أخيراً .. أوروبا تستفيق على حقيقة النظام الإيراني

أخيراً .. أوروبا تستفيق على حقيقة النظام الإيراني


ذكر نائب رئيس المجلس الأمريكي للسياسة الخارجية ومقره واشنطن إيلان بيرمان أن المسؤولين الأوروبيين كانوا، وطوال عقود من الزمن، أكثر مؤيدي الانخراط مع النظام الإيراني حماسة، إذ اعتقدوا أن التجارة والديبلوماسية ستساعدان في تخفيف سلوك طهران المارق.
 على مدى السنوات القليلة الماضية، اتخذ هذا الأمر شكل المناصرة المحمومة لإعادة إحياء اتفاق 2015 النووي، وهي أولوية سياسية تتشاركها معهم إدارة بايدن. مع ذلك، شهدت الأيام الأخيرة نوعاً من الانعطافة في بروكسل، حيث يبدو أن المواقف تجاه إيران تتشدد وسط إدراك متزايد لسياسات إيران الشديدة الإشكالية في الداخل والخارج.

غليان
كتب بيرمان في مجلة “نيوزويك” أن أحد أسباب هذا التحول السياسي هو الغليان الحاصل داخل إيران.
 منذ اندلاعها أواسط سبتمبر (أيلول) رداً على مقتل شابة على أيدي أجهزة النظام الأمنية، انتشرت تظاهرات مناهضة للحجاب على امتداد البلاد بالرغم من رد عنيف تمارسه الدولة بشكل متزايد وقد خلف عشرات القتلى ومئات المسجونين. ألهبت هذه الدينامية مخيلة صناع القرار في الغرب حيال إمكانية حدوث تغيير جوهري في طهران، ويقوم المسؤولون الأوروبيون بتعبئة العقوبات ضد قادة النظام المسؤولين عن حملة القمع كطريقة لإظهار التضامن.
أضاف بيرمان أن ما هو أكثر مركزية بالنسبة إلى الحسابات الأوروبية تورط إيران المتزايد في أوكرانيا. خلال الأسابيع الأخيرة، هب النظام الإيراني لنجدة الكرملين وساعد في دعم الجهود الحربية المتعثرة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين. على سبيل المثال، وفرت طهران معدات عسكرية كالخوذ والسترات الواقية من الرصاص لتجهيز الجنود الروس الذين يتم إرسالهم إلى الخطوط الأمامية. بشكل أهم، أرسلت طهران شحنات عدة من المسيرات الإيرانية الصنع إلى الجيش الروسي ونشرت مدربين عسكريين في القرم لمساعدة الروس على تشغيلها بطريقة مناسبة.

تجاوز نقطة اللاعودة
تستخدم موسكو مساعدة إيران لغايات شائنة مثل الاستهداف العمدي للمدنيين والبنية التحتية المدنية في أوكرانيا وهذا ما أكده الناطق باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي. في غضون ذلك، دخل النظام الإيراني النزاع الأوروبي الأكثر تأثيراً خلال ما يزيد على نصف قرن، وقد لاحظ المسؤولون ذلك. عقب تدخل النظام الإيراني في الشؤون الأوروبية، أدرك مسؤولون مثل قيصر السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أنهم عوملوا كحمقى.
بدأ الرأي في أوروبا يمقت فكرة إعادة الانخراط مع إيران. نجم عن ذلك رسالة واضحة: إن النظام الإيراني الذي لطالما تصرف بدون خوف من أي عواقب أوروبية ذات معنى ربما تجاوز أخيراً نقطة اللاعودة.

أمريكا... بين الكلام والفعل
يرى بيرمان أنه من الناحية الخطابية على الأقل، تبدو إدارة بايدن على الصفحة نفسها. أعلن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أنه في ضوء الاضطرابات الإيرانية الداخلية ودورها المساعد في حرب روسيا، ما من “آفاق قريبة المدى” لاتفاق نووي جديد مع طهران. وقال الموفد الأمريكي الخاص للشأن الإيراني روبرت مالي إن البيت الأبيض يعد لـ”مجموعة من العقوبات الجديدة” رداً على قمـــــع إيـــــران للمعارضة الداخلية.
 لكن في السر، يقول المطلعون في واشنطن إن عروض البيت الأبيض للانخراط مع إيران والتي تنطوي على رفع لعقوبات كثيرة عنها مقابل نوع من أنواع التسوية النووية لا تزال حاضرة بقوة على الطاولة.
بعبارة أخرى، تابع بيرمان، إن الأوروبيين الذين كانوا مثاليين ذات يوم يبدو أنهم يتجهون نحو نظرة أكثر براغماتية ورصانة بالمقارنة مع تلك السائدة في واشنطن. هذا لأن المسؤولين على الضفة الأخرى من المحيط الأطلسي يدركون ما لم يدركه بعد نظراؤهم الأمريكيون:
 لقد اختار النظام الإيراني حليفه اليوم في أكثر نزاع دولي تأثيراً وقد رمى بثقله بشكل مباشر خلف الحرب الروسية ضد الغرب.