رئيس الدولة ونائباه يهنئون المحتفلين بعيد الميلاد في دولة الإمارات والعالم
بفعل الدعاية الروسية
«فرنسا ارحلي!»، عبارة تتردد في أفريقيا...!
-- الحديث عن «المشاعر المعادية لفرنسا» هو تعبير ملطف يخفي الأسئلة الحقيقية
-- رغبة في السيادة، أحيتها الأزمات الدولية الأخيـرة، التي كشــفت عن تبعيــة القـــارة
أعلن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون أمس الأربعاء عن انتهاء عملية برخان الجارية في منطقة الساحل منذ 2014. ويأتي هذا القرار بعد تنامي العداء تجاه الوجود الفرنسي في أفريقيا... سمّ لم تجد له باريس حتى الآن الترياق.
تم إغلاق أبواب السفارة الفرنسية في بوركينا فاسو منذ انقلاب 30 سبتمبر -الثاني في تسعة أشهر؛ كما اسدلت القنصلية وجميع الدوائر الفرنسية الستار في انتظار أعمال التأمين.
وبين عشية وضحاها، تحولت خريطة “فاسو” إلى اللون الأحمر على موقع وزارة الخارجية الفرنسية. ووفق توصيات الدولة، فإن العاصمة واغادوغو هي الوحيدة التي لا تزال سالكة.
في “أرض الرجال الشرفاء”، أرض الثوري توماس سانكارا، أصبحت فرنسا الآن هدفًا. كل ما تطلّبه الأمر هو جملة واحدة، قالها عناصر القبعات الحمر على شاشة التلفزيون، لإشعال الفتيل. في مواجهة الكاميرا، في 30 سبتمبر، ادعى الانقلابيون أن الرئيس المخلوع “لجأ إلى القاعدة الفرنسية في كامبوينسين من أجل التخطيط لهجوم مضاد”. نفت السلطات الفرنسية هذه المعلومات على الفور... متأخر جدا.
خرج العشرات من المتظاهرين إلى الشوارع وهم يهتفون “لتسقط فرنسا!”؛ تعرضت السفارة للهجوم بقنابل المولوتوف، واحترق جهاز تأشيرات القنصلية، ونهب مركزان ثقافيان ... وطلب الإليزيه من الفرنسيين البقاء في منازلهم لعدة أيام.
بعد مالي، مركز المشاعر المعادية لفرنسا في الأشهر الأخيرة، يتم التعبير عن الغضب بشكل أكثر صراحة في إفريقيا الناطقة بالفرنسية. في مايو، وصلت الحمى إلى تشاد، حيث انتفض المتظاهرون ضد دعم باريس للمجلس العسكري الحاكم. في السنغال، يتم عرض السخط بأحرف كبيرة على جدران داكار: “فرنسا ارحلي”. هناك، تسببت أحداث مارس 2021 في حدوث صدمة. فعلى هامش المظاهرات المناهضة لاعتقال المعارض عثمان سونكو، تم نهب 24 محطة توتال، ونهب متاجر أوشان، وإحراق أكشاك شركة أورانج.
الروس يحصدون
بعد ستين عاما من الاستقلال، كانت الصحوة مؤلمة لفرنسا التي ترى، في “حديقتها الخلفية” السابقة، ازدهار عداء تجد صعوبة في الرد عليه. والسبب، ترى الحكومة متهما واحدًا فقط: “المعلومات المضللة” التي يقودها خصومها، وروسيا في الصدارة، في قلب استعادة كاملة للقارة منذ خمسة عشر عامًا. الطريقة، التي باتت معروفة الآن، تقوم على قصف منتظم لفرنسا على الشبكات الاجتماعية، وعمل جيش من المتصيدين بتمويل من الأوليغارش الروسي يفغيني بريغوجين، رئيس مرتزقة فاغنر، المنتشرون في جمهورية أفريقيا الوسطى ومالي.
تستند الدعاية الروسية إلى سديم من الجمعيات ووسائل الإعلام المحلية، وعلى عدد قليل من نشطاء “الوحدة الإفريقية”، مثل ناتالي يام، الناشطة السويسرية الكاميرونية الملقبة بـ “سيدة سوتشي” بسبب ولائها اللامحدود للكرملين.
