رئيس الدولة والرئيس الروسي يبحثان سبل احتواء التصعيد في المنطقة والاحتكام إلى الحوار
أفغانستان في يد طالبان:
«الخطر الرئيسي سيكون زيادة قوة تنظيم داعش»...!
- تم ضخ 2 تريليون دولار في حرب استمرت عشرين عامًا والنتيجة عودة إلى المربع الأول
- هل ستشجع عودة طالبان إلى كابول على انتشار الجماعات الجهادية في البلاد؟
- طالبان تريد حكم أفغانستان ولا تريد أن تفعل القاعدة ما يحلو لها في البلاد
- يخشى الإيرانيون والروس عودة ظهور داعش أو بالأحرى الدولة الإسلامية -محافظة خراسان
- إذا تحول الوضع إلى حرب أهلية، ستصنع داعش «الفوضى»
يلوح مستقبل أفغانستان في أفق مظلم. فر الرئيس أشرف غني من البلاد يوم أمس الأول الأحد، وسلّم السلطة فعليًا لحركة طالبان التي دخلت كابول، رمز انتصارها العسكري الكامل في عشرة أيام فقط.
تستعد الحركة الإسلامية الراديكالية للعودة إلى السلطة، بعد عشرين عامًا من الإطاحة بها من قبل تحالف قادته الولايات المتحدة بسبب رفضها تسليم زعيم القاعدة أسامة بن لادن في أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001. وفي غضون ذلك، يساعد الناتو في تأمين مطار كابول للسماح بإجلاء الرعايا الغربيين.
لكن بالنسبة لملايين الأفغان الذين بقوا في البلاد، فإن القلق واضح بشأن مستقبل بلدهم. فبينما أفغانستان شبيهة بدولة فاشلة، هل يمكن أن تؤدي عودة طالبان بالنتيجة إلى عودة الجماعات الجهادية؟ يكمن الخطر الرئيسي في زيادة قوة داعش، حسب تقديرات جورج لوفوفر، عالم الأنثروبولوجيا والباحث المشارك في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية، المتخصص في أفغانستان والمستشار السياسي السابق لبعثة الاتحاد الأوروبي في باكستان.
*في أي سياق يمكن أن نخشى انبعاثا عنيفا للجماعات الإرهابية في أفغانستان؟
- كرر مقاتلو الحركة أنه لن يكون هناك ابتزاز أو حتى عنف، ويتماشى هذا مع خطاب ألقاه سراج الدين حقاني، الرجل الثاني في حركة طالبان، والمعلم الروحي السابق للقاعدة. ففي رسالة بتاريخ 24 يونيو، وجهها إلى جميع المقاتلين، طلب منهم تجنب الوحشية واحترام السكان -حتى لو كانت هناك أماكن اتسمت بالعنف والانتقام. لذا فإن السؤال هو: هل ستتجاوز القواعد القتالية حركة طالبان؟ لأنه إذا أحدثت طالبان فوضى في كابول، فيمكن أن تشعل بذلك الفتيل. وفي هذه الحالة يمكن إضافة كل التوابل إليها، بما في ذلك الجماعات الإرهابية من القاعدة وداعش. وهذا بالضبط ما يجب تفاديه.
* مع استلام طالبان السلطة، هل يمكن تصوّر أنّ هذا سيقوّي القاعدة؟
- الا إذا حدث انزلاق، لا مخاوف لي من ناحية القاعدة. لكي نفهم، يجب أن نعود إلى علاقات الهيمنة القائمة بين المنظمة الإرهابية الإسلامية التي تأسست عام 1987 وحركة طالبان. دعنا نعود إلى عام 2001: في ذلك الوقت، كانت لرجال القاعدة -بقيادة أسامة بن لادن -سلطة على حركة طالبان. وكانت هذه الأخيرة تحت نظام براسين يتشكل حينها من الملا عمر (أحد مؤسسي حركة طالبان) وبن لادن. لذلك يمكننا أن نرى تأثيرًا عربيًا قويًا للغاية. والدليل على أن القاعدة كانت تحتل مرتبة عالية في طالبان، هو رفض الحركة تسليم بن لادن إلى الأمريكيين بعد هجمات 11 سبتمبر.
