رئيس الدولة يبحث مع وزير الدفاع السعودي علاقات التعاون وتطورات الأوضاع في المنطقة
نافذة مشرعة
1969، عام جائح...!
من يتذكره...؟ لقد دمر العالم وباء كبير ذات مرة. وكان يطلق عليه “انفلونزا هونغ كونغ”... لم يكن في العصور الوسطى، ولا حتى في زمن “الإنفلونزا الإسبانية”، التي نعيد بشكل دوري اكتشاف آثارها المدمرة، والمخزونة في ذاكرتنا، بل حدث في 1968-1969، وتسبب في 40 ألف حالة وفاة في فرنسا، ومليون في جميع أنحاء العالم.
وإذا لا أحد يتذكره، فلأن الوباء مرّ حينها دون ان يلاحظه أحد. إن عام 1969، يبدو وكأنه بالأمس: جلس بومبيدو على عرش الإليزيه، وجوني كان هو جوني، وهناك بالطبع قناة تلفزيونية واحدة، ولكن قبل عام، اكتشفت أجهزة الراديو الحزامية، مع مايو 68، فوضى المباشر. وكانت هناك صحف إقليمية وأخرى وطنية، منها لوموند.
طيلة ذاك الوباء، لم تخصص له لوموند إلا بعض المقالات القصيرة، ولم يحظ إغلاق المدارس في منطقة ما إلا ببضعة أسطر فقط. كان يجب أن يقال، أن هناك لقاحًا يُدار باعتدال، ولكنه لا يمنع الموتى.
لا أثر لخروج وزير صحة سابق عن طوره، ولا أثر لوصم عام للمتنزهين في الحديقة على أنهم أعداء للجمهور العريض، ولا ظهور للزعيم كل أسبوعين على شاشة التلفزيون، ولا وزيرا للداخلية يصدر أوامر بشأن الاحتياجات الطبيعية للحيوانات الأليفة، ولا وجود لعزل ذاتي أو حجر صحي، حتى في الحد الأدنى.
ومع ذلك، لم يكن مشهدا جميلا للفرجة. في مقال استعادي طويل نشر عام 2005، استجوبت صحيفة ليبيراسيون البروفيسور ديلامونيكا، البالغ عام 1969 العشرينات من عمره، وكان حينها في قسم العناية المركزة بالعيادات الخارجية. “كان الناس يصلون على نقالة في حالة كارثية، ويموتون بسبب نزيف رئوي، شفاههم مزرقة، ولونهم رمادي... كان هناك من جميع الأعمار، 20، 30، 40 وما فوق. واستمر الأمر من عشرة إلى خمسة عشر يومًا، ثم هدأت.
والغريب، أننا نسينا»
ماذا عن صحافة تلك الفترة؟ “لقد تسببت موجة البرد التي غطت فرنسا في الآونة الاخيرة في ظهور العديد من أوبئة الأنفلونزا التي اثرت خاصة على الجنوب الغربي”، نقرأ على سبيل المثال في لوموند بتاريخ 3 ديسمبر 1969. “10 بالمئة من موظفي شركة السكك الحديدية الوطنية الفرنسية في منطقة تولوز-بيرينيه، مرضى، تنقل فرانس سوير في مقال.
وفي 18 ديسمبر، في قلب زيادة معدل وفيات الأنفلونزا، عنونت لوموند “يبدو أن وباء الإنفلونزا يتراجع في فرنسا” وتصف بإيجاز آثاره الجانبية: “كان على صندوق التأمين الصحي الأساسي في بيريغيه إغلاق مكاتبه بسبب مرض الموظفين”، وتم إلغاء القطارات بسبب نقص العاملين في سكك الحديد، وأغلقت المدارس بسبب معلمين أصابتهم الحمى، والمستشار الألماني ويلي براندت طريح الفراش على غرار جزء كبير من أوروبا الشرقية.
لماذا نسينا انفلونزا هونغ كونغ؟ على غرار -في مجالات أخرى -مذبحة 17 أكتوبر 1961، أو ويلات جريمة الاعتداء الجنسي على الأطفال في الكنيسة، التي تنفتح عليها الذاكرة ببطء. ولماذا مرت مرور الكرام؟ لأن الأوبئة ليست قصصًا مجيدة، فلا كتّاب المناهج المدرسية أو الناشرين لهم أي مصلحة، فكرية أو تجارية، في إعادة صياغة هذه القبور دون مذنبين... إنها تفزع القراء، وعدد قليل فقط من علماء الأوبئة، بحكم الوظيفة، يجدون فيها ما يثير الاهتمام، ولكن من يستمع إليهم؟
ربما كانت هذه السابقة هي التي استحضرها ميشيل سيمز عندما اعتقد الطبيب الأكثر شعبية في فرنسا، أننا نفعل الكثير مع ما هو، في النهاية، مجرد إنفلونزا كبيرة... لقد سبق له ان رأى غيرها وحتى أوبئة وجوائح.
إذن، لماذا تحولت جائحة كورونا فيروس إلى دراما نفسية عالمية، وتتسبب في انهيار البورصات؟ (لاحظ أن الانهيار المالي نفسه يتم التعامل معه بإيجاز هذه الأيام. عندما يتم استجواب الوزراء على شاشة التلفزيون، وتكون الأسئلة عن السلوك الآمن، في فترة الحجر الصحي، لأصحاب الكلاب، ولكن ليس عن انهيار سوق الأسهم).
