بايدن وترامب ملاكمان يعودان إلى الحلبة

أربعة عوامل تجعل انتخابات 2024 حرب خنادق

أربعة عوامل تجعل انتخابات 2024 حرب خنادق

قارن الكاتب في مجلة “أتلانتيك” رونالد براونستين بين الظرفين السياسيين اللذين يختبرهما كل من الرئيس الحالي جو بايدن وسلفه دونالد ترامب.
منذ أبريل (نيسان)، تم توجيه الاتهام إلى ترامب أربع مرات، في 91 تهمة جنائية منفصلة، مقارنة بصفر تهم لجميع أسلافه في البيت الأبيض. على النقيض من ذلك، كان بايدن يستمتع بالأخبار الجيدة في الغالب. خلال الأشهر الأخيرة، تراجع معدل التضخم إلى حد كبير وظل نمو الوظائف ثابتاً وانتعشت سوق الأوراق المالية بسرعة.
 
اعتراف مرير
يقوم بايدن كل أسبوع تقريباً بقص شريط لمشروع طموح في البنية التحتية أو لمحطة جديدة للطاقة النظيفة. والفوضى المتوقعة على الحدود الجنوبية حين أنهى بايدن سياسة ترامب لمواجهة كوفيد لم تتحقق قط، بينما معدلات الجريمة آخذة بالانخفاض في العديد من المدن الكبرى. ومع ذلك، تظهر استطلاعات الرأي الوطنية وكذلك الدراسات الاستقصائية في الولايات المتأرجحة الرئيسية، وبشكل مستمر، أن بايدن وترامب يتنافسان بشدة عندما يُسأل الناخبون عن عودة المنافسة المحتملة بينهما سنة 2024.«إنها حقيقة محزنة أن يكون السباق متقارباً إلى هذا الحد بالنظر إلى موقف ترامب، لكنه كذلك” كما يقول الخبير الديمقراطي في استطلاعات الرأي أندرو بومان. ويضيف “أعتقد أنه من الواضح جداً أن ترامب يمكنه الفوز في هذا السباق إذا جرت الانتخابات غداً».
 
هكذا ستكون... لعشرين عاماً
يتفق الناشطون السياسيون والعلماء على سبب رئيسي واحد وراء بقاء بايدن وترامب متقاربين بشكل وثيق في منافسة العودة المحتملة: في عصرنا السياسي المستقطب، أصبح عدد الناخبين المنفتحين على تبديل الموقف لأي سبب من الأسباب أقل بكثير مما كان عليه في الماضي. إضافة إلى ذلك، ثمة أربع قوى أعادت تشكيل المشهد الانتخابي بقوة منذ التقيا لأول مرة في انتخابات 2020.
اثنتان من هذه الديناميات تفيد الديمقراطيين واثنتان تدعمان الجمهوريين. في حديث للمجلة، قال المستشار الجمهوري الذي أصبح من أبرز منتقدي ترامب مايك مدريد: “سوف تكون (الانتخابات) متقاربة للأعوام العشرين المقبلة».
ما هي أكبر العوامل التي تفيد الديمقراطيين منذ انتخابات 2020؟ أولاً إنها جهود ترامب لإلغاء خسارته في تلك الانتخابات وادعائه المستمر بأنه كان ضحية عملية احتيال واسعة النطاق.
في استطلاع وطني أجرته شبكة سي بي إس بالتعاون مع يوغوف في أوائل الشهر الماضي، وافق ما يزيد بقليل عن نصف الأمريكيين على أن ترامب حاول البقاء في منصبه بعد انتخابات 2020 “من خلال نشاطات غير قانونية وغير دستورية».وقال مستطلع الآراء لمصلحة بايدن جون أنزالون: “ثمة أشخاص قد تعجبهم أجندته لكنهم لا يريدون العودة إلى الفوضى».
 