ويتم تداول تلك الدعاية أخيرًا من قبل سياسيين، دعاة شعبوية جديدة معادية لفرنسا، والتي تغري. ويشهد على ذلك الاستقبال الحماسي الذي لقيه رئيس وزراء مالي لدى عودته من نيويورك بعد خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، متهماً فرنسا بالتواطؤ مع الإرهابيين. غير معروف تقريبًا على الساحة السياسية في مالي قبل بضعة أشهر، حظي العقيد عبد الله مايغا بلحظة مجد في 27 سبتمبر، وقد رافقته الجموع المبتهجة من المطار إلى شارع الاستقلال في باماكو. في حرب السرديات هذه، كان رد فعل فرنسا متأخرًا. وشكلت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة هذا الصيف خلية مخصصة لمحاربة “الهجمات الإعلامية” بهدف الكشف عن هذه المناورات والإعلان عنها، غير ان الأمر يتطلب المزيد لتغيير المد لأنه إذا وجد التضليل الروسي مثل هذا الصدى في إفريقيا، فذلك لأنه يوظف شكاوى حقيقية ضد المستعمر السابق.
«إذا جلست فرنسا على طاولة الفائزين عام 1945، فإنها تدين بذلك على وجه الخصوص بعملية الانزال في بروفانس، حيث كان هناك عدد أكبر من مامادو وعبدو (مقاتلون أفارقة) من ميشيل، يذكّر ضابط سابق، خبير في القارة، ان أحفادهم يطالبون بمزيد من الاعتراف، وعندما يكابدون ويعانون من اجل الحصول على تأشيرة، لا محالة، يثير هذا موجة استياء ... “. ويضاف إلى هذه الإحباطات، رفض وجود عسكري فرنسي نتائجه غير مقنعة في منطقة الساحل، وعدم فهم تحالفات باريس مع أنظمة سلطوية.
تعطش للسيادة
إن “الحديث عن ‘المشاعر المعادية لفرنسا’ هو تعبير ملطف يخفي الأسئلة الحقيقية، أسرّ لنا المؤرخ الكاميروني أشيل مبيمبي قبل بضعة أشهر، والذي يرافق إيمانويل ماكرون منذ عام 2021 في التفكير في إعادة تأسيس العلاقة بين إفريقيا وفرنسا، أكثر من مجرد شعور، إنها معارضة بالحجج لأشكال التدخل العسكري أو الاقتصادي لفرنسا في إفريقيا. ومن الخطأ إغفال هذا البعد السياسي أو إغراقه وراء المشاعر”. ومن الواضح أن تحليله لم يقنع قمة الدولة بعد. “لا يوجد شعور معاد للفرنسيين، بل خطاب أقلية صاخبة تستخدمه قوى أجنبية”، صرح مؤخرًا مصدر رفيع المستوى في كاي دورسيه.
خلف الكواليس، لم يعد أولئك الأكثر دراية بالميدان يخفون وجوههم. ينظم مركز الأزمات “كواي” اجتماعات لتنبيه الفاعلين الاقتصاديين الموجودين في غرب إفريقيا. “طُلب منا أن نظل يقظين، وأن نحافظ على عدم لفت الأنظار، ونحاول أن نكون محليين، يشهد أحدهم.
جميع المؤسسات الفرنسية قلقة. يقول رجل اعمال كبير في بوركينا فاسو اشترط عدم الكشف عن هويته: “ذات صباح نزل نحو ثلاثين شخصًا ببنادق الكلاشينكوف في أحد مصانعنا في شرق البلاد (حيث تستعر الجماعات الإرهابية) وسألوا مباشرة عما إذا كانت الشركة فرنسية. تعليماتنا واضحة: نقول بشكل اوتوماتيكي إننا شركة بوركينية، علاوة على ذلك، فإن غالبية موظفينا هم من السكان المحليين».
وأكد إتيان جيروس، رئيس المجلس الفرنسي للمستثمرين في أفريقيا، أن “أفرقة الكوادر والمسؤولين في الشركات الفرنسية أصبح هدفًا رئيسيًا”. لكن الطريق لا يزال طويلا. “ما زلنا نرى مواقف شاذة، يشير رجل اعمال فرنسي يعيش في السنغال منذ عشرين عامًا. هنا، لا أحد يفهم لماذا 100 بالمائة من رأس مال الشركة التي تدير القطار الجديد تعود إلى شركة السكك الحديدية الوطنية الفرنسية! وبالمثل، بالنسبة لتوزيع مياه الشرب حيث تملك شركة سويز الفرنسية 45 بالمائة، وتحت ادارة فرنسية مسقطة من المقر الرئيسي، هذا وضع عسير الهضم على الإطلاق».
