أزمات سوريا لا تنتهي..600 ألف عائلة تدفع ثمن «قرار الخبز»

أزمات سوريا لا تنتهي..600 ألف عائلة تدفع ثمن «قرار الخبز»


أعلن رئيس الوزراء السوري، حسين عرنوس، أن الحكومة السورية لم تعُد قادرة على الاستمرار بنمط الدعم الواحد للمواطنين، والذي كان سائدا قبل قرار رفع الدعم عن 006 ألف عائلة في الداخل السوري.
وخلال حديثه لصحيفة “الوطن” المحلية، أكد عرنوس أن القرار يترتّب عليه مصاعبٌ لاسيما مع شحّ الموارد المالية والحصار الاقتصادي الذي يواجه البلاد، لكن النتائج الايجابية ستنعكس مستقبلا لأن هدف القرار هو اقتصادي بحت.
وحول حرمان آلاف العوائل من دعم مادة الخبز، أكد عرنوس أن الخبز لا زال خطّا أحمرَ، لكن ليس بمفهوم سعر ربطة الخبز، بل باستمرار الحكومة في دعم القطاع الزراعي، وتأمين مادة القمح والدقيق وتوفيرها للأفران وبأسعار مقبولة للمواطن.
وبيّن المسؤول الحكومي أن غالبية السوريين لا يعرفون كيف يتمُّ تأمين القمح والدقيق والوسائل المعتمدة لتوفيرها، موضحا أن الحكومة السورية تستورد، وبالعملة الأجنبية، متطلبات مواطنيها، واصفا ما تعيشه البلاد بالظرف الاستثنائي.

كساد الخبز في الأفران
ويشتكي أصحاب الأفران في المدن السورية التي شمِلها القرار من كساد كميات كبيرة من ربطات الخبز لديها بعد استبعاد آلاف العوائل من الدعم، وعدم قدرتهم على شراء احتياجاتهم من الخبز من الأفران الخاصة بسبب ارتفاع أسعارها، رغم اعتراضهم وتقديمهم شكاوى وطلبات بإعادة الدعم على منصة وزارة التجارة. ويقول “أبو محمد” وهو صاحب فرن في العاصمة دمشق، إن القرار تسبب في تكديس مئات ربطات الخبز في الأفران، فيما حُرمت آلاف العوائل التي رُفع عنها الدعم من حِصصهم اليومية، مؤكدا في حديثه لسكاي نيوز عربية، أن غالبية من حُرموا من الدعم هم فقراء والوضع الاقتصادي المتردي قد عصَف بعموم البلاد وتسبب بانهيار الطبقة المتوسطة التي تُشكل غالبية المجتمع، وأصبحت اليوم من الطبقة الفقيرة. وطالب أبو محمد بتدارك هذه الخطوة والتراجع عنها لما يترتب عليها من نتائج خطيرة، موضحا أن آلاف الأُسر ستعجز عن توفير قُوتها اليوميّ من الخبز.

ربطة خبز الحر بـ”2500” ليرة
نائلة شمّر، وهي موظفة حكومية وأرملة، حُرمت من الدعم بسبب امتلاكها سيارة منذ 25 عاما، تحدثت لـ”سكاي نيوز عربية” أنها لم تستخدم سيارتها منذ أكثر من سنتين لعجزها عن شراء مادة البنزين، وأضافت: “ لديّ سبعة أولاد نعيش على راتبي  الشهري الذي لا يتجاوز الـ125 ألف ليرة، مايعادل33 دولاراً، وأحتاجُ يوميّا لـ3 ربطات خبز كُنتُ أشتريها قبل رفع الدعم بـ 006 ليرة سورية، بينما ربطة الخبز في السوق السوداء بلغت 2500 ليرة، وأحتاج يوميا لـ  0075 ليرة  وشهريا لـ  0225 ليرة لشراء الخبز، وراتبي لا يكفي لسدّ جوع أطفالي من الخبز الحاف «.
وخلال حوار صحفي مع وكالة “سانا” الناطقة باسم الحكومة السورية، حدّدت معاونة وزير التجارة الداخلية، رشا كركوكي، السعر الحُر للخبز بـ  3100 ليرة سوريّة، مع بقاء سعر الربطة لمستحقي الدعم بـ 200 ليرة.
وأكدت كركوكي، أن مخصصات البطاقة الإلكترونية من المواد الأساسية ستبقى على حالها، لكن بالسعر المدعوم للمستحقين وبالسعر الحر للمستبعدين من الدعم، موضحةً أن تكلفة ربطة الخبز الفعلية على الدولة هي 1800 ليرة سورية.

المُستبعدون
ونشرت الصحفية لينا ديوب على صفحتها الخاصة على “الفيس بوك” عن أن جارها في مدينة  “مصياف” كان من ضمن الذين استُبعدوا من الدعم بحجة أنه خارج البلاد، مؤكدة أنه لايزال في سوريا ولا يمتلك جواز سفر أصلاً، الأمر الذي أكده لؤي حبيب وهو مدرس لغة فرنسية، استُبعدت عائلته من الدعم بحجة أن والده مسافر، وتحدث لسكاي نيوز عربية، أن والده ووالدته منفصلان منذ أكثر من 25عاما وانقطعت عنهم أخباره منذ عشرين عاما، ولا يعلمون ما إذا كان مسافرا حقا أو أنه متوفي.

 90 بالمئة تحت خط الفقر
وعلّق الخبير الاقتصادي مصطفى خليل على قرار الحكومة، بأنه يزيد الفجوة الاقتصادية والتضخم، لاسيما وأن أكثر من 90 بالمئة من السوريين يعيشون تحت خط الفقر، ويحتاج أكثر من 13 مليون سوري لمساعدات إنسانية بسبب عجز الأسر تأمين طعامها اليومي.
وبيّن خليل أن قرار الحكومة أعقبه قفزة كبيرة في أسعار المواد الغذائية في الأسواق، وأثقل كاهل المواطنين الذين كانوا تحتاجون يومياً قبل القرار لــ 380 ألف ليرة، ما يُعادل الـ 100 دولار، لشراء احتياجاتها اليومية من السلع المدعومة والعادية، وبعد القرار يحتاجون الآن إلى مليون ليرة شهرياً لشراء احتياجاتهم، أي ما يعادل الـ 300 دولار.
وأكد مصطفى أن سعر ربطة الخبز في السوق السوداء وصلت لـ  2500 ليرة، متوقعاً أن إجراء الحكومة الأخير سيخلق تضخُّماً جديداً في السوق السورية إن لم تُتدارك خطورته.