«أوكوس»... تنفيذ سيئ لاتفاق جيد

«أوكوس»... تنفيذ سيئ لاتفاق جيد


اعتبر الباحثان برادلي بومان، ومارك مونتغمري، أن أهداف اتفاقية “أوكوس” بين الولايات المتحدة، وبريطانيا، وأستراليا جيدة، لكن التنفيذ كان سيئاً، لذلك على واشنطن وحلفائها الديمقراطيين التعاون لتقوية ردعهم المتآكل في منطقة المحيطين الهندي، والهادي. وكتب الباحثان، لموقع “ديفينس وان”، أن صياغة إدارة بايدن للشراكة الأمنية الثلاثية، وطريقة إعلانها، قوضتا أحد الأهداف الأساسية للاتفاقية، تحالف ديمقراطي موحد بشكل متزايد، وقادر على مواجهة العدوان الإقليمي والتنمر من بكين. وتُعدّ اتفاقية التبادل التكنولوجي فرصة فريدة لأستراليا للانضمام بسرعة إلى مجموعة النخبة في القوات البحرية التي تدير غواصات طويلة المدى وعالية التحمل، وهادئة، وقاتلة، وهي مجموعة تضم حالياً الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وروسيا، وفرنسا. وتعمل بكين لإنتاج غواصات مماثلة أكثر هدوءاً.

وستزود هذه التكنولوجيا أستراليا بغواصة مثالية لمعالجة التهديد البحري الأكثر احتمالاً لمصالحها، الصين. وستكون تلك الغواصة أكثر تطوراً من أي غواصة تعمل بالديزل كانت ستشتريها أستراليا من فرنسا. ورداً على الإعلان، استشهدت “غلوبال تايمز” المتحدثة باسم الحزب الشيوعي الصيني، بخبير عسكري لم يذكر اسمه، قال إن استحواذ أستراليا على الغواصات يمكن أن يجعلها هدفاً لضربة نووية من الصين. واعتبر الباحثان أن هذا الرد “مثير للسخرية”، إذ تملك الصين غواصات تعمل بالطاقة النووية والأسلحة النووية، بينما أوضحت أستراليا صراحة أن غواصاتها الجديدة ستعمل أيضاً بالطاقة النووية ولكنها غير مسلحة بأسلحة نووية. وقال الباحثان: “في الواقع، لا تملك أستراليا أسلحة نووية، وهي واحدة من أكثر دول العالم وعياً عندما يتعلق الأمر بمنع انتشار الأسلحة النووية». وتدل الانتقادات اللاذعة التي ساقها الحزب الشيوعي الصيني للاتفاقية، على أهمية غواصات أمريكا وحلفائها في المنطقة. فهذا النظام البحري يُشكل أكبر التحديات للخطط الصينية. وحافظت الولايات المتحدة على تفوقها على البحرية الصينية في مهمة الحرب تحت البحر.

ومع ذلك، كان التحدي المتزايد للولايات المتحدة هو القدرة على الإنتاج. ويمثّل انخفاض حجم أسطول الغواصات الهجومية الأمريكية مشكلة، بالنظر إلى أحواض جيش الصين الشعبي البحرية التي تضم أكثر من 60 غواصة هجومية. وبينما تنشر الولايات المتحدة غواصاتها في جميع أنحاء العالم، تركز بكين نشر غواصاتها الهجومية في المحيطين الهندي، والهادئ، ما يوفّر لها تفوقاً عددياً من الغواصات الهجومية في المواقع التي يُرجّح أن تشهد صراعاً بين الولايات المتحدة، والصين. وهنا تكمن الفائدة التي ستكسبها الولايات المتحدة من الاتفاقية، إذ ستساعد هذه الغواصات الإضافية ذات القدرة العالية في تخفيف تآكل توازن القوة البحري بين بكين والدول التي تريد المحيطين الهندي والهادي منطقة حرة ومفتوحة وشاملة. وبمجرد إرسالها إلى الميدان، ستضيف الغواصات الأسترالية قدرة حربية قيّمة تحت سطح البحر، ما سيؤدي إلى تخفيف العبء على الغواصات الأمريكية، ويساعد في ردع العدوان الصيني في المنطقة.

ومع ذلك، قال رئيس العمليات البحرية الأمريكية، لـ “ديفينس وان”، إن وضع هذه الغواصات في الخدمة سيستغرق سنوات عدة وربما “عقوداً”، ولذلك يجب تحديد استراتيجية الشراء المناسبة لتسريع تنفيذ الاتفاقية.

التنفيذ سيئ
ولم تكن باريس راضية عن خبر فقدانها صفقة بمليارات الدولارات مع أستراليا. وفي حين يميل البعض إلى تجاهل ردّ الفعل الفرنسي، فمن الواضح أن إدارة بايدن أخطأت في صياغة وتنفيذ الاتفاقية.
فإذا كان الهدف هو بناء تحالف موحد وقادر على ردع عدوان بكين، والدفاع عن منطقة المحيطين الهندي والهادئ الحرة والمفتوحة والشاملة، فإن “عزل واستبعاد الفرنسيين كان قصر نظر” وفق الباحثين.

الامكانيات الفرنسية
تمتلك فرنسا القدرة على المساعدة في الدفاع عن هذه المصالح المشتركة مع واشنطن. من الناحية العسكرية، الفرنسيون أكثر حضوراً ونشاطاً في المحيطين الهندي والهادي من أي قوة أوروبية أخرى.
تملك فرنسا أراضٍ في المنطقة، مثل بولينيزيا الفرنسية، ولا ريونيون، ومايوت، وكاليدونيا الجديدة. وللدفاع عن هذه الأراضي والمصالح، تحافظ فرنسا على موقف دفاعي قوي في المنطقة. كما تحتفظ بنحو “8 آلاف جندي وعشرات السفن المتمركزة مسبقاً في عدة قواعد” في المنطقة.
وقال الباحثان: “هذا هو بالضبط نوع القدرات التي يُفترض أن تشجعها وتيسرها الاتفاقية في منطقة المحيطين الهندي والهادي».

خطأ أمريكي
وأضافا “عند صياغة الاتفاقية، كان على إدارة بايدن أن تأخذ هذه الحقائق في الاعتبار، وأن تجد طريقة لتخفيف أثر الصدمة على فرنسا ودمجها في اتفاقية الدفاع الأوسع. كان ذلك ممكناً احتراماً لتحالف الولايات المتحدة وفرنسا المستمر منذ قرون، وكان من شأنه أن يعزز المصالح المشتركة في منطقة المحيطين الهندي والهادي.
واعتبر الباحثان أنه “ما كان لباريس أن تتفاجأ بالإعلان. ولا يمكن لوم أستراليا على هذا التسويف، لأن الولايات المتحدة، حليفة لفرنسا، وكان على واشنطن أن تضمن دمج باريس في الاتفاقية أو على الأقل إبلاغها بها، وكانت باريس عادلة تماماً في الإيحاء بأن بايدن ينتهج دبلوماسية أكثر رداءة من التي اعتمدها سلفه دونالد ترامب».
وختم الكاتبان بالقول إنه لمحاولة لإصلاح الخلاف الدبلوماسي، فإن على الولايات المتحدة وحلفائها الديمقراطيين، العمل بشكل حقيقي لتعزيز الردع في منطقة المحيطين الهندي والهادي، والتي تستمر في التآكل.