هدف عكسي
التغيير الكبير الآخر في البيئة الانتخابية منذ 2020 والذي يفيد الديمقراطيين هو القرار الذي اتخذته السنة الماضية الأغلبية المعينة من قبل الحزب الجمهوري في المحكمة العليا والقاضي بإلغاء الحق الدستوري بالإجهاض. لقد وجدت استطلاعات الرأي مراراً أن ثلاثة أخماس الأمريكيين أو أكثر يعارضون هذا الحكم ويفضلون إبقاء الإجهاض قانونياً في جميع الظروف أو معظمها.
وفي الولايات المتأرجحة مثل أريزونا وميشيغان وبنسلفانيا وويسكونسن، كان الدعم الواسع النطاق للإجهاض القانوني عاملاً رئيسياً في انتصارات الديمقراطيين على مستوى مناصب الحاكمية السنة الماضية. كما لاحظ مدريد، كان هذا القرار سبباً في تعزيز حركة النساء البيضاوات اللواتي تلقين تعليماً جامعياً باتجاه الديمقراطيين، وهو ما كان واضحاً منذ أن أصبح ترامب الشخصية المميزة للحزب الجمهوري.
 
نقاط قوة ترامب
بالمقابل، ثمة عاملان أضعفا بايدن ودعما ترامب منذ 2020. العامل الأقوى هو الاستياء من التضخم. بالنسبة إلى معظم الأمريكيين، تظهر استطلاعات الرأي أن ارتفاع الأسعار في السنوات القليلة الماضية قد حجب النمو المستمر في الوظائف والوتيرة المتسارعة لافتتاح المصانع الجديدة التي يروج لها بايدن الآن تحت شعار بايدنوميكس.
يقول الخبير الديمقراطي في استطلاعات الرأي الذي عمل مع الأحزاب اليسارية التوجه في العالم ستانلي بي غرينبيرغ إن التضخم المستمر مثل ذاك الذي شهدته الولايات المتحدة منذ 2021، يضر بشكل خاص بالحزب الحاكم. وأضاف أن العديد من السياسيين يفشلون في فهم المدة التي يستغرقها الناخبون ليشعروا بأنهم استعادوا استقرارهم المالي بعد فترة من التضخم، وهو خطأ يخشى أن البيت الأبيض يكرره الآن.
يشير بن تولشين، المنظم البارز لاستطلاعات الرأي الرئاسية للسيناتور بيرني ساندرز، إلى أن بايدن كان يكافح دائماً للتواصل مع الناخبين الشباب واللاتينيين. ولأن الكثيرين في كلتا المجموعتين لديهم دخل محدود، هم يشعرون بالإحباط بشكل خاص ويتعرضون للضغط بسبب ارتفاع الأسعار.
قال تولشين للمجلة نفسها إن دراسة مركزة أجراها هذه السنة وجدت أن حتى العديد من الناخبين الشباب الذين ينتقدون قيم الرئيس السابق “سيقولون إن الاقتصاد بدا أفضل في عهد ترامب”. ويقول مدريد إن تفضيل الجمهوريين على مستوى الأداء الاقتصادي هو العامل الرئيسي الذي يدفع الشباب اللاتينيين الأصغر سناً نحو الحزب الجمهوري، وهو تحول يساعد الحزب على مواجهة انجراف النساء البيضاوات اللواتي تلقين تعليماً جامعياً نحو البيت الأبيض.
وتعزز استطلاعات الرأي ضعف بايدن على هذه الجبهة. في استطلاع وطني أجرته شبكة أي بي سي/واشنطن بوست هذا الربيع، فضّل الأمريكيون ترامب بفارق 18 نقطة مئوية عندما سئلوا عما إذا كان هو أو بايدن يديران الاقتصاد بشكل أفضل. وفضّل الشباب ترامب على بايدن في هذا السؤال بنسبة 2 إلى 1.
 
