بعد التحول في مكافحة الفيروس من سياسة صارمة إلى اللا مبالاة

«وول ستريت جورنال: بسبب نهج الصين.. كورونا قد يفتك بالعالم من جديد

«وول ستريت جورنال: بسبب نهج الصين.. كورونا قد يفتك بالعالم من جديد


حذر الدكتور في جامعة بنسلفانيا حزقيال إيمانويل من عودة انتشار فيروس كورونا بطريقة سريعة وواسعة، بعد قرارات الصين الأخيرة التي انتقلت من سياسة “صفر كوفيد” إلى مناعة القطيع، مع تسجيلها آلاف الحالات اليومية، مشيراً إلى أن خبراء صينيون تنبؤوا بحدوث موجة قوية من الإصابات قد تجتاح العالم بأكمله.
وقال الطبيب والمحلل في تقرير بصحيفة “وول ستريت جورنال”، إن الصين وضعت العالم بأكمله في خطر بسبب استجابتها البطيئة بعد ظهور الفيروس في مدينة ووهان، فانتشر في العالم وتسبب بملايين الإصابات والوفيات، وانهيار الاقتصاد الدولي والكثير من التداعيات التي لا تزال تدفع ثمنها الدول حتى اليوم، مشيراً إلى أن بكين قد تعيد الكرّة مرة أخرى.
وأضاف الطبيب أن نهج بكين الحالي تجاه (كوفيد -19) يخلق مخاطر جديدة مشابهة في الصين وخارجها، بعد أن قام الرئيس الصيني شي جين بينغ بشكل مفاجئ بتحويل مسار البلاد في مكافحة الفيروس من سياسة صارمة وقاسية إلى سياسة اللا مبالاة.

تسونامي كورونا
ونقل الطبيب عن خبراء وأطباء صينيون تنبؤهم بحدوث تسونامي كوفيد، بمئات الملايين من الحالات، ما سيجعل الصين بؤرة للمرة الثانية لمتغيرات جديدة للفيروس الذي سينتشر حتماً على مستوى العالم.
ويشرح الطبيب أنه “في وقت مبكر من الوباء، بدا أن الصين تحتوي الفيروس، حيث وزعت أقنعة واختبارات على الصعيدين المحلي والعالمي وطورت لقاحا تقاسمته مع بلدان أخرى، وسمحت هذه الإنجازات لبكين بتصوير نفسها باعتبارها رائدة في مجال الصحة العامة على مستوى العالم، وخاصة مقارنة بالاستجابة المبكرة المتصدعة من قِبَل العديد من البلدان الغربية.
ولكن بكين تخلفت كثيراً عن الركب بسبب ارتكاب 3 أخطاء بالغة الأهمية، يسردها إيمانويل كالتالي:

1- استراتيجية انعدام كورونا
كلما تم الكشف عن حالات جديدة بكورونا، تبدأ السلطات الصينية بالعمل على أنظمة التتبع الإلكتروني في كل مكان، والاختبارات الإلزامية وحالات الإغلاق الشديد في الأحياء والمدن وحتى في مناطق بأكملها، وعلى الرغم من أن هذه الاستراتيجية “المتطرفة” أدت إلى احتواء الإصابات بشكل بطيء، إلا أنها جاءت بتكلفة باهظة.
ومن المتوقع أن يكون النمو الاقتصادي، الذي بلغ في المتوسط ما يقرب من 8% في العقد السابق للوباء، نحو 3% فقط في عام 2022، كما تبلغ نسبة البطالة بين الشباب أكثر من 20%، بينما يحاول الأثرياء الفرار، بينما تبحث الشركات الأجنبية عن مراكز تصنيع بديلة بسبب عدم مصداقية البلاد، حيث أثمرت عمليات الإغلاق ما زرعته من بذور عداء شعبي عميق وغير مسبوق للحكومة.
2- فشل اللقاح في الصين
وتبنت الصين نهجاً محافظاً، فلحقت لقاحات الفيروسات التقليدية غير النشطة بدلاً من اللقاحات الجديدة مثل لقاح فايزر ولقاحات RNA الحديثة.
وفي وقت مبكر، سخر العلماء الصينيون من جهود الحمض النووي الريبوزي، حيث وفرت الصين لقاحاتها المحلية لما يقرب من 70 دولة من أجل تعزيز صورتها كرائدة في مجال الصحة العالمية، إلا أنه حتى المسؤولين الصينيين سرعان ما اعترفوا بأن هذه اللقاحات كانت توفر حماية أقل كثيراً من الحقن التي تعتمدها شركات الأدوية الأخرى مثل فايزر ومودرنا وبيونتك وغيرها.
وعلى الرغم من ذلك، أصر الرئيس الصيني على رفض شراء لقاحات فايزر أو مودرنا، وبدلاً من ذلك، حاول الباحثون الصينيون تطوير لقاح الحمض النووي الريبي الرسول (mRNA) الخاص بهم، ولكن من دون نجاح يذكر، إذ حلت الكبرياء الوطنية محل الصحة العامة، فعرضت للخطر الملايين من الشعب الصيني.

