«الانجراف الاستراتيجي» لحرب غزة يبدد الوحدة في إسرائيل

«الانجراف الاستراتيجي» لحرب غزة يبدد الوحدة في إسرائيل


في منزل محترق في غزة، كتب على جدرانه «كاخ» و»كاهانا»، في إشارة إلى متطرف يهودي وحزبه المحظور، حيث وقف جندي ملثم يخاطب وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت.  
وقال الجندي في تسجيل مطول: «لا يمكنك الفوز بالحرب. ارحل. لا يمكنك قيادتنا»، وأعلن ولاءه لرئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، وحذر من أن مائة ألف جندي احتياطي سيتمردون، في حال عرقلت عناصر مترددة في الحكومة مثل غالانت هدف نتانياهو «بالنصر الكامل» على حماس.  
وفتح الجيش الإسرائيلي تحقيقاً جنائياً في قضية الفيديو، الذي حظي بمشاركة على الإنترنت من يائير نتانياهو نجل رئيس الوزراء الإسرائيلي، وجاء في بيان للجيش الإسرائيلي أن تصرف الجندي الاحتياطي يعتبر «انتهاكاً خطيراً لأوامر الجيش وقيمه».     
وتقول صحيفة «غارديان» البريطانية إنه في مجتمع إسرائيلي شديد الاستقطاب، والمنقسم على أسس عرقية ودينية وسياسية، من المفترض أن يكون الجيش «جيش الشعب»، بوتقة انصهار غير سياسية تجمع البلاد. ولكن مع اقتراب الحرب ضد حماس من شهرها التاسع، تلاشت الوحدة الوطنية التي ظهرت عقب الهجوم الذي شنته حماس في 7 أكتوبر (تشرين الأول).   
وقال سمحا (45 عاماً)، خلال زيارته للمنطقة الترفيهية في الهواء الطلق في القدس، في يوم حار الأسبوع الماضي: «نحن مجتمع منقسم سياسياً، ويا للأسف، أعتقد أننا منقسمون بشدة حول الأمور الأكثر أهمية».
وأضاف: «عندما يتعلق الأمر بالحرب والمشاكل في الشرق الأوسط، فإننا منقسمون حول كيفية حلها... لا أعرف إذا كان هناك حل أصلاً».    
وأفاد أحد المتسوقين ويدعى يفرات (67 عاماً): «هناك كراهية وعدوان من جميع الجهات. لا أعرف كيف يمكننا أن نعود معاً بعد هذا. لست متأكداً من أنه سيكون هناك انتصار في الحرب على الإطلاق».
وكلما طال أمد الحرب، من دون أي خطة ملموسة لليوم التالي، كلما انخفضت المعنويات. لقد انهارت مراراً وتكراراً المحادثات الرامية إلى إطلاق الرهائن الإسرائيليين المئة المتبقين، في حين لا تزال حماس وحزب الله اللبناني، يعطلان الحياة اليومية بهجمات صاروخية.   
وبينما أظهرت استطلاعات الرأي في أكتوبر، أن 70% من الإسرائيليين يعتقدون أن البلاد يجب أن تقاتل حتى يتم «القضاء على حماس»، أظهر استطلاع أجراه معهد ميدغام في مايو، أن 62%  يعتقدون الآن، أن تحقيق «النصر الكامل» في غزة أمر مستحيل.
ونظمت تظاهرات في أنحاء إسرائيل مساء السبت، طالب فيها المتظاهرون بالتوصل إلى صفقة رهائن فورية وإجراء انتخابات مبكرة. وفي تل أبيب، وألقي القبض على 7 أشخاص بعد إضرام النار عند تقاطع طريق سريع رئيسي.

الانجراف الاستراتيجي
ورافق «الانجراف الاستراتيجي» للحرب، تراجع كبير في مكانة إسرائيل العالمية في ما يتعلق بعدد القتلى والأزمة الإنسانية في غزة.  
وبالنسبة للكتلة اليهودية الصغيرة المناهضة للاحتلال والحرب في إسرائيل، كانت التطورات الدولية التي حدثت هذا الأسبوع موضع ترحيب في معظمها. وقالت منظمة حقوق الإنسان المحترمة «بتسيلم» في بيان لها: «لقد انتهى عصر إفلات صناع القرار الإسرائيلي من العقاب».
وفي تظاهرة صغيرة في القدس بعد ظهر الجمعة، تساءل أحد الناشطين البارزين، الذي طلب عدم ذكر اسمه نظراً للمناخ السياسي، عما إذا كانت الخطوات المؤيدة لفلسطين التي اتخذها المجتمع الدولي هذا الأسبوع، ستقود المؤسسة السياسية الإسرائيلية وغالبية المجتمع، لمضاعفة رفض التفكير في العودة إلى محادثات السلام أو الاعتراف بالدولة الفلسطينية.  
وقال: «هذا الأسبوع، أعرب 105 أعضاء في الكنيست عن دعمهم لنتانياهو، حتى أولئك الذين يكرهونه».
وأضاف: «أعتقد أنه من الأسهل على الإسرائيليين أن يتحدوا ضد المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، بدلاً من التفكير في الأدلة على جرائم الحرب...حتى بالنسبة لي، كان من الصعب الاستماع إلى اتهامات محكمة العدل الدولية (بالإبادة الجماعية، التي وجهتها جنوب أفريقيا). شعرت بالخجل والإحراج العميقين. إن النظر في المرآة بهذه الطريقة أمر صعب، ويستغرق تغيير الآراء وقتاً طويلاً».