في كل مكان، تظهر الرغبة في السيادة، وقد أحياها وباء كوفيد-19 والحرب في أوكرانيا، حيث كشفا عن تبعية القارة، وتبرّر، في نظر غالبية القادة الأفارقة، عدم “الانحياز” لمعسكر ما.
-- رغبة في السيادة، أحيتها الأزمات الدولية الأخيـرة، التي كشــفت عن تبعيــة القـــارة
أعلن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون أمس الأربعاء عن انتهاء عملية برخان الجارية في منطقة الساحل منذ 2014. ويأتي هذا القرار بعد تنامي العداء تجاه الوجود الفرنسي في أفريقيا... سمّ لم تجد له باريس حتى الآن الترياق.
تم إغلاق أبواب السفارة الفرنسية في بوركينا فاسو منذ انقلاب 30 سبتمبر -الثاني في تسعة أشهر؛ كما اسدلت القنصلية وجميع الدوائر الفرنسية الستار في انتظار أعمال التأمين.
وبين عشية وضحاها، تحولت خريطة “فاسو” إلى اللون الأحمر على موقع وزارة الخارجية الفرنسية. ووفق توصيات الدولة، فإن العاصمة واغادوغو هي الوحيدة التي لا تزال سالكة.
في “أرض الرجال الشرفاء”، أرض الثوري توماس سانكارا، أصبحت فرنسا الآن هدفًا. كل ما تطلّبه الأمر هو جملة واحدة، قالها عناصر القبعات الحمر على شاشة التلفزيون، لإشعال الفتيل. في مواجهة الكاميرا، في 30 سبتمبر، ادعى الانقلابيون أن الرئيس المخلوع “لجأ إلى القاعدة الفرنسية في كامبوينسين من أجل التخطيط لهجوم مضاد”. نفت السلطات الفرنسية هذه المعلومات على الفور... متأخر جدا.
خرج العشرات من المتظاهرين إلى الشوارع وهم يهتفون “لتسقط فرنسا!”؛ تعرضت السفارة للهجوم بقنابل المولوتوف، واحترق جهاز تأشيرات القنصلية، ونهب مركزان ثقافيان ... وطلب الإليزيه من الفرنسيين البقاء في منازلهم لعدة أيام.
بعد مالي، مركز المشاعر المعادية لفرنسا في الأشهر الأخيرة، يتم التعبير عن الغضب بشكل أكثر صراحة في إفريقيا الناطقة بالفرنسية. في مايو، وصلت الحمى إلى تشاد، حيث انتفض المتظاهرون ضد دعم باريس للمجلس العسكري الحاكم. في السنغال، يتم عرض السخط بأحرف كبيرة على جدران داكار: “فرنسا ارحلي”. هناك، تسببت أحداث مارس 2021 في حدوث صدمة. فعلى هامش المظاهرات المناهضة لاعتقال المعارض عثمان سونكو، تم نهب 24 محطة توتال، ونهب متاجر أوشان، وإحراق أكشاك شركة أورانج.
الروس يحصدون
بعد ستين عاما من الاستقلال، كانت الصحوة مؤلمة لفرنسا التي ترى، في “حديقتها الخلفية” السابقة، ازدهار عداء تجد صعوبة في الرد عليه. والسبب، ترى الحكومة متهما واحدًا فقط: “المعلومات المضللة” التي يقودها خصومها، وروسيا في الصدارة، في قلب استعادة كاملة للقارة منذ خمسة عشر عامًا. الطريقة، التي باتت معروفة الآن، تقوم على قصف منتظم لفرنسا على الشبكات الاجتماعية، وعمل جيش من المتصيدين بتمويل من الأوليغارش الروسي يفغيني بريغوجين، رئيس مرتزقة فاغنر، المنتشرون في جمهورية أفريقيا الوسطى ومالي.
تستند الدعاية الروسية إلى سديم من الجمعيات ووسائل الإعلام المحلية، وعلى عدد قليل من نشطاء “الوحدة الإفريقية”، مثل ناتالي يام، الناشطة السويسرية الكاميرونية الملقبة بـ “سيدة سوتشي” بسبب ولائها اللامحدود للكرملين.