اليوم، انقلب ميزان القوى. سراج الدين حقاني، وهو أيضًا نجل جلال الدين حقاني، أحد قادة الجهاد المناهضين للسوفيات، يدعم شبكات القاعدة التي تعمل في خدمته. وكان هذا الخضوع أكثر وضوحًا عام 2016، عندما تعهد زعيمها، أيمن الظواهري، بالولاء للملا هيبة الله أخوندزاده، المرشد الأعلى لطالبان. علاوة على ذلك، خلال المفاوضات، دفع الأمريكيون طالبان إلى عدم تشجيع الجماعات الإرهابية منها القاعدة. ويجب أن يكون مفهوماً أن طالبان تريد حكم أفغانستان ولا يريدون للقاعدة أن تفعل ما يحلو لها في البلاد.
*وبخصوص داعش، أي سيناريو يمكن أن نخافه؟
- في الوقت الحالي، يخشى الإيرانيون والروس شيئًا واحدًا فقط: عودة ظهور داعش في البلاد، أو بالأحرى الدولة الإسلامية -محافظة خراسان -التي أسسها المنشقون عن حركة طالبان عام 2015. ففي حين تخشى طهران من أن ينشط رجال داعش في الغرب، ليس بعيدًا عن الحدود الإيرانية، ترفض موسكو أن ترى الفرع الأفغاني لتنظيم داعش يزعزع استقرار أوزبكستان أو حتى طاجيكستان. ومع ذلك، وللوهلة الأولى، يمكن للمرء أن يقول إن مقاتلي داعش قد خسروا، لأن طالبان هزمتهم في السنوات الأخيرة، وانسحبوا حول مدينة جلال آباد -في شرق أفغانستان.
لكن رجال داعش عرفوا كيف يستعيدون حضورهم -رغم أنهم ليسوا أقوياء كما كانوا في السابق. ولمّا كن عددهم قليلًا جدًا بعد تولي أخون زاده رئاسة طالبان عام 2016، ويملكون القليل من الأسلحة، فقد أصبحوا سادة التفجير الانتحاري، سلاح الرجل الفقير، لكنهم كانوا فعالين بشكل رهيب في الميدان. في مايو 2020، كانوا وراء الهجوم على مستشفى التوليد “أطباء بلا حدود” في داشت بارشي في أفغانستان -مما أسفر عن مقتل حوالي 20 شخصًا. وفي يونيو هاجموا مدرسة للبنات في نفس الحي الشيعي. العواقب: ينتج عامل الدهشة والذهول تأثير العدسة المكبرة، ويعطي الانطباع بأن داعش أقوى من حقيقتها. في يوم آخر، تمكن تنظيم داعش من إطلاق صواريخ على القصر الرئاسي، في إشارة إلى بدء امتلاك أسلحة جديدة.
في المستقبل القريب، سيكون الخطر الرئيسي هو زيادة قوة داعش. إذا تحول الوضع إلى حرب أهلية، فإن داعش ستصنع “الفوضى”. وأستطيع أن أخبرك بتاريخ الخطر الحقيقي: سيكون عند الاحتفال الشيعي الشعبي الكبير بعاشوراء، والذي يفترض الابقاء عليه في كابول. في تلك اللحظة يمكن للمرء أن يخشى مذبحة حقيقية داخل المجتمع الشيعي. آمل أن تجد طالبان طريقة عمل لتجنب الأسوأ.
*في الختام، هل يمكن أن نتحدث عن “دولة فاشلة” عندما نتحدث عن أفغانستان؟
- إنها دولة دعّمها المجتمع الدولي منذ عشرين عامًا، والموارد التي سخّرت لأفغانستان كبيرة. في المجموع، تم ضخ 2 تريليون دولار في حرب استمرت عشرين عامًا. والنتيجة هي صفر، لأننا رجعنا إلى المربع الأول.
إن حركة طالبان في موقع قوة كما لم تكن من قبل. ومع كل الاحترام للرئيس أشرف غني، لم تتمكن الدولة من هيكلة نفسها. نسمع أحيانًا أن معنويات الجيش محبطة، ويحدث أحيانًا أن الجيش لا يملك حتى ذخيرة لأن الخدمات اللوجستية لا تعمل. إن الفساد في البلاد يجعل أن حركة الطالبان مقبولة بشكل أفضل في الريف. ولكل هذه الأسباب، فإن أفغانستان دولة فاشلة... لقد قضي الأمر.
