«الحياة تحت الأرض».. صور تجسّد عزلة مرعبة لسكان خيرسون الأوكرانية

«الحياة تحت الأرض».. صور تجسّد عزلة مرعبة لسكان خيرسون الأوكرانية


بعد مرور أكثر من عامين على استعادتها من روسيا، في نوفمبر-تشرين الثاني 2022، تحولت مدينة خيرسون الجنوبية إلى ساحة لمطاردة يومية “قاتلة”، وفق تقرير مصوّر لصحيفة “لوموند” الفرنسية. ووثّقت الصحيفة بالصور حياة السكان تحت تهديد الطائرات الروسية المسيرة، التي أصبحت رمزاً لـ”السفاري البشري”، مطاردة بشرية حقيقية تحول الشوارع إلى مناطق خطرة، وتدفع الناجين إلى العيش في أقبية محولة إلى ملاذات حياة.وكانت خيرسون قبل الحرب مدينة نابضة بـ279 ألف نسمة، لكنها اليوم لا تضم سوى 70 ألفاً، يعيشون “تحت نيران المدفعية الروسية والطائرات المسيرة المحملة بالمتفجرات”، بحسب “لوموند».وبعد استعادة المدينة، تقول الصيحفة الفرنسية “انتشرت صور الاحتضان بين المدنيين والجنود الأوكرانيين، مجسدة أملاً في نصر سريع”، لكن كل ذلك تراجع مع الفيضانات الناجمة عن انفجار سد كاخوفكا في 6 يونيو-حزيران 2023 الذي أعقبه هجمات متزايدة الشدة. وتقع المدينة على الضفة الشرقية لنهر دنيبر، وعلى بعض جزرها؛ ما يجعلها هدفاً سهلاً للقوات الروسية المتمركزة قريباً، فمع تطور التكنولوجيا العسكرية، أصبحت طائرات موسكو قادرة على ضرب الطرق الرئيسة شمال خيرسون؛ ما يعزل السكان ويمنعهم من المغادرة.
ومن 1 يناير-كانون الثاني إلى 26 أغسطس-آب، سقط 1295 مدنياً ضحايا للطائرات، بينهم 108 قتلى، من ضمنهم طفل واحد على الأقل، وفق إحصاءات إدارة خيرسون.ويسود المدينة جو من القلق الدائم، ففي الشوارع، يتجول رجال مسلحون ببنادق هجومية، يبحثون عن الطائرات لإسقاطها قبل أن تضرب.والحياة اليومية أصبحت سلسلة من الطقوس الدفاعية، من متابعة قنوات تيليغرام للإنذار المبكر بوصول الطائرات المعادية، والمشي تحت الأشجار للتمويه، أو السير على واجهات المباني لتجنب الاستهداف، وتحديد أقرب الملاجئ، حتى في السيارات، يطفئ السائقون الموسيقى للاستماع إلى أي صوت مشبوه يشير إلى اقتراب خطر.رغم الظروف القاسية، تحاول الخدمات العامة الحفاظ على الحياة الطبيعية؛ إذ لا تزال بعض الحافلات تعمل، ويستمر عمل الشرطة ورجال الإطفاء. وفيما المطاعم وبعض محلات السوبر ماركت مفتوحة، لكن معظم النشاط يجري تحت الأرض.
كما تم تحويل الأقبية إلى مساحات متعددة الاستخدامات، من مراكز ثقافية، وفصول دراسية، إلى جناح ولادة حديث؛ ما يساعد في الحفاظ على الروابط الاجتماعية والتعليمية رغم العزلة والعنف اليومي.