بعد 33 عاما على اغتياله:

«تشي جيفارا الأفريقي»، ساعة الحقيقة تقترب...!

«تشي جيفارا الأفريقي»، ساعة الحقيقة تقترب...!

-- «هناك عناصر تورط بطريقة أو بأخرى شخصيات فرنسية، تصل إلى أعلى القمة»
-- تمهد لائحة الاتهام الموجهة إلى الرئيس السابق بليز كومباوري الطريق أمام المحاكمة التي طال انتظارها
-- رفع السرية عن جميع الوثائق التي أصدرتها  الإدارات الفرنسية في عهد نظام سنكارا وبعد اغتياله
-- معبود الشباب في بوركينا فاسو، وصورته بالقبعة الحمراء تحتل الجدران وسيارات الأجرة والقمصان


في وسط مدينة واغادوغو، يوجد مبنى مهجور يطارد سكان بوركينا فاسو. عليك عبور السياج وعبور غابة من أشجار النيم للعثور على هذا المكان الرسمي القديم بجدرانه المصفرّة بسبب الغبار والزمن.
تم وضع إكليل من الزهور أمام مقر مجلس الوفاق، وهو منظمة تعاون إقليمية... “مسرح الجريمة”، يهمس سيرج بايالا، السكرتير الدائم لنصب توماس سانكارا التذكاري. هنا، في 15 أكتوبر 1987، في قلب أحد الاجتماعات، قُتل الرئيس الثوري و12 من رفاقه برصاص فريق كوماندوس.

“قتلوا في البداية حراسه الشخصيين، هناك، تحت شجرة المانجو”، يروي الناشط الشاب، مشيرا إلى شجرة عجوز بالقرب من القاعة. عند سماع الطلقات، يبدو أن توماس سانكارا قال: “إنهم يريدونني انا!”، وخرج ويداه مرفوعتان في الهواء، أطلقوا عليه نيران رشاشاتهم، سقط على الأرض ووجهه في التراب”، يتابع سيرج بايالا. هناك، وسط الأعشاب، حيث حطام دبابات وصناديق ملفات قديمة، تظل واحدة من أكثر الصفحات غموضًا في تاريخ بوركينا فاسو.

الرئيس السابق بليز كومباوري متهم
  بعد مرور ثلاثة وثلاثين عامًا على اغتيال توماس سانكارا، قرر القضاء في بوركينا فاسو، الثلاثاء، 13 أبريل، توجيه الاتهام إلى الرئيس السابق بليز كومباوري، المنفي في كوت ديفوار، والذي حصل على جنسيته ولا يمكن تسليمه. متهم “بالتواطؤ في الاغتيال” و”تهديد أمن الدولة” و”إخفاء الجثث”، ستتم محاكمته غيابياً. الزعيم المزعوم لقوات الكوماندوس، هياسينت كافاندو، لا يزال مطلوباً، وبحسب مصدر مطلع، فإن المحاكمة ستعقد هذا الصيف.
   بالنسبة للعائلة، اقتربت نهاية الماراثون السياسي القضائي. ويقول فالنتين سانكارا، الشقيق الأصغر للرئيس السابق: “هذا يبعث على الارتياح».

   في ذلك الوقت، تم دفن جثته على عجل في مقبرة داغنون، في العاصمة. وتولى بليز كومباوري، رفيقه السابق في السلاح، السلطة خلال انقلاب عام 1987، واصفًا وفاة سلفه بـ “حادث”. وفي شهادة الوفاة، خلص الطبيب الشرعي إلى أن هناك “وفاة طبيعية».
   وكان لا بد من انتظار سقوط “بليز” في أكتوبر 2014، بعد انتفاضة شعبية، في نهاية سبعة وعشرين عامًا من الحكم، حتى يُستأنف التحقيق القضائي في ظل التحول الديمقراطي. عام 2015، تم استخراج رفات توماس سانكارا المفترضة من أجل فحص الحمض النووي في فرنسا، ثم في إسبانيا، دون نجاح، “بسبب مستوى تدهور الرفات”، وفقًا لأحد المحامين.

«ثوم سانك”، معبود الشباب
   في نهاية نفس العام، صدرت مذكرة توقيف دولية ضد الرئيس السابق كومباوري، الذي نفى دائمًا أي تورط في الاغتيال. بعد ذلك بعامين، وعد إيمانويل ماكرون، في زيارة لواغادوغو، برفع السرية عن “جميع الوثائق التي أصدرتها الإدارات الفرنسية في عهد نظام سنكارا وبعد اغتياله».
   تم إرسال دفعتين من الارشيف عام 2018 إلى القضاء في بوركينا فاسو. وتم تسليم المغلفات الثلاثة المختومة والأخيرة من وزارة الداخلية في 17 أبريل. وبحسب بينيفيندي سانكارا، عضو تجمّع محامي الأسرة، الذي يؤكد أن له حق الاطلاع على الملف، “هناك عناصر تورط بطريقة أو بأخرى شخصيات فرنسية، في أعلى القمة».

   شخصية مناهضة للإمبريالية ومدافعة عن تحرير الشعوب، “تشي جيفارا الأفريقي”، هو معبود الشباب في بوركينا فاسو، حرفيا “بلد الرجال المستقيمين”، كما غيّر اسم فولتا العليا عام 1984.
   يحتل وجه الكابتن بالقبعة الحمراء الجدران وسيارات الأجرة والقمصان. وفي الخارج، كرّمه مغني الراب الفرنسي نيكفو والإيفواريان ألفا بلوندي وتيكين جاه فاكولي بأغنية.

   قائد النضال من أجل الاكتفاء الذاتي الغذائي، وتحرير المرأة، أو حتى إلغاء الديون، “ثوم سانك”، الذي كان يمتطي سيارة R5، ويرتدي “فاسو دان فاني” -المعطف القطني المحلي -أصبح أسطورة. انه “يجسد النزاهة والمثالية والوطنية”، يلخص سيرج بايالا، القائد الطلابي السابق خلال مظاهرات عام 2014، والتي تم خلالها الهتاف باسم سنكارا.

   تراث في خطر، يقلق الشاب البوركيني، الذي ينظم جولات إرشادية إلى النصب التذكاري، حيث تم افتتاح تمثال عملاق للزعيم. ويلتقط مجموعات الطلاب خلال زيارتهم صورة بقبضاتهم مرفوعة أمام بطلهم. “نعلم أنه حارب من أجل أفريقيا، لكننا لم ندرسه في المدرسة”، يتحسّر الحسن سوندو، البالغ من العمر 22 عامًا. وحتى اليوم، لا يزال الرئيس السابق غائبًا عن الكتب المدرسية. بالنسبة لسيرج بايالا، “يبدو الأمر كما لو أنه اغتيل مرتين، لقد قتلنا ذاكرة سانكارا، وأعظم عدالة يمكننا تحقيقها له هي تدريس تاريخه».