- هل ستشجع عودة طالبان إلى كابول على انتشار الجماعات الجهادية في البلاد؟
- طالبان تريد حكم أفغانستان ولا تريد أن تفعل القاعدة ما يحلو لها في البلاد
- يخشى الإيرانيون والروس عودة ظهور داعش أو بالأحرى الدولة الإسلامية -محافظة خراسان
- إذا تحول الوضع إلى حرب أهلية، ستصنع داعش «الفوضى»
يلوح مستقبل أفغانستان في أفق مظلم. فر الرئيس أشرف غني من البلاد يوم أمس الأول الأحد، وسلّم السلطة فعليًا لحركة طالبان التي دخلت كابول، رمز انتصارها العسكري الكامل في عشرة أيام فقط.
تستعد الحركة الإسلامية الراديكالية للعودة إلى السلطة، بعد عشرين عامًا من الإطاحة بها من قبل تحالف قادته الولايات المتحدة بسبب رفضها تسليم زعيم القاعدة أسامة بن لادن في أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001. وفي غضون ذلك، يساعد الناتو في تأمين مطار كابول للسماح بإجلاء الرعايا الغربيين.
لكن بالنسبة لملايين الأفغان الذين بقوا في البلاد، فإن القلق واضح بشأن مستقبل بلدهم. فبينما أفغانستان شبيهة بدولة فاشلة، هل يمكن أن تؤدي عودة طالبان بالنتيجة إلى عودة الجماعات الجهادية؟ يكمن الخطر الرئيسي في زيادة قوة داعش، حسب تقديرات جورج لوفوفر، عالم الأنثروبولوجيا والباحث المشارك في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية، المتخصص في أفغانستان والمستشار السياسي السابق لبعثة الاتحاد الأوروبي في باكستان.
*في أي سياق يمكن أن نخشى انبعاثا عنيفا للجماعات الإرهابية في أفغانستان؟
- كرر مقاتلو الحركة أنه لن يكون هناك ابتزاز أو حتى عنف، ويتماشى هذا مع خطاب ألقاه سراج الدين حقاني، الرجل الثاني في حركة طالبان، والمعلم الروحي السابق للقاعدة. ففي رسالة بتاريخ 24 يونيو، وجهها إلى جميع المقاتلين، طلب منهم تجنب الوحشية واحترام السكان -حتى لو كانت هناك أماكن اتسمت بالعنف والانتقام. لذا فإن السؤال هو: هل ستتجاوز القواعد القتالية حركة طالبان؟ لأنه إذا أحدثت طالبان فوضى في كابول، فيمكن أن تشعل بذلك الفتيل. وفي هذه الحالة يمكن إضافة كل التوابل إليها، بما في ذلك الجماعات الإرهابية من القاعدة وداعش. وهذا بالضبط ما يجب تفاديه.
* مع استلام طالبان السلطة، هل يمكن تصوّر أنّ هذا سيقوّي القاعدة؟
- الا إذا حدث انزلاق، لا مخاوف لي من ناحية القاعدة. لكي نفهم، يجب أن نعود إلى علاقات الهيمنة القائمة بين المنظمة الإرهابية الإسلامية التي تأسست عام 1987 وحركة طالبان. دعنا نعود إلى عام 2001: في ذلك الوقت، كانت لرجال القاعدة -بقيادة أسامة بن لادن -سلطة على حركة طالبان. وكانت هذه الأخيرة تحت نظام براسين يتشكل حينها من الملا عمر (أحد مؤسسي حركة طالبان) وبن لادن. لذلك يمكننا أن نرى تأثيرًا عربيًا قويًا للغاية. والدليل على أن القاعدة كانت تحتل مرتبة عالية في طالبان، هو رفض الحركة تسليم بن لادن إلى الأمريكيين بعد هجمات 11 سبتمبر.