شاهدنا هذا الفيلم من قبل
يقول مستطلع الآراء في 2024 لمصلحة ترامب جيم ماكلولين، إن ردة فعل الأمريكيين تشبه إلى حد كبير ردة فعلهم عندما قام الجمهوريون في مجلس النواب باتهام الرئيس آنذاك بيل كلينتون بسبب علاقته مع متدربة، بينما كان الاقتصاد مزدهراً في أواخر التسعينيات. وتابع ماكلولين “لقد شاهدنا أنا وأنت هذا الفيلم من قبل”، مجادلاً بأنه على الرغم من أن معظم الأمريكيين ربما لم يوافقوا على كلينتون شخصياً، إلا أنهم دعموه أثناء الاتهام “لأنهم اعتقدوا أن القطارات كانت تعمل في الوقت المحدد. لقد ظنوا أنه يقوم بعمل جيد».التغيير الكبير الآخر الذي يضعف الديمقراطيين هو أن بايدن أصبح أكبر سناً الآن. في استطلاعات الرأي، قال ما يصل إلى ثلاثة أرباع الأمريكيين إنهم يعتقدون أن بايدن أكبر من أن يخدم بشكل فعال كرئيس. ويعرب عدد أقل بكثير من الأمريكيين عن هذا القلق بشأن ترامب، بالرغم من أنه أصغر من بايدن بثلاثة أعوام فقط.
 
تحولات أخرى
لقد غيرت عوامل أخرى المشهد أيضاً منذ تنافس بايدن وترامب. أدى سوء إدارة بايدن للانسحاب من أفغانستان إلى إضعاف إحدى نقاط قوته الرئيسية سنة 2020، وهي سمعته كخبير في السياسة الخارجية. منذ ذلك الحين، ربما أدى حشد بايدن الفعال للدعم الغربي لأوكرانيا إلى إصلاح بعض هذا الضرر، حسب براونستين. على العكس من ذلك، إن التحول الذي ينبغي أن يفيد الديمقراطيين هو أن الناخبين البيض الذين لا يحملون شهادة جامعية، وهم أساس ائتلاف الحزب الجمهوري الحديث، مستمرون في الانكماش كحصة من الناخبين، في حين أن الجيل زد الذي يدعم أغلب أعضائه الديمقراطيين ينمو بسرعة.
ديناميات جديدة كاسرة للتوازن
ثمة أيضاً احتمال في أن تؤدي ديناميات جديدة إلى كسر هذا التوازن قبل نوفمبر (تشرين الثاني) 2024. من شأن ترشيح الجمهوريين أي شخص آخر غير ترامب أن يولد فرصاً وتحديات جديدة لكل جانب.
 وقد يكون الركود، بالرغم من أنه يبدو أقل احتمالاً مما كان عليه في وقت سابق من هذه السنة، مدمراً لبايدن.
وإذا أدانت هيئة محلفين ترامب بأي من التهم الموجهة إليه قبل الانتخابات، فسيكون الديمقراطيون متفائلين بحذر، لأن ذلك قد يؤثر على الناخبين بشكل أكبر من لوائح الاتهام. يعارض ماكلولين هذا الرأي على قاعدة أنه حتى في حالة الإدانة، قد يواصل المستقلون تفضيل ترامب، لأن الكثير منهم يعتبرون التهم ذات دوافع سياسية وأيضاً لأنه يُنظر إليه على أنه أفضل في الاقتصاد من بايدن.
حسب براونستين، يعتقد كثر على كلا الجانبين أن السيناريو الأكثر ترجيحاً هو أن يظل الطرفان عالقين في شكل من أشكال حرب الخنادق التي تجعل البيت الأبيض في متناول أي منهما.
وشبه براونستين بايدن وترامب بالملاكمين اللذين يعودان إلى الحلبة بعد وقت طويل من ذروة شبابهما. في جولة ثانية بين بايدن وترامب، قد لا تعتمد النتيجة على المرشح الأقوى بمقدار ما ستعتمد على المرشح الذي تُعتبر نقاط ضعفه غير مقبولة بالنسبة إلى العدد الأكبر من الناخبين في الولايات المتأرجحة التي ستقرر النتيجة.