3- ترك الفيروس
 يجتاح الملايين
وتحول الرئيس الصيني خلال الأيام القليلة الماضية 180 درجة في نهجه لمكافحة الفيروس، وخفف تقريباً جميع القيود، لكن هذه السياسة الجديدة تلعب دوراً كبيراً في انتشار الفيروس بشكل كبير اليوم في الصين، وما يثير القلق هو أنه كان من الممكن أن تتم مثل هذه القرارات بمسؤولية.
وهذا يشتمل بين أمور أخرى، على شراء لقاحات فايزر ومودنا ثنائية التكافؤ وإعطائها لكبار السن وغيرهم من الأشخاص المعرضين لخطر الإصابة، وشراء باكسلوفيد ومولنوبيرافير لعلاج الذين كانت نتيجة فحصهم إيجابية.
وعلى الرغم من أن بمقدور الصين إنشاء برنامج صارم لاختبار مياه الصرف الصحي من أجل تحديد المتغيرات المحتملة لـ(سارس -2) في أقرب وقت ممكن، والالتزام بتبادل البيانات مع العالم، إلا أنها قررت مكافحة كورونا بشكل سريع وبطريقة متهورة.

مخاوف عالمية
إن مرض كورونا ينتشر كالنار في الهشيم بين السكان الذين لا يتمتعون بالمناعة الكافية، إذ يقيس علماء الأوبئة العدوى بمتغير يسمى R متوسط عدد الأشخاص الذين ينشر لهم مريض مصاب أحد مسببات الأمراض.
وفي وقت مبكر، كان R لمرض SARS-COV-2 2 نحو 3، لكن متغير أوميكرون الشرس الذي انتشر في الشتاء الماضي، صعد بـR إلى 10 في الولايات المتحدة، واليوم أعلن مسؤولو الصحة الصينيون عن R 16، بحسب التقرير.
وذكرت وكالة الأنباء الوطنية الصينية، أن المراكز الصينية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها تقدر أن 800 مليون شخص في الصين، أي ما يقرب من 10% من سكان العالم قد يصابون بكوفيد في الـ90 يوماً المقبلة، ما سيطغى على المستشفيات ويمكن أن يتسبب بمليون حالة وفاة.

7 ملايين وفاة
وخلال السنوات الثلاث الماضية، يقول إيمانويل: “كان هناك أكثر من 650 مليون حالة إصابة مؤكدة بكوفيد في جميع أنحاء العالم، وحددت سلطات الصحة العامة 6 مؤشرات مثيرة للقلق زادت من قابلية الانتقال، ورفعت من شدة المرض، وقلّلت من الأجسام المضادة المُحيِّدة، أو خفضت فعالية العلاجات واللقاحات الموجودة، من بينها المتغيرات الجديدة مثل متغير ألفا».
وإجمالاً، كان هناك ما يقرب من 7 ملايين حالة وفاة مؤكدة لمرضى مصابين بكوفيد، إلى جانب ملايين الوفيات الزائدة من أمراض أخرى نتيجة لتحويل الموارد الطبية، وحالات الإغلاق وغيرها من الآثار غير المباشرة للوباء.
ويرى إيمانويل أن إصابة 800 مليون شخص في الصين سيزيد من احتمال ظهور متغيرات جديدة خطيرة، وما يزيد الطين بلة أن العام الصيني الجديد سيكون في 22 يناير-كانون الثاني المقبل، حيث يسافر مئات الملايين من الصينيين ويجتمعون للاحتفال في بلدان أخرى.
وقبل 3 أعوام، ربما بدت السلطة الهائلة التي تتمتع بها الدولة الصينية لفرض الضوابط على السكان وكأنها ميزة في التعامل مع الوباء، أما الآن فقد فرض الرئيس الصيني “سياسة كارثية” تلو الأخرى من القمة إلى القاعدة، فوضع الصين في وضع غير مؤات وتعرض العالم لخطر مستمر.