اليوم، انقلب ميزان القوى. سراج الدين حقاني، وهو أيضًا نجل جلال الدين حقاني، أحد قادة الجهاد المناهضين للسوفيات، يدعم شبكات القاعدة التي تعمل في خدمته. وكان هذا الخضوع أكثر وضوحًا عام 2016، عندما تعهد زعيمها، أيمن الظواهري، بالولاء للملا هيبة الله أخوندزاده، المرشد الأعلى لطالبان. علاوة على ذلك، خلال المفاوضات، دفع الأمريكيون طالبان إلى عدم تشجيع الجماعات الإرهابية منها القاعدة. ويجب أن يكون مفهوماً أن طالبان تريد حكم أفغانستان ولا يريدون للقاعدة أن تفعل ما يحلو لها في البلاد.
*وبخصوص داعش، أي سيناريو يمكن أن نخافه؟
- في الوقت الحالي، يخشى الإيرانيون والروس شيئًا واحدًا فقط: عودة ظهور داعش في البلاد، أو بالأحرى الدولة الإسلامية -محافظة خراسان -التي أسسها المنشقون عن حركة طالبان عام 2015. ففي حين تخشى طهران من أن ينشط رجال داعش في الغرب، ليس بعيدًا عن الحدود الإيرانية، ترفض موسكو أن ترى الفرع الأفغاني لتنظيم داعش يزعزع استقرار أوزبكستان أو حتى طاجيكستان. ومع ذلك، وللوهلة الأولى، يمكن للمرء أن يقول إن مقاتلي داعش قد خسروا، لأن طالبان هزمتهم في السنوات الأخيرة، وانسحبوا حول مدينة جلال آباد -في شرق أفغانستان.
لكن رجال داعش عرفوا كيف يستعيدون حضورهم -رغم أنهم ليسوا أقوياء كما كانوا في السابق. ولمّا كن عددهم قليلًا جدًا بعد تولي أخون زاده رئاسة طالبان عام 2016، ويملكون القليل من الأسلحة، فقد أصبحوا سادة التفجير الانتحاري، سلاح الرجل الفقير، لكنهم كانوا فعالين بشكل رهيب في الميدان. في مايو 2020، كانوا وراء الهجوم على مستشفى التوليد “أطباء بلا حدود” في داشت بارشي في أفغانستان -مما أسفر عن مقتل حوالي 20 شخصًا. وفي يونيو هاجموا مدرسة للبنات في نفس الحي الشيعي. العواقب: ينتج عامل الدهشة والذهول تأثير العدسة المكبرة، ويعطي الانطباع بأن داعش أقوى من حقيقتها. في يوم آخر، تمكن تنظيم داعش من إطلاق صواريخ على القصر الرئاسي، في إشارة إلى بدء امتلاك أسلحة جديدة.
في المستقبل القريب، سيكون الخطر الرئيسي هو زيادة قوة داعش. إذا تحول الوضع إلى حرب أهلية، فإن داعش ستصنع “الفوضى”. وأستطيع أن أخبرك بتاريخ الخطر الحقيقي: سيكون عند الاحتفال الشيعي الشعبي الكبير بعاشوراء، والذي يفترض الابقاء عليه في كابول. في تلك اللحظة يمكن للمرء أن يخشى مذبحة حقيقية داخل المجتمع الشيعي. آمل أن تجد طالبان طريقة عمل لتجنب الأسوأ.
*في الختام، هل يمكن أن نتحدث عن “دولة فاشلة” عندما نتحدث عن أفغانستان؟
- إنها دولة دعّمها المجتمع الدولي منذ عشرين عامًا، والموارد التي سخّرت لأفغانستان كبيرة. في المجموع، تم ضخ 2 تريليون دولار في حرب استمرت عشرين عامًا. والنتيجة هي صفر، لأننا رجعنا إلى المربع الأول.
إن حركة طالبان في موقع قوة كما لم تكن من قبل. ومع كل الاحترام للرئيس أشرف غني، لم تتمكن الدولة من هيكلة نفسها. نسمع أحيانًا أن معنويات الجيش محبطة، ويحدث أحيانًا أن الجيش لا يملك حتى ذخيرة لأن الخدمات اللوجستية لا تعمل. إن الفساد في البلاد يجعل أن حركة الطالبان مقبولة بشكل أفضل في الريف. ولكل هذه الأسباب، فإن أفغانستان دولة فاشلة... لقد قضي الأمر.