنا به الموالون للحزب».
واختتمت الصحيفة بالقول: “علينا الترحيب بهذه الانتفاضة الصينية ضد هيمنة الحزب، حتى لو كانت تستهدف القضاء على سياسة صفر كورونا فقط. وعلى الرئيس بايدن أن يُعلن تأييده للاحتجاجات الشعبية التي لا تزال سلمية، ولو أن بكين ستستغل كل ما سينطق به الغرب بلا شك لتزعم أن الاحتجاجات مُستلهمة من الولايات المتحدة. لكن الشعب الصيني يعرف المسؤول عن سياسة صفر كورونا، ومتأكد أنه ليس قوةً خارجية».