رئيس الدولة ونائباه يهنئون المحتفلين بعيد الميلاد في دولة الإمارات والعالم
مع تطور الحرب قد تتغير تقييمات صناع القرار الروسي
آخر حلفاء بوتين.. هل يمكنه إنقاذه من «وحول» أوكرانيا؟
لفت الزميل الزائر في “المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية” بافل سلانكن إلى مجموعة مؤشرات عسكرية في بيلاروسيا تشغل بال المراقبين في الآونة الأخيرة لما يمكن أن تعنيه من انخراط لمينسك إلى جانب موسكو في الحرب الأوكرانية. وقد يقررون أن أكلاف عدم إرسال القوات البيلاروسية إلى أوكرانيا تفوق أكلاف إرسالها يتجه الجيش الروسي مجدداً إلى بيلاروسيا ويقود الرئيس ألكسندر لوكاشينكو تعبئة سرية مركزة وحملة دعائية جديدة.
يتلقى أعضاء سابقون من الجيش وضباط متقاعدون من الشرطة استدعاءات. ويتم تدريب الأطباء العسكريين بينما تلقى بعض المدنيين رسائل عن أنهم سيشاركون في التعبئة خلال الموجة الأولى إذا دعت الحاجة إلى ذلك. ويزور رئيس كاي جي بي البيلاروسي وموالون مأجورون آخرون شركات مملوكة من الدولة لنشر خبر عن “هجوم وشيك” ضد بيلاروسيا من أوكرانيا.
وفي إحاطة خاصة للملحقين العسكريين الأجانب، حددت وزارة الدفاع البيلاروسية حقها في استخدام “إجراءات ردع استراتيجي لمنع هجوم”. باختصار، يبدو كل ذلك مثيراً للريبة بشكل كبير وقد أطلق مخاوف متجددة من أن قوات لوكاشينكو على وشك الانضمام إلى الغزو الروسي.
دوافع أخرى
وينقل “المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية” عن سلانكن إشارته إلى احتمال وجود دوافع أخرى خلف هذه الفورة من النشاط. على سبيل المثال، وعبر أخذ إحاطة وزارة الدفاع البيلاروسية بحرفيتها، قد يخشى لوكاشينكو فعلاً من أن تكون القوات الأوكرانية على وشك شن هجوم على الأراضي البيلاروسية. في نهاية المطاف، سيكون لديها سبب وجيه لفعل ذلك: هاجمت روسيا كييف انطلاقاً من بيلاروسيا في فبراير (شباط)؛ وتتعرض المدن الأوكرانية للقصف المتكرر من الأراضي البيلاروسية؛ وبإمكان القوات البيلاروسية اجتياح غربي أوكرانيا قاطعة خطوط إمداد الأسلحة. حسب الكاتب، من الواضح أن هذا لا أساس له من وجهة نظر غربية. لكن يصعب تقييم درجة بقاء الحاكم البيلاروسي لاعباً عقلانياً ويصعب أكثر قياس طرق اختلاف تصوراته عن الواقع، بالمقارنة مع تصورات الغرب عنه. قد يكون لوكاشينكو مختبئاً خلف القوات الروسية والتهديد بالانضمام إليها في أوكرانيا كمحاولة لإخافة هذا الخطر المتخيل.
قدرات الجيش البيلاروسي
ثمة تفسير أكثر سينيكية وفق الكاتب. من المحتمل أن يدرك لوكاشينكو أنه لو خسرت روسيا الحرب فمن المرجح ألا ينجو نظامه، لذلك هو يحتاج إلى مساعدة موسكو بالفوز مهما كان الثمن. لكن الجيش البيلاروسي لا يملك القدرة على قلب مجرى الحرب لصالح روسيا. أولاً، إنه جيش صغير بحيث لا يتجاوز الجزء الأكثر استعداداً للقتال 15 ألف جندي. أما الباقون فهم على نفس الدرجة من الفاعلية للمجموعة الفوضوية الجديدة من المجندين الروس.
علاوة على ذلك، إن القوات الأوكرانية الآن أفضل استعداداً بكثير لهجوم من الشمال: لقد قامت بتلغيم الطرق والحقول على الحدوج مع بيلاروسيا ودمرت الجسور ذات الصلة، كما أن الأسلحة الغربية الحديثة مثل منظومات هيمارس يمكن أن تمنع القوات البيلاروسية من اجتياز الحدود حتى.
عائق آخر
يعارض المجتمع البيلاروسي بأغلبية ساحقة (أكثر من 90%) مشاركة البلاد في الحرب. بالتالي، يمكن أن يثير إرسال البيلاروس إلى الحرب موجة خطيرة من الاستياء داخل البلاد، حتى أكثر من الاستياء الذي أثارته التعبئة في روسيا. من المرجح أن تستخدم القوى الديموقراطية البيلاروسية التي تعيش في المنفى من أجل إطاحة نظام لوكاشينكو.
إن مسار التحرك هذا سيكون بالتالي خطراً للغاية – بالنسبة إلى لوكاشينكو على الأغلب، لكن أيضاً بالنسبة إلى بوتين الذي قد يخسر حليفه الأوروبي الوحيد. في الوقت الحالي، يرى الباحث أن تكون القاعدة الآمنة والموثوقة للجيش الروسي في بيلاروسيا أكثر قيمة من جبهة ثانية لا يمكن التنبؤ بنتائجها في أوكرانيا.
المراقبة عن كثب ضرورية
مع ذلك، يشير سلانكن إلى أنه ومع تطور الحرب، قد تتغير تقييمات صناع القرار الروس والبيلاروس للأوضاع على الأرض، أكان بطريقة عقلانية أم لا. وقد يقررون أن أكلاف عدم إرسال القوات البيلاروسية إلى أوكرانيا تفوق أكلاف إرسالها. لذلك، ولتجنب المزيد من التحليل النفسي، سيكون من الضروري مراقبة تغييرات ملموسة في النشاطات العسكرية داخل بيلاروسيا عن كثب.
يقترح سلانكن على أوكرانيا وحلفائها أن يتتبعوا أعداد القوات الروسية ومعداتها التي تصل إلى البلاد. من دون عشرات الآلاف من الجنود الروس، سيفشل أي هجوم جديد على كييف بصرف النظر عما إذا كان الجيش البيلاروسي سيشارك أم لا. لغاية اليوم، ما من إشارات لا لبس فيها إلى اعتداء وشيك، بالنظر إلى كون أعداد الجنـــــود الـــــروس والمعدات الواصلة إلى بيلاروسيا صغيرة نسبياً.
علاوة على ذلك، أرسل الجيش البيلاروسي دبابات من بيلاروسيا إلى روسيا في إشارة إلى حدة نقص التجهيزات العسكرية في موسكو. من المحتمل أن يكون الجنود الذين وصلوا إلى بيلاروسيا مجرد مجندين روس أرسلوا إلى هناك للتدريب وفق تقرير إعلامي بيلاروسي.
الجاهزية أساسية
قد يؤدي التصعيد الموجه إلى جر بيلاروسيا نحو الحرب. لكن مشاركتها المباشرة لن تغير بشكل درامي التوازن العسكري في أوكرانيا، لكن لديها إمكانية زعزعة استقرار المنطقة أكثر وحتى إشعال تمرد آخر ضد لوكاشنكو. يتطلب كلا الســـــيناريوهين جاهزيـة كاملة من الاتحاد الأوروبــــي وحلف شمال الأطلسي بشكل أسرع وأكثر تصميماً مما فعلاه خلال شبه الثورة البيلاروسية سنة 2020.