ويتم تداول تلك الدعاية أخيرًا من قبل سياسيين، دعاة شعبوية جديدة معادية لفرنسا، والتي تغري. ويشهد على ذلك الاستقبال الحماسي الذي لقيه رئيس وزراء مالي لدى عودته من نيويورك بعد خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، متهماً فرنسا بالتواطؤ مع الإرهابيين. غير معروف تقريبًا على الساحة السياسية في مالي قبل بضعة أشهر، حظي العقيد عبد الله مايغا بلحظة مجد في 27 سبتمبر، وقد رافقته الجموع المبتهجة من المطار إلى شارع الاستقلال في باماكو. في حرب السرديات هذه، كان رد فعل فرنسا متأخرًا. وشكلت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة هذا الصيف خلية مخصصة لمحاربة “الهجمات الإعلامية” بهدف الكشف عن هذه المناورات والإعلان عنها، غير ان الأمر يتطلب المزيد لتغيير المد لأنه إذا وجد التضليل الروسي مثل هذا الصدى في إفريقيا، فذلك لأنه يوظف شكاوى حقيقية ضد المستعمر السابق.
«إذا جلست فرنسا على طاولة الفائزين عام 1945، فإنها تدين بذلك على وجه الخصوص بعملية الانزال في بروفانس، حيث كان هناك عدد أكبر من مامادو وعبدو (مقاتلون أفارقة) من ميشيل، يذكّر ضابط سابق، خبير في القارة، ان أحفادهم يطالبون بمزيد من الاعتراف، وعندما يكابدون ويعانون من اجل الحصول على تأشيرة، لا محالة، يثير هذا موجة استياء ... “. ويضاف إلى هذه الإحباطات، رفض وجود عسكري فرنسي نتائجه غير مقنعة في منطقة الساحل، وعدم فهم تحالفات باريس مع أنظمة سلطوية.
تعطش للسيادة
إن “الحديث عن ‘المشاعر المعادية لفرنسا’ هو تعبير ملطف يخفي الأسئلة الحقيقية، أسرّ لنا المؤرخ الكاميروني أشيل مبيمبي قبل بضعة أشهر، والذي يرافق إيمانويل ماكرون منذ عام 2021 في التفكير في إعادة تأسيس العلاقة بين إفريقيا وفرنسا، أكثر من مجرد شعور، إنها معارضة بالحجج لأشكال التدخل العسكري أو الاقتصادي لفرنسا في إفريقيا. ومن الخطأ إغفال هذا البعد السياسي أو إغراقه وراء المشاعر”. ومن الواضح أن تحليله لم يقنع قمة الدولة بعد. “لا يوجد شعور معاد للفرنسيين، بل خطاب أقلية صاخبة تستخدمه قوى أجنبية”، صرح مؤخرًا مصدر رفيع المستوى في كاي دورسيه.
خلف الكواليس، لم يعد أولئك الأكثر دراية بالميدان يخفون وجوههم. ينظم مركز الأزمات “كواي” اجتماعات لتنبيه الفاعلين الاقتصاديين الموجودين في غرب إفريقيا. “طُلب منا أن نظل يقظين، وأن نحافظ على عدم لفت الأنظار، ونحاول أن نكون محليين، يشهد أحدهم.
جميع المؤسسات الفرنسية قلقة. يقول رجل اعمال كبير في بوركينا فاسو اشترط عدم الكشف عن هويته: “ذات صباح نزل نحو ثلاثين شخصًا ببنادق الكلاشينكوف في أحد مصانعنا في شرق البلاد (حيث تستعر الجماعات الإرهابية) وسألوا مباشرة عما إذا كانت الشركة فرنسية. تعليماتنا واضحة: نقول بشكل اوتوماتيكي إننا شركة بوركينية، علاوة على ذلك، فإن غالبية موظفينا هم من السكان المحليين».
وأكد إتيان جيروس، رئيس المجلس الفرنسي للمستثمرين في أفريقيا، أن “أفرقة الكوادر والمسؤولين في الشركات الفرنسية أصبح هدفًا رئيسيًا”. لكن الطريق لا يزال طويلا. “ما زلنا نرى مواقف شاذة، يشير رجل اعمال فرنسي يعيش في السنغال منذ عشرين عامًا. هنا، لا أحد يفهم لماذا 100 بالمائة من رأس مال الشركة التي تدير القطار الجديد تعود إلى شركة السكك الحديدية الوطنية الفرنسية! وبالمثل، بالنسبة لتوزيع مياه الشرب حيث تملك شركة سويز الفرنسية 45 بالمائة، وتحت ادارة فرنسية مسقطة من المقر الرئيسي، هذا وضع عسير الهضم على الإطلاق».
في كل مكان، تظهر الرغبة في السيادة، وقد أحياها وباء كوفيد-19 والحرب في أوكرانيا، حيث كشفا عن تبعية القارة، وتبرّر، في نظر غالبية القادة الأفارقة، عدم “الانحياز” لمعسكر ما.