أولا، بالطبع، لأنها تصطدم بوسائل التواصل الاجتماعي والأخبار المستمرة. ولكن أيضًا، لأن هذا الوباء يصطدم بنظام المستشفيات المنهار، وهو ضحية عقود من التقشف في الميزانية، مع ممرضين يصرخون، وصحفيين (قليلون) يستمعون إليهم. كما إنها جائحة تصطدم بتمرد عالميّ ضد العولمة، وتصطدم بوعي حاد بسخافة نظام يهدر مليارات المليارات، ويلقي بملايين العاطلين عن العمل في الشوارع، من خلال مجرد توقع خوارزمي للذعر.
وإذا لا أحد يتذكره، فلأن الوباء مرّ حينها دون ان يلاحظه أحد. إن عام 1969، يبدو وكأنه بالأمس: جلس بومبيدو على عرش الإليزيه، وجوني كان هو جوني، وهناك بالطبع قناة تلفزيونية واحدة، ولكن قبل عام، اكتشفت أجهزة الراديو الحزامية، مع مايو 68، فوضى المباشر. وكانت هناك صحف إقليمية وأخرى وطنية، منها لوموند.
طيلة ذاك الوباء، لم تخصص له لوموند إلا بعض المقالات القصيرة، ولم يحظ إغلاق المدارس في منطقة ما إلا ببضعة أسطر فقط. كان يجب أن يقال، أن هناك لقاحًا يُدار باعتدال، ولكنه لا يمنع الموتى.
لا أثر لخروج وزير صحة سابق عن طوره، ولا أثر لوصم عام للمتنزهين في الحديقة على أنهم أعداء للجمهور العريض، ولا ظهور للزعيم كل أسبوعين على شاشة التلفزيون، ولا وزيرا للداخلية يصدر أوامر بشأن الاحتياجات الطبيعية للحيوانات الأليفة، ولا وجود لعزل ذاتي أو حجر صحي، حتى في الحد الأدنى.
ومع ذلك، لم يكن مشهدا جميلا للفرجة. في مقال استعادي طويل نشر عام 2005، استجوبت صحيفة ليبيراسيون البروفيسور ديلامونيكا، البالغ عام 1969 العشرينات من عمره، وكان حينها في قسم العناية المركزة بالعيادات الخارجية. “كان الناس يصلون على نقالة في حالة كارثية، ويموتون بسبب نزيف رئوي، شفاههم مزرقة، ولونهم رمادي... كان هناك من جميع الأعمار، 20، 30، 40 وما فوق. واستمر الأمر من عشرة إلى خمسة عشر يومًا، ثم هدأت.
والغريب، أننا نسينا»
ماذا عن صحافة تلك الفترة؟ “لقد تسببت موجة البرد التي غطت فرنسا في الآونة الاخيرة في ظهور العديد من أوبئة الأنفلونزا التي اثرت خاصة على الجنوب الغربي”، نقرأ على سبيل المثال في لوموند بتاريخ 3 ديسمبر 1969. “10 بالمئة من موظفي شركة السكك الحديدية الوطنية الفرنسية في منطقة تولوز-بيرينيه، مرضى، تنقل فرانس سوير في مقال.
وفي 18 ديسمبر، في قلب زيادة معدل وفيات الأنفلونزا، عنونت لوموند “يبدو أن وباء الإنفلونزا يتراجع في فرنسا” وتصف بإيجاز آثاره الجانبية: “كان على صندوق التأمين الصحي الأساسي في بيريغيه إغلاق مكاتبه بسبب مرض الموظفين”، وتم إلغاء القطارات بسبب نقص العاملين في سكك الحديد، وأغلقت المدارس بسبب معلمين أصابتهم الحمى، والمستشار الألماني ويلي براندت طريح الفراش على غرار جزء كبير من أوروبا الشرقية.
لماذا نسينا انفلونزا هونغ كونغ؟ على غرار -في مجالات أخرى -مذبحة 17 أكتوبر 1961، أو ويلات جريمة الاعتداء الجنسي على الأطفال في الكنيسة، التي تنفتح عليها الذاكرة ببطء. ولماذا مرت مرور الكرام؟ لأن الأوبئة ليست قصصًا مجيدة، فلا كتّاب المناهج المدرسية أو الناشرين لهم أي مصلحة، فكرية أو تجارية، في إعادة صياغة هذه القبور دون مذنبين... إنها تفزع القراء، وعدد قليل فقط من علماء الأوبئة، بحكم الوظيفة، يجدون فيها ما يثير الاهتمام، ولكن من يستمع إليهم؟
ربما كانت هذه السابقة هي التي استحضرها ميشيل سيمز عندما اعتقد الطبيب الأكثر شعبية في فرنسا، أننا نفعل الكثير مع ما هو، في النهاية، مجرد إنفلونزا كبيرة... لقد سبق له ان رأى غيرها وحتى أوبئة وجوائح.
إذن، لماذا تحولت جائحة كورونا فيروس إلى دراما نفسية عالمية، وتتسبب في انهيار البورصات؟ (لاحظ أن الانهيار المالي نفسه يتم التعامل معه بإيجاز هذه الأيام. عندما يتم استجواب الوزراء على شاشة التلفزيون، وتكون الأسئلة عن السلوك الآمن، في فترة الحجر الصحي، لأصحاب الكلاب، ولكن ليس عن انهيار سوق الأسهم).
أولا، بالطبع، لأنها تصطدم بوسائل التواصل الاجتماعي والأخبار المستمرة. ولكن أيضًا، لأن هذا الوباء يصطدم بنظام المستشفيات المنهار، وهو ضحية عقود من التقشف في الميزانية، مع ممرضين يصرخون، وصحفيين (قليلون) يستمعون إليهم. كما إنها جائحة تصطدم بتمرد عالميّ ضد العولمة، وتصطدم بوعي حاد بسخافة نظام يهدر مليارات المليارات، ويلقي بملايين العاطلين عن العمل في الشوارع، من خلال مجرد توقع خوارزمي للذعر.